وكالة الموانئ تعلن طلب للعروض يهدد بعودة مخاطر الجرف التجاري للرمال

عملية جرف الرمال بشاطئ مهدية - أرشيف
أحمد مدياني

أعلنت الوكالة الوطنية للموانئ مؤخرا عن طلب عروض تحت رقم 2017/53 يتعلق بـ"جرف الرمال للصيانة" بعدد من المناطق الساحلية، وقد ضمنت الوكالة الطلب بمنح ترخيص الاستغلال والاتجار في الترسبات المجروفة، رغم أن القانون 27.13 المتعلق بالمقالع، ميز في مادته الأولى بين "جرف الصيانة" و"جرف الاستغلال"، وأخضع كلا النشاطين إلى ترخيص خاص، مع تشدد كبير مع نشاط "جرف الاستغلال" لما يمثله من مخاطر على البيئة والحياة البحرية.

ويأتي طلب العروض، بعد إصدار المشرع المغربي، سنة 2015، لأول قانون مفصل ينظم قطاع المقالع، بما فيه نشاط "جرف الرمال" الذي تسبب في كوارث بيئية في عدد من الشواطئ المغربية، وكان موضوع لجنة برلمانية استطلاعية خلال العام ذاته.

 ومن بين الشواطئ التي تضررت بشكل كبير، حسب خلاصات اللجنة البرلمانية الاستطلاعية، التي لم تُكمل مهامها بسبب انتخابات 2016، شاطئ "مهدية"، الذي تسبب جرف رماله في كارثة، بعدما انهيار الشاطئ بأكثر من أربعة أمتار.

كارثة المهدية وقف عليها تقرير لمكتب الدراسات الدولي "SOGREAH"، الذي أنجز سنة 2011 دراسة بطلب من وزارة التجهيز في عهد الوزير عزيز الرباح.

وأشار التقرير، الذي اطلع على خلاصاته "تيل كيل عربي"، إلى إن "نشاط جرف الرمال لسنوات طويلة ودون ضوابط، خلف آثارا بليغة على البيئة البحرية التي عرفت تحولات كبيرة، أبرزها هجرة أنواع كثيرة من الأسماك بعد تدمير مبايضها بواسطة الجرف وتغيير النظام الإيكولوجي لمياه البحر".

كما تسببت التغيرات البيئة في المنطقة، في تأثر نشاط الصيد الساحلي، ما اضطر معه مهنيو الصيد في المهدية إلى مغادرتها نحو مصايد في الصخيرات والمحمدية وبوزنيقة والدارالبيضاء".

وكانت الوضعية الكارثية لشاطئ "مهيدية" موضوع تقارير واحتجاجات من الجمعيات المدافعة عن البيئية وأساتذة جامعيين إضافة إلى جمعيات حماية المال العام.

كذلك، كانت وضعية الشاطئ ذاته، موضوع تقرير للمجلس الأعلى للحسابات صدر سنة 2013، تحدث عن خطورة استمرار نشاط جرف الرمال في ظل غياب إطار قانوني واضح، كما استعرض تقرير قضاة مجلس إدريس جطو الخروقات التي صاحبت عملية جرف الرمال وغياب المراقبة والفرق الشاسع بين كميات الرمال/الترسبات التي يتم تسويقها وتلك التي يتم التصريح بجرفها، حيث سجل المجلس فرقا يصل إلى قرابة 61 في المائة.

مصادر جيدة الاطلاع على الملف قالت لـ"تيل كيل عربي" إنه "في الوقت الذي عمد المشرع المغربي إلى سد الفراغ التشريعي وميز في مادته الأولى بين جرف الصيانة الذي يعتبر ضروريا بالنسبة للملاحة النهرية وولوج البواخر للموانئ، وبين جرف الاستغلال الذي يعد نشاطا استثنائيا، أحاطه القانون 27.13 بشروط صارمة بهدف حماية البيئة والحفاظ على الساحل و البيئة البحرية،  عمدت الوكالة الوطنية للموانئ في طلب العروض على المطابقة بين "جرف الصيانة" مع "جرف الاستغلال".

وشددت مصادر "تيل كيل عربي" على أن ما قامت به الوكالة "يدخل حصرياً ضمن صلاحيات وزير الاقتصاد والمالية من خلال مديرية أملاك الدولة التابعة لها، على اعتبار أن القانون يخول لهذه الإدارة صلاحية التصرف في أي منتوج استخرج من ملك الدولة، وبما أن الملك العام البحري كذا المينائي يدخل ضمن أملاك الدولة، فإن ترخيص مديرة الوكالة الوطنية للموانئ لشركة معينة بتسويق المواد المترسبة، خرقا للقانون".

"تيل كيل عربي" حاول أخذ وجهة نظر الوكالة الوطنية للموانئ، وذلك بالاتصال بمصالحها منذ يوم الثلاثاء 3 أكتوبر الجاري، ليأخذ الموقع وعداً بالرد من طرف القسم القانوني للوكالة، إلا أنه تعذر التواصل مع المسؤولين داخله، بمبرر أن "لديهم مهمة خارج الوكالة"، حسب ما نقلته موظفة تعمل في القسم، وطلبت إعادة الاتصال في اليوم الموالي، أو انتظار اتصال من القسم.

وأعاد "تيل كيل عربي" التواصل مع الوكالة يوم الأربعاء 4 أكتوبر الجاري، لتطلب نفس الموظفة إعادة الاتصال في وقت لاحق، ومرة أخرى بمرر أن المسؤولين في مهمة خارج الإدارة، ثم اتصل الموقع اليوم الجمعة، دون رد، ودون أن يتلقى أي توضيحات من الوكالة الوطنية للموانئ.