كواليس اجتماع هدد فيه الرميد بطلب الثقة للبقاء في المسؤولية

الشرقي الحرش

 شهد مجلس النواب أمس الأربعاء صداما غير مسبوق بين مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، وممثلي أحزاب الأغلبية في لجنة العدل والتشريع أثناء مناقشة مشروع القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

اجتماع في الكواليس

 تشير المعطيات التي حصل عليها موقع "تيلكيل عربي" أن الخلاف بين الرميد ونواب الأغلبية بدأ منذ المناقشة التفصيلية لمشروع القانون، لذلك عمل جاهدا على إقناعهم بسحب عدد من التعديلات قبيل بدء المناقشة والتصويت على المشروع.

في هذا الصدد، عقد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان اجتماعا مع ممثلي الأغلبية بحضور الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، وممثلا عن وزارة الداخلية، وآخر عن إدارة الدفاع الوطني، حيث نجح الرميد في اقناع ممثلي الأغلبية بسحب عدد من التعديلات، فيما ظلت أخرى عالقة، قبل أن تفجر الوضع أثناء المناقشة والتصويت.

أبرز لحظات الصدام بين الرميد وممثلي الأغلبية كانت حول المادة 4 من مشروع القانون، التي نصت على أن المجلس يبدي رأيه في كل قضية يعرضها عليه الملك، إلا أن نواب الأغلبية أدخلوا تعديلا عليها يقضي بأن طلب رأي المجلس يتم من طرف الملك والحكومة والبرلمان، وهو ما أثار غضب الرميد، الذي اعتبر أن البرلمان ليس في حاجة لرأي المجلس بحكم الاختصاصات والآليات التي يملكها، خاصة حقه في تشكيل لجان تقصي الحقائق.

ورغم معارضة الرميد، وترديده أكثر من مرة أنه ليس وحده من وضع هذا المشروع، الذي خضع بحسبه لمشاورات مطولة مع مختلف الجهات، إلا أن البرلمانيين صوتوا بالإجماع على هذا التعديل رغما عنه.

النقطة الثانية، التي أُثارت غضب الرميد هو تعديل تقدم به الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، ويتعلق الأمر بالمادة 23 من نص المشروع، التي نصت على أن "المجلس يتولى دراسة مدى ملائمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل مع المعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها، وكذلك الملاحظات الختامية والتوصيات الصادرة عن أجهزة الأمم المتحدة "، إلا أن ممثل حزب الاستقلال عمر عباسي رفض هذه الصيغة واعتبرها مخالفة للدستور، مبرزا أن ملائمة النصوص مع المعاهدات الدولية يجب أن تنحصر في المعاهدات التي صادق عليها المغرب، وليس التوصيات التي لا تلزمه، إلا أن الرميد أعلن رفضه لهذا التعديل، رغم أنه كشف لأول مرة أنه في الأصل غير متفق مع الصيغة المذكورة، بل إنه أوقف مشروع القانون لأشهر خلال الولاية السابقة، قبل أن يتم التحكيم بينه وبين رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، انتهى بقبوله لها، مضيفا أن "القرار ليس قراره وحده، والله غالب".

ورغم الضغط الذي مارسه الرميد على نواب العدالة والتنمية، إلا أنه لم يفلح في اقناعهم بالتصويت ضد تعديل الفريق الاستقلالي، حيث اختاروا الامتناع عن التصويت، الشيء الذي فتح الباب أمام مرور التعديل بسهولة، بعدما صوت لصالحه كل من حزب الاستقلال والأصالة والمعاصرة.

تفجر الوضع

 النقطة التي فجرت الوضع بشكل غير مسبوق بين الرميد ونواب الأغلبية كانت هي المادة 35 من مشروع القانون المذكور، حيث انحصر الخلاف حول تمثيلية البرلمانيين داخل المجلس، وكذا حق رئيس الحكومة في تعيين أربعة أعضاء دون استشارة رئيس المجلس.

مصدر من داخل الأغلبية، قال في اتصال مع "تيلكيل عربي" إنه من غير المعقول أن يكبل رئيس الحكومة الذي انتخبه الشعب باستشارة رئيس المجلس في تعيين أربعة أعضاء، كما أنه من غير المعقول أن يتم تغييب ممثلي الشعب عن تركيبة المجلس. ومقابل تصلب مواقف نواب الأغلبية، وتشبثهم بضرورة تواجد أربعة نواب ضمن تشكيلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قال الرميد "إن الأغلبية لا يمكن أن تصوت ضد الحكومة، قبل أن يخاطب النائب سليمان العمراني قائلا "أنت نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وتصوت ضد الحكومة، إلى بقى الوضع هكذا غادي نطلبو الثقة لمواصلة المسؤولية، وإلى معندناش أغلبية نمشيو".

ورغم الضغوط التي مارسها الرميد والغضب الذي عبر عنه، إلا أنه لم يفلح سوى في تحييد سليمان العمراني، ومريمة بوجمعة أعضاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، اللذان امتنعا عن التصويت، فيما صوت باقي النواب لصالح التعديل أغلبية ومعارضة، كما صوتوا لصالح التعديل القاضي بأحقية رئيس الحكومة في تعيين أربعة أعضاء دون استشارة رئيس المجلس، وهو ما جعل الرميد يمتنع عن الكلام، ويكتفي بالقول "إن الحكومة لم يعد لها رأي عدلوا ما شئتم".

سيناريوهات مفتوحة

تشير المعطيات التي حصل عليها موقع "تيلكيل عربي" أن النقاش حول مشروع القانون المثير للجدل سيظل مستمرا، وقد يتسبب في أزمة بين الحكومة وأغلبيتها، خاصة أن فريق العدالة والتنمية الفريق النيابي الأول بمجلس النواب ليس على وفاق تام مع الحكومة. وأمام هذا الوضع، فإن الحكومة أمام خيارين، إما القبول بهذه التعديلات، أو البحث عن تفاهمات قبل التصويت على المشروع في الجلسة العامة، وإعادته للدراسة مرة أخرى في لجنة العدل والتشريع.