أيمن عنبر - متدرب
أعرّب أعضاء مجلس الشيوخ الكولومبي عن رفضهم المطلق واختلافهم التام مع الموقف الذي اتخذته الحكومة الكولومبية الجديدة، بإعادة إقامة العلاقات الدبلوماسية مع جبهة "البوليساريو" الانفصالية المجمدة منذ عام 2001، معتبرين أن "هذا القرار يتعارض مع المبادئ الأساسية للدبلوماسية الكولومبية، وسيؤثر بعمق على روابط الصداقة الممتازة التي تربط كولومبيا تاريخيًا بالمملكة المغربية".
وتم التعبير عن موقف مجلس الشيوخ هذا، من خلال ملتمس موقع من قبل الأغلبية الساحقة من 62 من أعضاء مجلس الشيوخ من أصل 108 ويمثلون أهم الأحزاب السياسية الكولومبية، من بينها أحزاب تنتمي للائتلاف الحاكم.
وأكد أعضاء مجلس الشيوخ الكلومبؤ في الملتمس الذي توصل "تلكيل عربي" بنسخة منه، عن "رفضهم العميق وخلافهم التام مع الموقف الذي اتخذته وزارة الخارجية في 10 غشت 2022، والذي يؤكد مجددا سريان بيان مشترك تم توقيعه في 27 فبراير 1985، مع ما يسمى بـ "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية".
وحذر الموقعون على الوثيقة من أن “القرار الذي اتخذته وزارة الخارجية الكولومبية في غشت الماضي، والذي يتعارض مع أحد المبادئ الأساسية للدبلوماسية الكولومبية، وهو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، له عواقب وخيمة، ودمر العلاقات الممتازة التي كانت تجمعنا على الدوام مع المغرب والتي نتمنى أن تستمر”.
في هذا الملتمس، الذي قدمه السناتور خيرمان ألسيديس بلانكو ألفاريز ، عضو حزب المحافظين "في السلطة" والرئيس السابق لمجلس النواب، استنكر أعضاء مجلس الشيوخ بشدة قرار “إعادة العلاقات الدبلوماسية مع هذه الحركة الانفصالية التي تعلن نفسها كبلد، لكنها في الواقع غير معترف بها من قبل الغالبية العظمى من بلدان العالم، ولا من قبل الأمم المتحدة “.
وجاء في الإعلان ذاته، أنه "من خلال العودة إلى قرار يرجع تاريخه إلى أكثر 37 عاما، فمن الواضح أن هذا القرار تم اتخاذه دون تقييم الوضع الحالي، أو تقدير عواقبه، مما أثر بشدة على روابط الصداقة الممتازة التي تربطنا تاريخيا بالمغرب، البلد الصديق والحليف الكبير، الذي يمثل بالنسبة لكولومبيا شريكا استراتيجيا ومميزا في إفريقيا والعالم العربي، نظرا لدوره القيادي، والاعتراف الذي يحظى به على المستوى الإقليمي والقاري والعالمي".
وأكد الملتمس أن "المغرب دولة صديقة وحليفة كبيرة تمثل لكولومبيا شريكا استراتيجيا ومتميزا في إفريقيا والعالم العربي ، بالنظر للريادة والاعتراف الذي تتمتع به على المستوى الإقليمي والقاري والعالمي".
منذ عام 1985، يضيف الاقتراح ،"تطور العالم وكذلك النزاع حول الصحراء، وهي القضية التي اتخذت منعطفا حاسما سنة 2007 ، عندما قدم المغرب مبادرة للتفاوض بشأن نظام أساسي للحكم الذاتي لمنطقة الصحراء ، بهدف الخروج من الوضع الراهن وحل نزاع إقليمي استمر قرابة نصف قرن".
وفي هذا الصدد ، أشار أعضاء مجلس الشيوخ الكولومبي إلى أن كولومبيا حافظت على مدى عقود عديدة على موقف بناء يدعم جهود المغرب للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من لدن الأطراف على أساس هذه المبادرة، التي تم تكريس سموها في 18 قرارًا من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ عام 2007، والتي وصفها كل من مجلس الأمن والمجتمع الدولي بأنها "جادة وذات مصداقية وواقعية".
كما أشاد أعضاء مجلس الشيوخ الكولومبي بأنه “في السنوات الأخيرة، وصلت العلاقات بين كولومبيا والمغرب إلى المستوى الأمثل الذي لم يسبق له مثيل. وعلى المستوى متعدد الأطراف، ولا سيما في إطار التعاون جنوب جنوب، كان المغرب وكولومبيا لديهما دائمًا تطابق وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك “.
وخلص الملتمس إلى أنه "ولهذا السبب ، في إطار الاحترام الكامل للوحدة الترابية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لا سيما وأن هذه القضية ذات أهمية أساسية بالنسبة للمغرب ، لأنها تتعلق بوحدة أراضيه وسيادته ، فإننا نحن أعضاء مجلس الشيوخ للجمهورية الموقعين أدناه، نحث حكومة الرئيس غوستافو بيترو ووزارة خارجيته على مباشرة مراجعة القرار المتخذ ودعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل التوصل إلى حل سياسي وعملي وواقعي ودائم لهذا النزاع الإقليمي ، وفقًا للشرعية الدولية ، ولتعزيز السلم والاستقرار في هذه المنطقة من العالم".
ويأتي قرار غوستافو بيترو الاعتراف بجبهة "البوليساريو" بشكل يعارض دينامية الدعم الدولي الواسع التي تعرفها السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية وكذا مبادرة الحكم الذاتي المغربية. إذ خرجت كولومبيا عن الإجماع الدولي الذي تتبناه أكثر من 160 دولة، وتنضم إلى أقلية تبني مواقفها على أسس إيديولوجية محضة لا علاقة لها لا بواقع الموضوع ولا بتوجيهات مجلس الأمن بالبحث عن حل دائم لهذا النزاع المفتعل.