منور امرابطين، المشهور ب"سليم"، من أشهر رسامي الكاريكاتير بالجزائر، بل يعتبره المتتبعون "أب" الكاريكاتير بالجارة الشرقية. في هذا الحوار مع "تيل كيل" يدلي هذا الفنان الذي تجاوز السبعين من عمره، برأيه في عدة مواضيع من الانتخابات الجزائرية إلى مستقبل المغرب العربي.
سميت باك؟
المختار
سميت مك
رقية
نميرو ديالالباسبور؟
لا أتذكره. هل هذا خطير؟
في هذا الزمن المضطرب، الجميع يسعون ليصبحوا رؤساء، حتى بوزيد البسباسي، شخصيتك الشهيرة، يترشح للانتخابات الجزائرية. لماذا قررت خوض رهان السعي إلى السلطة في رسومك المتحركة الأخيرة "بوزيد رئيسا"؟
لأنه موضوع الساعة. فهذا هو الوقت المناسب لتناول هذا الموضوع حتى لا أكون خارج الإطار العادي الذي تعوده القارئ. إذا كانت هناك انتخابات، إذا كان هناك دفن، فيجب الحديث عنه، أو بالأحرى علي تناوله. في الواقع هذا مشروع شرعت في الاشتغال عليه قبل سنتين(...)
عاصر بوزيد معظم الرؤساء الجزائريين، عليهم الرحمة، وعاصر حتى بوتفليقة الذي يطرح نفس السؤال: هل أترشح؟ أم لا أترشح؟. هل تبحث عن المتاعب؟
(يضحك) كلا. بصراحة أعتبر بلدي دولة "ديمقراطية" (أصر على وضع الظفرين). وإذا ما منعت من قول مثل هذه الأشياء.. دعني أقول هذه الأشياء المبتذلة.. فهذا أمر غير عاد بالمرة. وبالتالي يجب أن نلوذ بالصمت ولا نقوم بأي شيء. على كل حال، أعتقد أنني بلغت الآن مستوى لا يمكن لأي كان إزعاجي. إنه في العمق اتفاق ضمني بيننا.
يترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. هناك فقيه قوي يحميه؟
بلا شك (يضحك). لا أخفيك، أشعر بالخجل لوصولنا إلى هذا المستوى. بلدي كان جزائر الثوار، جزائر تشي غيفارا، فيدل كاسترو، جزائر الثورة الزراعية... إنها ثروة مؤلمة، وتتعايش مع آلاف الفقراء. فالطماطم بـ140 دينار (حوالي 11 درهما) ! لم تعد هي تلك الجزائر التي كنت أحلم بها. أحس كأنني ذهبت إلى السينما لمشاهدة فيلم وخرجت قبل النهاية، لا اعرف إطلاقا إلمَ ستنتهي الأمور.
نظرا لوضع بوتفليقة الصحي، هل يجب علينا الاستعانة بـ"سيدي بوزكري"، الولي الجزائري الذي يستعين به بوزيد عندما يصادف وضعا حساسا؟
هذا ما تبقى لنا. عندما أرى أن من يقومون بكل هذا يحظون بموافقة القوى الكبرى، أحس أننا مجرد نمل. ليس بإمكاننا فعل أي شيء، اللهم التصفيق. نحن لا ننتبه للأمر الآن، ولكن ربما هذا هو القرن الواحد والعشرون.. يجب علينا أن نغلق أفواهنا.. قبول كل شيء حتى لا نتعرض للمتاعب.
عودة إلى سؤالك، لقد بلغنا زمنا لا يعرف فيها الرئيس نفسه ربما أنه مرشح. هذا وضع خطير، ومأساوي، لأنني أخشى أن نكون مهزلة أمام الكوكب برمته، فحتى أهل مارسيليا سيسخرون منا.
"إن كنتم تريدون معرفة الجزائر، فاقرؤوا لـ'سليم'" قال الرسام الصحافي الفرنسي جورج ولينسكي، الذي قتل في الهجوم على مقر صحيفة "شارلي إيبدو". هل الجزائر فعلا "مباركة" كما قال بوزيد؟
إننا نتجه إلى بلد لا علاقة له بالجزائر، على الأقل جزائري أنا، جزائر شخصياتي. إننا نتجه نحو جزائر الانتهازيين. وأنا لا أقبل هذا.
