هدم وترحيل بالرباط.. خبير: لا يمكن للدولة أن تترك مكتري العقارات عرضة للتشرد

خديجة قدوري

شهدت مدينة الرباط موجة من عمليات الهدم والترحيل في عدة أحياء، مما أثار جدلًا واسعًا واحتجاجات متصاعدة، بعد أن أقدمت السلطات المحلية على مباشرة عمليات الهدم.

وقد ذكر حزب العدالة والتنمية، في بيان له توصل موقع "تيلكيل عربي" بنسخة منه، يوم السبت 15 مارس الجاري، أن "عمليات الهدم تجري دون تسليم السكان أي قرار إداري مكتوب أو وثيقة قانونية تشرح أسباب الهدم أو تفاصيل المشروع. بدلاً من ذلك، تعتمد السلطات المحلية على "أوامر شفوية" دون إبراز أي مرجعية قانونية، كما لم يتم القيام بإعلان علني لأي مشروع عن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أو استشارة السكان قبل بدء هذه الإجراءات، وهو ما يُناقض الفصل 35 من الدستور الذي ينص على حماية الملكية الخاصة، كما لا يحترم القانون الذي ينظم نزع الملكية، ويُخالف ظهير الالتزامات والعقود في ما يخص ضرورة وجود عقد أو سند ملكية واضح لإثبات حقوق الأطراف".

كما نبه "إلى الخرق الواضح لهذه العمليات للقانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، الذي تؤكد مقتضياته على سلك مسطرة قانونية محددة لنزع الملكية للمنفعة العامة، والتي تتضمن "إعلان المنفعة العامة"، و"تحديد تعويض عادل" عبر اللجنة الإدارية للتقويم، فضلا عن "إمكانية الطعن" أمام المحكمة الإدارية. ورغم وضوح هذه المقتضيات، لم يتم الالتزام بهذه المسطرة في الحالات الحالية، إذ لم يتم إعلان تلك الممتلكات المعنية بالهدم أو الترحيل بقرار يعلن "المنفعة العامة" رسميًا، على منوال ما تم التداول فيه في المجلس الجماعي من مشروع قرار يعلن "المنفعة العامة يقضي بتخطيط حدود الطرق العامة المعينة فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها".

وفي هذا السياق، تواصل موقع "تيلكيل عربي" مع الهزيتي محمد انوار، خبير في التنمية الترابية والإصلاح الإداري. وعضو المعهد الدولي للعلوم الإدارية، اليوم الأربعاء، والذي أفاد أن عاصمة المملكة ونواحيها تعرف منذ مدة عمليات كبرى للتجديد الحضري وإحداث العديد من المرافق العمومية والبنيات التحتية، لجعل العاصمة في مستوى عالمي واستعدادا للأحداث الرياضية المرتبطة بكأسي إفريقيا والعالم".

وأوضح الهزيتي، في سياق حديثه، أن من نتائج هذه البرامج، كانت عمليات لترحيل السكان ونزع الملكية للمصلحة العامة كما وقع في مدينة تمارة وسلا وما يقع الآن في أحياء المحيط واليوسفية بالعاصمة. وهذا يطرح بعض التساؤلات المتعلقة بمسطرة تجديد تصميم التهيئة الحضري ثم مسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة والعلاقات القانونية للعقارات المسكونة ثم وضعية المكترين.

وفي هذا الصدد، تساءل الخبير: السؤال المطروح في قضايا حي المحيط، وفي غياب معلومات دقيقة، هو هل احترم المجلس الجماعي أو أي إدارة معنية بنزع الملكية التوجيهات الملكية ومقتضيات القانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة؟ وهل بالفعل تحترم العقارات المنزوعة مفهوم المنفعة العامة للضرورة القصوى؟

وردا على هذه التساؤلات، بين الهزيتي أنه بالنسبة للوضعية القانونية والاجتماعية لقاطني حي المحيط، لا بد من الإشارة إلى أن نزع الملكية متعلق فقط بمالكي العقارات وأي تعرض حول المسطرة أو ثمن التعويض، فهو يخص المالكين. وبالتالي فمكتري العقارات علاقتهم التعاقدية هي فقط مع الملاكين وليس مع الدولة إلا في حالة أن تكون الدولة هي صاحبة العقار المكترى.

وتعقيبا على ذلك أيضا، أوضح الخبير أنه، وفقا للمقاربة الاجتماعية، لا يمكن للدولة أن تترك مكتري العقارات عرضة للتشرد والهشاشة الاجتماعية، وبالتالي لا بد أن تحرص على ضمان السكن اللائق للمواطنين وفق شروط استفادة واضحة كما وقع في عدة عمليات للترحيل في تمارة والحي العسكري وأحياء أخرى.

ونبه الهزيتي إلى أنه في بعض الحالات هناك من يستغل هذه الأوضاع للاغتناء والابتزاز، كما وقع في عدة عمليات لإعادة الإسكان ومحاربة دور الصفيح، حيث يكون بعضهم يقطن عقارا ثم يطالب بتعويضه مرتين إلى ثلاث مرات لأن له أبناء بعائلاتهم.

وذكر في معرض حديثه، في ما يتعلق بتصميم التهيئة لمدينة الرباط، أنه بعيدا عن كل ما قيل في بعض التصريحات، فإن هذه الوثيقة القانونية، والتي صدرت بالجريدة الرسمية عدد 7381 بتاريخ 24 فبراير 2025، قد مرت بجميع المراحل القانونية بما فيها الدراسة وفتح مسطرة البحث العمومي ثم المصادقة والتصويت عليها من طرف المجلس الجماعي بتاريخ 12 دجنبر 2024.

