عبد النبوي: استقلال السلطة القضائية جاء لحماية القاضي من كل تأثير أو تهديد

تيل كيل عربي

قال محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، خلال افتتاح المؤتمر الدولي للعدالة بمراكش، صباح اليوم الاثنين، إنه منذ عام، ولدت سلطة ثالثة بالمغرب، أعلن جلالة الملك محمد السادس عن تأسيسها بتنصيب مجلسها الأعلى يوم سادس أبريل 2017 بمدينة الدار البيضاء.

واعتبر عبد النباوي، في كلمته، أن استقلال السلطة القضائية لا يمكن أن يتحقق من خلال الدساتير والقوانين وحدها، بل إن استقلال السلطة القضائية هو فضلا عن ذلك، ممارسة وأعراف وتراكمات، موضحا أنه لا يمكن الحديث عن الاستقلال الحقيقي للسلطة ما لم يؤمن القاضي قبل غيره باستقلاله وتجرده عن الأهواء والتأثيرات بمختلف أشكالها وألوانها، ولا يمكن الحديث عن استقلالية السلطة القضائية ما لم يؤمن كل المتدخلين في حقل العدالة بحتمية هذه الاستقلالية، وتظافر جهودهم جميعا لتحقيق هدف أسمى وأوحد، هو ضمان اشتغال الآلية القضائية بتجرد وحياد واستقلالية.

واعتبر عبد النباوي، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاول من نوعه، حول موضوع "استقلال السلطة القضائية بين ضمان حقوق المتقاضين واحترام قواعد سير العدالة" أن استقلال القضاء ليس مزية للقاضي تحصنه وتحول بينه وبين المساءلة والمحاسبة الدستورية، ولكنها قاعدة قانونية وضعت لفائدة مبادئ العدل والانصاف ولحماية القضاة من كل تأثير أو تهديد يمكن أن يحيد بقراراتهم وأحكامهم عن تطبيق تلك المبادئ والالتزام باحترام القانون وتطبيق المساطر بعدالة ونزاهة وحياد.

وبالنظر إلى أن الفصل التام بين السلط الثلاث للدولة أمر غير ممكن، يقول الوكيل العام فإن التطبيق الأمثل لمبدأ الفصل بين السلط يقتضي خلق آليات للتعاون والتكامل ضمانا لوحدة الدولة ودينامية وفعالية مؤسساتها، من غير أن يكون هذا التعاون مبرراً لأن تسلب إحدى السلط اختصاصات السلط الأخرى، مشيرا إلى أن السلطة القضائية يمكن أن تكمل التشريع من خلال تفسير القانون ومن خلال الاجتهاد القضائي، ولكنها لا يمكن أن تضع قواعد قانونية ملزمة.

كما أن هذه السلطة القضائية يمكن أن تكمل عمل السلطة التنفيذية عبر اتخاذ بعض القرارات الولائية لإدارة الدعوى، ولكنها لا يمكن أن تحل محل الإدارة في اتخاذ القرارات التي تدخل في صميم اختصاصاتها، يضيف رئيس النيابة العامة.

وأعطى عبد النباوي مثلا بمجالات التماس بين عمل السلطة القضائية وبين عمل السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، قائلا إنه يجب أن لا تفضي إلى التدخل في شؤون القضاء. وهو ما يقتضي أن تفسر النصوص وفق ما يعزز استقلال السلطة القضائية، وأن تدفع الممارسة اليومية في اتجاه ما يضمن هذه الاستقلالية ويصونها، ما دام أن هذا الهدف تقرر دستوريا وقانونيا خدمة للمواطن والقانون لا خدمة لأعضاء السلطة القضائية.

وفي مراكش، احتفي بالسنة الأولى من عمر هذه السلطة القضائية الفتية، يقول عبد النباوي، مارست فيه هذه السلطة صلاحياتها باستقلال تام عن السلطتين التشريعية والتنفيذية تطبيقا للدستور.

واعتبر عبد النباوي في كلمته، التي تلاها أمام ممثلين عن 80 دولة من مختلف أنحاء العالم تشارك في المؤتمر، الذي يستمر إلى رابع أبريل الجاري، أنه إذا كان المجلس الأعلى للسلطة القضائية تأسس بتاريخ 6 أبريل من السنة الماضية، فإن اكتمال استقلال السلطة القضائية لم يكتمل في واقع الأمر إلاَّ بتاريخ 07 أكتوبر 2017 الذي تم فيه نقل السلطات على النيابة العامة من وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا.