صندوق محمد السادس للاستثمار.. ذراع مالي للمغرب ولد من رحم "كوفيد" بطعم "وثيقة الاستقلال"

محمد فرنان

عيّن الملك محمد السادس بالمجلس الوزاري يومه 18 أكتوبر الجاري، محمد بنشعبون سفير المغرب في فرنسا مديرا عاما لصندوق محمد السادس للإستثمار.

وجاء في بلاغ صادر عن الديوان الملكي: "سيتم تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، وإضفاء دينامية جديدة على الاستثمار العمومي، بتوجيهه لمشاريع البنيات التحتية والاستراتيجيات القطاعية الطموحة، بما يعزز تنافسية المنتوج الوطني، وتقوية السيادة الوطنية، على المستوى الغذائي والصحي والطاقي".

الصندوق والجائحة

في هذا الصدد، أوضح هشام بنفضول، الخبير الاقتصادي، أن "الصندوق مغربي محض، أُسس بناءا على توجيهات ملكية، ووسط "الجائحة" ظهر بشكل جلي حاجتنا إليه، لكن التفكير فيه كان من قبل".

وأوضح أنه "اختير للصندوق شكل شركة مساهمة، لأنها تتميز بالوضوح والشفافية، ويُمكن لها في يوم الأيام الولوج إلى البورصة، وهذه نقطة مهمة جدا، والدخول في الشراكات مع القطاع العام والخاص، والبحث عن التمويل".

وشدد على أنه "في وقت الأزمات، يُوجد نوعين من الحكومات والدول، هناك من يتضرر أو يستفيد، والمغرب اختار الإستفادة من الأزمة".

وأكد أن "الاقتصاد المغربي يُؤهله ليخوض هذا الأمر، أولا وجود مستوى معين من التصدير مثل السيارات والفوسفاط، والصناعات الغذائية، وشيء من السياحة، والخدمات، وثانيا، المغرب له إمكانية للاستثمار في المشاريع الكبيرة التي يمكنها العودة بالفضل على الخزينة العامة".

تمويل الأولويات الكبرى

ولفت إلى أن "صندوق محمد السادس للاستثمار هو تابع للدولة، والميزانية التي ضخت فيه، 15 مليار درهما، وبالتالي الدولة أسسته للاستفادة منه".

ونبه إلى أن "الهدف منه هو تمويل المشاريع الكبيرة، التي لا تستطيع الأنباك تمويلها أو لا تعتبرها من الأولويات، مثلا مشكل الماء الموجود، مما يجعلنا في حاجة إلى إنشاء محطات تحلية مياه البحر، إذا ذهبت شركة لطلب قرض من البنك سيرفضون، إذن هذا الصندوق أُنشأ لتمويل الأولويات الوطنية الكبرى".

واسترسل قائلا: "الملك محمد السادس تحدّث في وقت سابق، عن الطموح لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الدواء والطاقة والصناعة والغذاء، ولا يمكن الوصول إلى ذلك إلا بالاستثمارات الكبيرة التي تتطلبُ ملايير الدراهم، ومن يمكنه ذلك هو الصندوق".

وأورد أن "الصندوق استراتيجي، للمشاريع الكبرى للدولة، التي نعتبرها أولوية، وحينما نقول استثمار، يعني يجب أن تحقق أرباحا، ستكون مشاريع تُفيد في الأولويات وفي نفس الوقت تُنعش خزينة الدولة".

ذراع مالي للدولة

وأكد أن "الصندوق سيكون ذراعا ماليا للوقوف على الأولويات ومواجهة المشاكل، والربح في نفس الوقت، في المستقبل سيمول نفسه بنفسه، وربما قد ينعش خزينة الدولة، مثل المكتب الشريف للفوسفاط، إذ لم نقم بقانون مالية تعديلي، ببساطة لأن المكتب الشريف للفوسفاط ضخ 12 مليار درهم في خزينة الدولة".

وأشار إلى أنه "يمكن للصندوق الذي نتحدث عنه، أن يقدم الفائض الذي عنده إلى الدولة".

بث الثقة عند المسثمرين 

هذه المبادرة، هل ستشجع المستثمرين للقدوم إلى المغرب بعد إنشاء الصندوق؟ ذكر أن "المستثمر سوف يتحفز للدخول إلى السوق المغربية لأنه سيرى الدولة تستثمر أموالها، وهذا يخلق جوا من الثقة لدى المستثمر".

وأوضح أن "الصندوق يجب أن يكون فيه 120 مليار درهما، أي 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهذا رقم ليس سهل، وحاليا فيه فقط 15 مليار درهما وضعت فيه من خزينة الدولة".

وأبرز إلى أنه "الصندوق يمكنه الاستثمار في دول أخرى خاصة في إفريقيا، ولكن هذا ليس هدفه في الوقت الحالي، لأنه يجب تحقيق الإكتفاء الذاتي بالمغرب، من المشاريع الكبرى، وحينما يحققُ الفائض".

وقال إن "هذه المبادرة ليست حسابا خصوصيا، مرتبط بمشروع معين، بل هو مثل الشركات القابضة، التي يكون العائد فيها لا يظهر إلاّ بعد عشر سنوات، له القدرة المالية للبقاء بدون أرباح مدة طويلة".

وأورد، "على المستوى القريب، سيعطينا رؤية واضحة على الأولويات الكبرى، أما على المستوى البعيد، سيكون ذراع مالي قادر على جلب آليات تمويلية مبتكرة، والأصل هي الأولويات الوطنية".

بطعم وثيقة الاستقلال

صادق مجلس الحكومة، الذي انعقد برئاسة سعد الدين العثماني يومه، الخميس 26 نونبر 2020، على مشروع قانون رقم 76.20 يقضي بإحداث "صندوق محمد السادس للاستثمار.

حينها قدّم محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، مشروع القانون على أنظار الوزراء والوزريات، وذلك تنفيذا للتعليمات الملك محمد السادس، الواردة في خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2020، الذي "حدد التوجهات الاستراتيجية الكبرى التي ينبغي العمل على تنزيلها لتدبير الأزمة التي يعرفها المغرب بسبب جائحة كورونا".

بعد مصادقة مجلسي النواب والمستشارين بالإجماع،  صدر في الجريدة الرسمية يوم 11 يناير 2021، الذي يوافق ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال.

وصادق مجلس الحكومة، يومه 04 فبراير في عهد سعد الدين العثماني على مشروع مرسوم رقم 2.21.67 يتعلق بتطبيق أحكام القانون رقم 76.20 القاضي بإحداث "صندوق محمد السادس للاستثمار."