خلال حملته الانتخابية، تعهد بوزيد بفتح الحدود مع المغرب كل سبت وأحد لتحقيق "اتحاد المغرب العربي لنهاية الأسبوع". هل تؤمن بالمغرب الكبير؟
هذا كل ما أتمناه قبل موتي. إننا شعب واحد، ولا يمكن أي أحد نقض هذا. ورغم كل ما يحدث، فإننا منذورون لإنشاء المغرب الكبير. منذ أن تم إغلاق الحدود، أحس أن لدينا وريدا مسدودا. وأتابع كذلك من جهة أخرى الصحافة التي تتحدث عن سخافات مثل تلك الحقبة التي كانت تؤكد فيها أن إغلاق الحدوج سببه تدفق المخدرات من الجانب المغربي. هذا سخيف، خاصة وأنه تم مؤخرا حجز 700 كلغ من الكوكايين كانت قادمة من وهران. يجب أن يتنقل الناس في المغرب الكبير بدون جواز.. فقط بمحفظة الخصر.
يخوض المغرب والجزائر معركة أمام اليونسكو من أجل أبوة الراي والكسكس...
الراي يوجد على جانبي الحدود. رقصة العلوي توجد بوهران ووجدة كذلك.انهما ثقافتان مشتركتان، وليس علينا السعي للاستحواذ على الأشياء. حينما نقول إن الشعبي الجزيري ينتمي إلى العاصمة الجزائر، فهذا أمر عاد. ولكن بخصوص الكسكس، فهذا أمر مختلف. لقد ذقت كسكس مراكش...
لقد تعرضت للرقابة طيلة سنين عديدة. هل يحدث أن تخضع للرقابة الذاتية؟
لقد عشنا في ظل الخوف، تحت أنظمة لا تتردد في الفتك بك حين تكون منتميا للجهة الأخرى. الحمد لله، أنا صحيح معافى. أما الرقابة الذاتية فهي شيء نولد به، خاصة تحت أنظمتنا. في بعض الأحيان، أعرض رسوماتي على أقاربي حتى أتبين إن كنت بالغت وذهبت أبعد من اللازم. وهم يتكلفون بردعي.
كان من المفروض أن يظهر لي رسم كاريكاتوري مؤخرا، ولكن الصحيفة رفضت نشره، بيد أنني ضمنته ألبومي الجديد "Bad News".
هل تمنع نفسك من الخوض في مواضيع معينة حتى تستفيد من برنامج السكن العمومي، الذي أطلق في الجزائر منذ 2001؟
(يضحك) آه، لا ! لا أرغب في هذه المساكن التي توزع مجانا ذات اليمن وذات الشمال لإسكات الناس. ومادامت الأوضاع بالجزائر ليست على ما يرام، فهذا يناسبني.. لدي ما أملأ به رسوماتي.
كنت تقول إنك تتلقى تهديدات دون أن تعي خطورتها. ماذا تغير منذ الهجوم على "شارلي إيبدو"؟
حين كنت أتحدث عن التهديدات، فإنني أعني فترة التيار الإسلامي، بعد 1990. وإذا كنت قد لجأت إلى الرباط في تلك الفترة، فلم يكن ذلك مجانا. في الواقع، لم أكن وحدي الذي تعرض للتهديد، بل الجميع. كان رد فعلي طبيعيا: فلا يمكنني البقاء في بلد لا قيمة فيه لحياة الإنسان. بعد ذلك توجهت إلى فرنسا قبل العودة إلى البلاد مع قدوم بوتفليقة وانطلاق النقاش الوطني.
هل يمكن أن نسخر من كل شيء باسم حرية التعبير؟
كلا، هناك حدود(...) حاليا، تصدمني بعض الرسوم التي تظهر في بعض الجرائد، لا أنتمي إلى هذه المدرسة، مدرستي تشدد على الاحترام. أحب أن أضحك.. أن ألعب بالكلمات ولكن أمقت السخرية من الناس وجرحهم