وأضاف الهزيتي أن هذا يدل على أن تصميم التهيئة مر من جميع المراحل واطلع عليه المواطنون في مراحل البحث العمومية لمدة شهر ابتداء من 08 نونبر 2024.

ولفت الانتباه إلى أنه بعد المصادقة على تصميم التهيئة، كان لا بد من تنفيذ بنوده المتعلقة بإحداث المرافق العمومية، وخاصة توسيع الطرقات وفتح أخرى جديدة لضمان انسياب جيد ومرن لحركة السير والجولان. دون أن ننسى بناء العديد من المرافق الرياضية والثقافية وتحرير الملك العام ثم معالجة المنازل المهددة بالانهيار.

وبين الهزيتي، في سياق حديثه، أنه بالنسبة لحي المحيط، ويمكن أيضا إضافة أحياء اليوسفية، فالنقاش العمومي المطروح لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المعطيات، وأن يفرق بين عمليات نزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبين عمليات شراء العقارات بشكل مباشر مع مالكي العقارات.

في ما يتصل بالملكية، قال الخبير لا بد أن نسترجع مرجعا مهما يؤطر العملية ولا يمكن الاستغناء عنه وهو التوجيهات الملكية، والتي لا يمكن الالتفاف عليها، حيث قال في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة بتاريخ 14 أكتوبر 2016: " نزع الملكية يجب أن يتم لضرورة المصلحة العامة القصوى، وأن يتم التعويض طبقا للأسعار المعمول بها، في نفس تاريخ القيام بهذه العملية مع تبسيط مساطر الحصول عليه..".

واستأنف حديثه قائلا: هنا يطرح سؤالان كبيران، هل تمت عمليات نزع الملكية لضرورة المصلحة العامة القصوى (طرق، مرافق عمومية، إلخ)؟  وهنا، يمكن لأي مالك متضرر أن يرفع دعوى قضائية إذا تأكد أن نزع الملكية ليس متعلقا بضرورة المصلحة العامة القصوى.

وفي ما يتعلق بالتساؤل الثاني: قال هل التعويض المقترح تم طبق الأسعار المعمول بها وفي نفس تاريخ القيام بالعملية. وهنا يمكن للمتضرر اللجوء للمحكمة الإدارية إذا تأكد أن السعر المقترح لا يحترم هذا المبدأ.

كما أبرز في تصريحه أن تصميم الهيئة يعتبر بمثابة إعلان عن المنفعة العامة وتنتهي آثاره عند انقضاء أجل 10 سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة عليه بالجريدة الرسمية، حيث يمكن لملاك الأراضي التصرف في أراضيهم فور إنهاء هذا الأجل شريطة أن يكون هذا التصرف مطابقا للغرض المخصصة له المنطقة التي يقع فيها.

وأورد أنه وفقا لمقتضيات القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت ومرسومه التطبيقي رقم 2.82.382، يتم الإعلان عن المنفعة العامة بموجب مقرر إداري، وإذا لم يعين هذا المقرر الأملاك التي يشملها نزع الملكية فإن هذا التعيين يتم بموجب مقرر يدعى مقرر التخلي.

واسترسل موضحا أنه يجب أن يصدر هذا المقرر داخل أجل سنتين تبتدئ من تاريخ نشر المقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة في الجريدة الرسمية، وإلا تقرر تجديد إعلان المنفعة العامة. ويمكن للملاك المعنيين الطعن في المقرر الإداري المعلن للمنفعة العامة خلال أجل 60 يوما يبتدئ من تاريخ نشر المقرر المذكور بالجريدة الرسمية، وذلك لدى المحاكم الإدارية أو الغرفة الإدارية بمحكمة النقض حسب الحالات.

وفي ما يخص مسطرة مشروع التخلي لبحث إداري، أفاد أنه يخضع لبحث إداري عن طريق: نشره بالجريدة الرسمية (النشرة العامة)، نشره في جريدة أو عدة جرائد وطنية مأذون لها بنشر الإعلانات القانونية، وكذلك إيداعه لدى الجماعة الترابية التابع لها موقع العقار، مرفقا بتصميم تجزيئي ونموذج سجل الملاحظات وذلك لفسح المجال للمعنيين بنزع الملكية للاطلاع عليه وإبداء ملاحظاتهم بشأنه خلال أجل شهرين يبتدئ من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية.

واستطرد الهزيتي قائلا: من جهة أخرى، يجب على المنزوعة ملكيته تضمين ملاحظاته وتعرضاته بسجل الملاحظات المعد لهذا الغرض لاسيما المطالبة بالتعويض عن الأجزاء المتبقية من العقار والغير القابلة للاستغلال (الفصل 23 من قانون نزع الملكية).

على صعيد آخر، يتم تحديد ثمن العقارات أو الحقوق العينية من طرف اللجنة الإدارية للتقييم المتكونة من الأعضاء المذكورين في المادتين 6 و7 من المرسوم رقم 382. 2 2.82 الصادرفي 16 ابريل 1983 المتعلق بتطبيق قانون نزع الملكية مع مراعاة الاستثناءات الواردة في المادة 37 من قانون التعمير المتعلقة بالمساهمة المجانية الخاصة بإحداث المسالك والطرق العمومية.

وخلص الهزيتي إلى أنه يمكن للجهة نازعة الملكية الاتفاق بالتراضي مع المنزوعة ملكيته على نقل ملكية العقار المعني، بناء على الثمن المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم. من خلال إبرام محضر أو عقد عرفي حسب مقتضيات الفصل 42 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت.