1/2.. حميد شباط: ولد الرشيد يحكم الصحراء فهل نمنحه المغرب كله؟.. وسأترشح باسم "الاستقلال"

أحمد مدياني وحسام حتيم

بعيدا عن لغة الخشب، يكشف الأمين العام السابق لحزب الاستقلال،  حميد شباط، في حواره مع "تيلكيل عربي" و"Telquel"، كواليس وأسباب عودته إلى المغرب، وكيف سيواجه قرار منعه من الترشح برمز "الميزان". قرار قال إنه صادر عن قيادة "لن تعرتف حتى بعلال الفاسي لو كان حيا".

وفي الجزء الأول من هذا الحوار، يتطرق شباط لطبيعة علاقته مع اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال. هل يطمع في منحه تزكية للعودة إلى البرلمان بألوان الميزان؟ أم له أهداف أخرى لا تتجاوز حدود مدينة فاس؟

كما يتحدث الأمين العام السابق، باسهاب، عن قرار عودته إلى المغرب، وحقيقة استهدافه من طرف مجموعة من الأطراف، خاصة الرجل القوي اليوم داخل اللجنة التنفيذية حمدي ولد رشيد. والذي قال عنه إنه "يحكم الصحراء، فهل نمنحه المغرب كله؟"

هل ينحني شباط أمام قرار اللجنة التنيفذية برفض ترشحه؟ أم يواجهها؟ وما هي الأسلحة التي سوف يشهرها في وجهها قبل اغلاق باب منح التزكيات؟

*عدتم إلى المغرب وخلقتم الحدث سياسيا لأنه سبق وقررتم مغادرته بصفة شبه نهائية. لا تزال مجموعة من علامات الاستفاهم تحوم حول هذا الرجوع. هل عدتم للترشح للانتخابات فقط؟

حميد شباط قبل وبعد المؤتمر الأخير، اختار أن يأخذ فترة راحة أو نقاهة كما يصفونها. فترة اخترت أن أهتم فيها بصحتي ومراجعة بعض الأمور التي حدثت خلال السنوات الأخيرة.

أنا منذ الصغر أشتغل في العمل النقابي والسياسي، وسفري إلى الخارج كان بالأساس للاهتمام بصحتي وزيارة الطبيب، ولا شيء آخر من الذي راج.

*هل كان لك تواصل مع حزبك "الاستقلال" أو أعضائه خلال فترة تواجدك خارج المغرب؟

نعم. لم أكن غائبا عن المغرب كما قلت بصفة نهائية. كان عندي تواصل مع ما يحدث في الساحة السياسية، وكنت أتابع كيف تسير الأمور، خاصة ما يهم قرب المؤتمر الوطني لحزب الاستقلال.

 أنا "دفنت الماضي"، ولن أعود إليه سوى في الجوانب التي تهم الحزب في حاضره ومستقبله.

لم يسبق أن كان لي موقف من أنني نجحت أو لم أنجح في الاستمرار أميناً عاماً للحزب، والدليل أنه مباشرة بعد انتخاب الأخ نزار بركة، تناولت الكلمة، ورغم الغضب الذي ظهر داخل القاعة، بادرت لرفع شعار وحدة الحزب، وتحدثت مع أعضاء المجلس الوطني، وشددت على ضرورة الاشتغال حزباً واحداً.

وأريد أن أسجل أن ما قمت به بعد فوز نزار بركة بقيادة الحزب، لم يحدث حين فزت أنا بالأمانة العامة خلال العام 2012، وتابعتم ما وقع حينها بعد المؤتمر الـ16، والدعوى القضائية التي استنزفت مجهوداً كبيراً منا لمدة 3 سنوات.

لم يسبق لحميد شباط أن نظر إلى الوراء، وعبأت في الفروع والأقاليم، خاصة فاس، ليكون الجميع خلف الأمين العام للحزب.

*بما أنك لا ترغب في الحديث عن الماضي. أين يرى شباط نفسه اليوم؟

اليوم أنا عدت لخدمة بلدي ومدينتي والتحرك والاشتغال في الحقل السياسي الذي يحتاج مبادرات وتصريحات وتجمعات والاتصال بالمواطنين.

لازلت إلى اليوم أقوم بدوري كبرلماني في ما يتعلق بالتواصل مع الذين منحوني أصواتهم، كما لم أتخلى عن التحرك بصفتي الحزبية. أنا قيادي داخل حزب الاستقلال، وسوف أبقى أتحرك بهذه الصفة.

وهنا يجب أن أشير إلى أنه لاحظت بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، نوعا من الفتور في الحقل السياسي، وأنا متخوف من أن نشهد عزوفاً خطيرا عن المشاركة في الانتخابات، وهذا الأمر سوف يؤدي إلى نتيجة واحدة خطيرة، وهي: إعادة نفس السناريوهات التي وقعت في 2011 و2016.

*ما هي الخطوات التي باشرتها داخل الحزب بعد عودتك، خاصة على مستوى مدينة فاس؟

اشتغلنا ووحدنا الرؤى عند الإخوان. وعالجنا مجموعة من الحالات بالنسبة للاخوان الذين قرروا مغادرة الحزب في وقت سابق، كما باشرنا عودة من تم توقيفهم بسبب أخطاء بسيطة. منذ عودتي،  اشتغلت على تجميع البيت الداخلي للحزب في فاس، والتواصل مع الساكنة من جديد.

نحن مقتنعون أنه خلال ولاية المجلس الجماعي للمدينة الحالية، دمرت فاس، والمشاريع مجمدة، بل عدنا 30 سنة إلى الوراء.  السؤال الآن هو:  كيف سوف يتصرف الحزب اتجاه هذه المبادرات؟

*نعم هذا هو السؤال. كل ما تقوم به باسم حزب الاستقلال، لكن قيادته ترفضك، بل اتخذت قراراً بعدم تزكيتك للترشح للانتخابات المقبلة، بل وحل كل الأجهزة الحزبية بمدينة فاس؟

القيادة يجب أن تكون حكيمة. ويجب أن تكون راشدة ورشيدة. يجب أن تكون ما أصفه بـ(زنبيل، ومنديل، ومرضي الوالدين).

عندما نقول القيادة فإنه من المفروض عليها أن لا تقودنا إلى الخسران.

بالنسبة لي شخصياً، عندي قناعة أنه هناك حنين إلى عودة حزب الاستقلال لقيادة الحكومة، وقيادة مدينة فاس، لكن ما حدث مؤخراً، يجعلني أطرح علامة الاستفهام حول أهداف اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال.

ما وقع لا يهم مدينة فاس فقط، بل هناك حملات لطرد مجموعة من المناضلين وحل عدد من الفروع، وهناك استقالات في مجموعة من الأقاليم.

*(مقاطعا) ما يقع يعنيك أنت. يعني إذا تم حل هذه الأجهزة فإنه جواب مباشر من قيادة الحزب عن قرار عودتك للتحرك باسمه.

أود أن أكمل فقط تفاصيل ما يقع اليوم، وسوف نعود إلى هذا الموضوع بالتفاصيل.

قلت، إن ما يقع كارثي. اليوم، قيادة الشبيبة الاستقلالية رفضت قرار حل الفروع تعرضوا للطرد أو تجميد العضوية أو الاحالة على لجنة التأديب.

هذا السلوك الصادر من قيادة الحزب، أظن أنه يضر به وبطموحه في تصدر المشهد الانتخابي خلال الاستحقاقات القادمة.

وبالعودة إلى سؤالك. أنا كنت في السابق أعتقد أن قرارات اللجنة التنفيذية تستهدف شباط فقط، وأجهزة الحزب في مدينة فاس، لكن أعتقد أن من يقودون الحزب اليوم، يدبرون الانتخابات من منطلق التحكم في نتائج المؤتمر الوطني المقبل.

هذا خطير. الانتخابات شيء، والمؤتمر الوطني للحزب شيء آخر. القيادة الآن إذا لم تجتمع وتحل مجموعة من المشاكل على المستوى الوطني، أعتقد أن النتائج سوف تكون كارثية.

بالإضافة إلى كل ما سبق، أنا أمين عام سابق لحزب الاستقلال وكاتب عام سابق لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، كيف  لاتعطني حريتي في التعبير والمشاركة من داخل الحزب، وكان لي الفضل رفقة مجموعة من الشباب لاستعادة مدينة فاس في الاستحقاقات الانتخابية، والتي كنا فقدناها منذ العام 1992، بسبب تفريط بعض القادة سامحهم الله.

اليوم من يخرق القانون داخل الحزب هي اللجنة التنفيذية، لأنها حسب النظام الأساسي يجب أن تنفذ القرارات التي يتخذها المجلس الوطني، ولا يحق لها حتى الحسم في تزكيات الترشح للانتخابات.

عندنا داخل الحزب قوانين يجب أن نحتكم إليها، وهي أساسا قرارات المؤتمر الوطني والمجلس الوطني. من حقها أن تسهر على كيان الحزب وهياكله، ولكن ليس بقرار واحد أو اثنين فقط منها.

كما لا يحق للجنة التنفيذية اتخاذ قرار حل أحد فروع الحزب أو تطرد أعضاءه، هناك لجنة للتحكيم هي المنوط بها اتخاذ هذه القرارات

بالإضافة إلى ذلك، مجموعة من المسؤولين قدموا استقالتهم من الأجهزة الإقليمية، ولا أحد من القيادة كلف نفسه عناء الاتصال بهم والاستماع عليهم.

