اتفق الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، ونظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي، أمس الأحد، على تحديد موعد زيارة الدولة التي سيقوم بها تبون لفرنسا، في شهر ماي القادم، بحسب الرئاسة الجزائرية.
وحسب بيان للرئاسة الجزائرية، فإن تبون وماكرون تناولا "قضايا تهمّ العلاقات الثنائية، وتطرقا إلى زيارة الدولة التي سيؤديها رئيس الجمهورية إلى فرنسا؛ حيث اتفقا على أن تكون خلال شهر ماي المقبل".
يشار إلى أن الرئيس الفرنسي أكد، يوم الأربعاء الماضي، في مقابلة أجراها معه الكاتب الجزائري، كامل داود، ونشرتها أسبوعية "Le Point" الفرنسية، أنّه لن يطلب "الصفح" من الجزائريين عن استعمار فرنسا لبلدهم، لكنه يأمل أن يستقبل نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، في باريس، هذا العام، لمواصلة العمل وإياه على ملف الذاكرة والمصالحة بين البلدين.
وقال ماكرون: "لستُ مضطرّا لطلب الصفح، هذا ليس الهدف. الكلمة ستقطع كل الروابط. أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول "نحن نعتذر وكل منا يذهب في سبيله"، مشدّدا على أن "عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنه عكس ذلك تماما".
وتابع الرئيس الفرنسي أن عمل الذاكرة والتاريخ "يعني الاعتراف بأن في طيّات ذلك أمورا لا توصف، أمورا لا تفهم، أمورا لا تبرهن، أمورا ربما لا تُغتفر".
وأضاف ماكرون، في نفس المقابلة: "آمل أن يتمكن الرئيس تبون من القدوم إلى فرنسا، في عام 2023"، لمواصلة "عمل صداقة غير مسبوق"، وذلك بعد الزيارة التي قام بها هو نفسه إلى الجزائر، في غشت 2022.
وحول ما إذا كان بالإمكان أن تتخلّل هذ الزيارة المرتقبة لتبون إلى فرنسا مشاركته في مراسم تكريم، أمام نصب الأمير عبد القادر الجزائري، في مقبرة أبطال مقاومة الاستعمار، ببلدة أمبواز، قال ماكرون إنّ مثل هكذا أمر سيكون "لحظة جميلة وقوية جدا"، مضيفا: "أتمنى حصول ذلك".
واعتبر الرئيس الفرنسي أن إقامة هكذا مراسم "سيكون لها معنى في تاريخ الشعب الجزائري. وبالنسبة للشعب الفرنسي، ستكون فرصة لفهم حقائق مخفية، في كثير من الأحيان".
وساعدت الرحلة التي قام بها ماكرون إلى الجزائر، في غشت 2022، على إعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها بعد الأزمة التي أشعلتها تصريحات أدلى بها، في أكتوبر 2021؛ حيث اتهم "النظام السياسي العسكري" الجزائري بإنشاء "ريع للذاكرة"، وشكّك بوجود أمّة جزائرية قبل الاستعمار، قبل أن يقرّ في مقابلته مع "Le Point"، بخطأ تصريحاته تلك، بقوله: "قد تكون عبارة خرقاء، وقد تكون جرحت مشاعر الجزائريين"، معتبرا في الوقت نفسه، أن "لحظات التوتر هذه تعلّمنا. عليك أن تعرف كيف تمدّ يدك مجدّدا".
كما دعا الرئيس الفرنسي إلى "تهدئة" التوترات بين الجزائر والمغرب، مستبعدا نشوب حرب بين الجارين.
يشار إلى أن مسألة اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري في الجزائر (1830-1962) هي في صميم العلاقات الثنائية والتوترات المتكررة بين البلدين. وفي عام 2020، تلقّت الجزائر، بفتور، تقريرا أعدّه المؤرخ الفرنسي، بنجامان ستورا، بناء على تكليف من ماكرون، دعا فيه إلى القيام بسلسلة مبادرات من أجل تحقيق المصالحة بين البلدين؛ حيث خلا التقرير من أي توصية بتقديم اعتذار أو بإبداء الندم، وهو ما تطالب به الجزائر باستمرار.