"نشعر ببالغ الارتياح أن المغرب لا يوجد ضمن هذه اللائحة السوداء، لأن ذلك كان سيكون مسيئا وذا تداعيات سلبية جدا على علاقتنا بالاتحاد الأوروبي، وعلى صورة المغرب في العالم"، يقول مصدر مأذون من وزارة المالية لـ"تيل كيل"، فماهي أسرار معركة الساعات الأخيرة التي قام بها المغرب، لتفادي الضربة الموجعة، التي وجهت لـ17 بلدا؟
محمد بوسعيد ، وزير الاقتصاد والمالية، وناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، كانا خلال الخمسة أيام الماضية يخوضان غمار حرب لإخراج المغرب من اللائحة السوداء، التي اعتمدها وزراء مالية الاتحاد الأوربي، اليوم (الثلاثاء)، ووضع فيها 17 دولة.
وحسب مصادر "تيل كيل"، فإن وزراء المالية في دول الاتحاد الأوربي، طلبوا من أخصائيين في الاتحاد تفحص النظام الضريبي للدول الشريكة للاتحاد، ومن بينها المغرب، وتم إعلام المغرب بزيارة فريق الخبراء في يونيو الماضي، إلا أنهم لم يحضروا، وبعثوا في المقابل استمارة، أجاب عليها المغرب في 23 أكتوبر الماضي، فكان استنتاج الأوروبيين أن النظام الضريبي للمغرب، يتضمن آليات تسمح بالتهرب الضريبي.
الخبراء وضعوا المغرب في مرماهم، فاهتموا بالأنظمة الخاصة بالمناطق الحرة، والتحفيزات الضريبية للمصدرين، وأيضا المركز المالي "الدار البيضاء فينونس سيتي"، ورغم التوضيحات المقدمة، قرر الخبراء خلال اجتماعهم في 27 نونبر الماضي، أن المغرب جنة ضريبية.
اللائحة لم تكن رسمية إلا بحلول اليوم (الثلاثاء) 5 دجنبر خلال اجتماع لوزراء المالية الأوربيين، فقال المصدر ذاته: "لقد علمنا بأنه سيكون هذا الاجتماع، وبأن المغرب يظهر في اللائحة السوداء، لذلك تعبأنا، وقدنا تحركات في الأيام الخمس الماضية، ومارسنا ضغط كبيرا لدى الوزراء، ولدى مفوضية الاتحاد الأوربي، ومجلس الاتحاد الأوربي، لعرض وجهة نظرنا"، يضيف مصدر "تيلكيل".
إقرأ أيضا: الاتحاد الأوروبي يضع المغرب في اللائحة الرمادية لـ"الجنات الضريبية"
وركز الوفد المغربي، في تحركاته، على "أن المغرب ليس جنة ضريبية، وليس لديه نظام ازدرائي أو مضر بالاقتصاد الأوربي"، فقبل محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، وناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، على طلب تعهدين أوربيين يبرزان حسن نية المملكة، الأول يتمثل في المصادقة على الاتفاقية المتعددة الأطراف لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ومجلس أوروبا، المتعلقة بالمساعدة الإدارية المتبادلة في المسائل الضريبية، والتي تهدف إلى إرساء كل أشكال تبادل المعلومات الضريبية والمساعدة على استرداد الديون الضريبية.
"لقد تبناها البرلمان المغربي، والمصادقة عليها لن تخلق أي مشكلة"، يؤكد المصدر ذاته، أما التعهد الثاني، فهو التبني الجزئي لمعايير قانون "بيبس" (تآكل القاعدة الضريبية ونقل الأرباح)، وحسب موقع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، يتعلق الأمر بنظام شامل لتآكل القاعدة الضريبية ونقل الأرباح (بيبس)، في يناير 2016، تنخرط فيه 90 دولة، ويهدف إلى العمل المشترك بينها بتساو لوضع معايير بشأن قضايا "بيبس" مع ضمان تنفيذها بصورة متسقة.
وفيما قبل المغرب بذلك الشرط الأوربي، لأنه "لم يكن فيه أي جديد، وقمنا فقط بتأكيد التزامات سابقة اتخذها المغرب في ذلك الإطار"، اعترض على شرط ثالث، حسب مصدر "تيلكيل"، هو، "مراجعة الأنظمة الضريبية"، وبلغ الأوربيين أنه "لا يمكن بتاتا القبول بإجراء أي مراجعة لا نعرف بماذا تتعلق".
وبينما وضع الخبراء الأوربيون في مرماهم "النظام الضريبي الموجه للمصدرين، ومراكز التنسيق، ومناطق حرة يعترض المغرب على أي وجود لها"، ذكر وزير الاقتصاد والمالية، وزميله المكلف بالشؤون الخارجية والتعاون، الأوربيين، بـ"وضع الشريك المتقدم الذي يتمتع به المغرب مع الاتحاد الأوربي، واتفاق التبادل الحر الذي يربطهم معه، والذي أدى إلى عجز في الميزان التجاري قيمته 6 ملايير أورو، فكان من الطبيعي أن يعتمد المغرب سياسة تحفيز للمصدرين على غرار كل البلدان".
ويفهم من كل هذا، أن المغرب، ربح كثيرا في وقت قصير جدا، في حين أن العديد من البلدان الأخرى قطعت التزامات من دون أن يتم التراجع عن وضعها في اللائحة السوداء للجنات الضريبية من قبل الاتحاد الأوربي.
يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي تبنى"لائحة سوداء" لـ 17 جنة ضريبية ، اليوم (الثلاثاء)، كما أعلن عن ذلك في بروكسيل وزير الاقتصاد والمالية الفرنسية برونو لومير. وقال لومير : "تبنينا لائحة تضم 17 بلدا لا تقوم بما يجب لمحاربة التهرب الضريبي". وكان المغرب ضمن هذه اللائحة قبل أن يوضع، في آخر لحظة، في اللائحة الرمادية، وهي أقل خطورة من اللائحة السوداء.
وكان موقع ''لوموند'' الفرنسي قد كشف أن وزراء مالية الاتحاد الأوروبي سيتحققون، اليوم (الثلاثاء)، في بروكسيل، من صحة لائحة تتضمن 18 دولة باعتبارها ''جنات ضريبية''، كان المغرب ضمنها.
وشملت اللائحة، أيضا، حسب ''لوموند''، تونس، والإمارات العربية المتحدة، وجزر ساموا، إلى جانب جزيرة غوام، والبحرين، والرأس الأخضر، إضافة إلى غرناطة، وكوريا الجنوبية، وماكو، فضلا عن جزر مارشال، ومنغوليا، وناميبيا، وكذلك بالاو، وسانت لوسيا، وترينيداد وتوباغو، وبنما، وباربادوس.