دون أن ننسى أننا اتفقنا خلال آخر مؤتمر، أي الـ17، على عقد مؤتمر وطني استثنائي من أجل تعديل القوانين الأساسية والداخلية للحزب، ولا أحد يتحدث اليوم من القيادة عن هذا الالتزام، والاتفاق ينص على أن المؤتمر يجب أن يعقد إما خلال شهر شتنبر أو أكتوبر من العام الجاري، بل لم يطلبوا حتى من المجلس الوطني طرح الموضوع للنقاش وإعلان التأجيل بسبب ظروف "كورونا" أو أي شيئا آخر.

قيادة وفروع الحزب بدأت في منح التزكيات للمرشحين، ويتم تدبير هذا الأمر بعقد اجتماعات داخل المنازل حول موائد العشاء والغذاء، بالإضافة إلى استقطاب مجموعة من المرشحين من أحزاب أخرى، والأصح أن قوانين الحزب واضحة في هذا الصدد، وتنص على ضرورة تشكيل لجنة للترشيحات في ما يتعلق بمنح التزكيات للترشح للانتخابات التشريعية باسم "الاستقلال".

وبعد طرح السؤال حول غياب لجنة الترشيحات في الوقت الذي تطوف القيادة حول المغرب لمنح التزكيات، جاء المجلس الوطني الأخير، واقترحت اللجنة التنفيذية مجموعة من الأسماء لتشكيل لجنة الترشيحات، مع العلم أن الدورة الأخيرة لبرلمان الحزب، حضرها 257 عضواً من أصل 1400 عضو.

*قرار اللجنة التنفيذية في حقك اتخذ وتم الاعلان عنه. ما هي خطوتك التالية؟

الآن نحن نطالب بأن تعيد القيادة النظر في التزكيات التي أعلنت عن منحها لمجموعة من الأشخاص في وقت سابق، سواء في الانتخابات التشريعية أو الجماعية.

وأن تشرع لجنة الترشيحات في تلقي الطلبات ومعالجتها، واخبار جميع أعضاء الحزب بأشغالها وقراراتها، مع الأخذ بعين الاعتبار أنها حددت آخر أجل لتلقي طلبات الترشيح يوم الخامس من شهر يوليوز القادم.

*هل تقدم حميد شباط بطلب للترشح للانتخابات التشريعية باسم حزب الاستقلال؟ وحين رفض، قلت مع نفسك سوف أركز على الجماعية كي لا تصبح عودتي إلى المغرب بدون نتيجة

أنا لا تهمني الانتخابات التشريعية اليوم، أنا أشتغل على دخول غمار الانتخابات الجماعية.

ما يهم اليوم هو احترام المعايير القانونية في قبول طلبات الترشح ومنح التزكيات، لأن عددا من الذين توافدوا على الحزب، لا تتوفر فيهم الشروط حتى لقبول طلبهم، فما بالك بمنحهم التزكية للترشح باسم "الاستقلال".

هل ستقوم لجنة الترشيحات التي شُكلت باحترام القانون؟ أم هي مجرد خطوة لدر الرماد في العيون؟ سوف ننتظر نتائج قراراتها، وإذا تمت تزكية نفس الأشخاص الوافدين مؤخراً، أعتقد أنها ستكون هناك كارثة.

بل أكثر من ذلك، يجب أن تأخذ القيادة بعين الاعتبار، أن مجموعة من الوافدين جدد، عادوا من حيث أتوا، آخرهم عبو في تاونات، والذي قرر العودة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار.

أنا أرى أن قيادة حزب الاستقلال اليوم، تهمها الحكومة بأي ثمن، وأصبحت تبحث عن تزكية أسماء جلهم من الوافدين، بل همشت المعركة الانتخابية على مستوى الجماعات.

*لكن سلوك استقطاب الوافدين الجدد حصل حتى خلال فترة ولايتك على رأس حزب الاستقلال، وتقوم بانتقاده اليوم!

لست ضد استقطاب أسماء للترشح باسم الحزب. يمكن أن يكونوا 5 إلى 10 في المائة، لكن أن يكونوا تقريبا الأغلبية، صعب جداً.

أنا أكرر وأشدد على أنني متخوف من العزوف بسبب مجموعة من السلوكيات، أبرزها استمرار "ميركاتو" تغيير المرشحين بين الأحزاب، والعزوف عن المشاركة سوف يؤدي لنتيجة واحدة، وهي فوز حزب العدالة والتنمية مجدداً بالانتخابات التشريعية.

الفوضى الحاصلة اليوم في منح التزكيات تنبئ بالعزوف عن المشاركة في الانتخابات، خاصة في المدن الكبرى، مع العلم أنها تضم أكثر من 55 في المائة من عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية.

*بعد عودتك هل كانت لك اتصالات مباشرة مع اللجنة التنفيذية للحزب؟ وما هي طبيعة العلاقة اليوم بينك وبينهم؟

سوف أبداء من اليوم. العلاقة الآن بالنسبة إلي، أراها من منطلق الشخص المقتنع بأنه لا يمكن في كل مرة أن أخبرهم "أنا هنا"، يعني "ما نبقاش" كل يوم السلام عليكم.

أنا تعاملت مع الأمين العام الأسبق السيد عباس الفاسي، من منطلق أنه دائما أمين عام خلال الحديث إليه، ولم يسبق لي أن خاطبته بصفة الأمين العام السابق داخل الحزب.

ودعوته لحضور المجلس الوطني عندما كنت أمينا عاماً، أوصلها له دائما بنفسي إلى منزله، وليس عبر البريد كما يعاملونه هو بنفسه اليوم، وعندما يحضر يجلس في المنصة ويعطي رأيه في كل القضايا، اللجنة التنفيذية الحالية قطعت الخط مع الجميع، حتى السيد عباس الفاسي كما قلت، ولو كان علال الفاسي حيا لا أظن أنهم سيعرفونه.

هناك أغلبية داخل اللجنة التنفيذية صُنعت وتهدد هوية الحزب. اليوم يأتي أحد الأعضاء "قطر بيه السقف" كما نقول، ويبدأ في الحسم في التزكيات، رغم أن القانون واضح، بالنسبة للانتخابات التشريعية هناك لجنة الترشيحات التي تدرس ملفات الطلبات المعروضة عليها، وبالنسبة للانتخابات الجماعية الفروع هي من تحسم في منح التزكيات.

والآن كل ما رصدوا فرعاً ضدهم في منح التزكيات لأشخاص بعينهم، يتم اتخاذ قرارات الطرد أو التجميد أو حل الفروع كما وقع في فاس ونفس الشيء سوف يقع في مدن أخرى.

أنا أطالب، بأن نحصن مؤسسة الأمانة العامة، لأنها مهمة داخل الحزب، ولا يجب أن نورطها في تصفية الحسابات، ولا يجب أن تفرض عليها مثلاً تزكية اندماج بين حزب الاستقلال وحزب آخر في منطقة نواحي الدريوش، مع العلم أن هذا القرار يتطلب عقد مؤتمرات استثنائية وأن تقرر الأجهزة الوطنية فيه، وليس من صلاحيات اللجنة التنفيذية ذلك.

*في ما يتعلق بموضوع اللجنة التنفيذية والأغلبية الحاكمة داخلها كما وصفتها. هناك من يدفع بأنه نزار بركة "لا يقرر شيئا" داخل الحزب، وأن "الآمر الناهي" هو حمدي ولد رشيد

هذه القناعة مع كامل الأسف أصبحت لغة الناس من خارج حزب الاستقلال، وهذا هو الخطير، ما طرحته في سؤالك أصبح جملة شعبية، وليست قناعة عند مجموعة من الاستقلاليات والاستقلاليين فقط.

السيد حمدي ولد رشيد رجل مزيان ما فيها باس. وهنا أريد أن أذكره أنه في الظروف الصعبة لم يجد سوى حميد شباط بقربه.

*كيف؟

لا أريد أن أعود بالتفاصيل، يكفي الإشارة إلى أكلموس وما إلى ذلك، لم يجد سوى حميد شباط، رغم أن الظروف حينها كانت صعبة وكبيرة جدا.

كل واحد يجب أن يلزم حدوده. سي حمدي هو الآن منسق الجهات الثلاث، لكن نراه يطوف المغرب شمالا وشرقاً وغرباً، وهذا يدل على أنه هناك مخطط، أرى فيه أنا شخصيا خطراً.

هذا حاكم جهات الصحراء الثلاث، ونزيده المغرب ككل، أين سوف نصل؟ !

ويجب أن يعرف المغاربة أيضاً، أن سي حمدي ولد رشيد، ابنه هو المسؤول الفعلي عن الشبيبة الاستقلالية والجمعيات والمنظمات الموازية، ويتخذ قرارات بالطرد وتجميد العضوية دون علم أعضاء المجلس الوطني للحزب.

كما يجب أن يعرف أنه الأشخاص الستة الذين يحركهم في فاس، لن يستطيعوا زعزعت ما راكمناه داخل المدينة، لأننا عشنا مع بعضنا 40 سنة، ونعرف بعضنا البعض جيداً، والاستمرار في شحن هؤلاء سوف يتسبب في كارثة يوماً ما.