شرع عدد من المغاربة الذين قرروا العودة إلى بلدهم عقب الأزمة المالية العالمية للعام 2008، والتي ضربت عدداً من الدول من بينها إسبانيا، في إعداد وثائقهم من أجل الحصول على تعويضات مالية وترتيب أمورهم للعودة إلى الاستقرار في الجارة الإسبانية.
"تيكيل عربي" التقى عدداً من المغاربة في مقر القنصيلة الإسبانية في الدار البيضاء، وصرح هؤلاء في حديث معهم، أنهم توصلوا بإشعارات من طرف مكاتب محاماة قصد إعداد ملفات تخصهم وتخص أفراد أسرهم، من أجل التقدم بطلبات للحصول على تعويضات بسبب فقدانهم للشغل خلال الأزمة المالية التي عانت منها إسبانيا بدورها.
أحد المغاربة من إقليم بني ملال، قال في حديث لـ"تيلكيل عربي" إنه "قرر عام 2009 العودة إلى المغرب بصفة نهائية، وذلك بعد استحالة عثوره على فرصة عمل، خاصة بعد عدم تمكنه من الاسمرار في تغطية مصاريف السكن والحاجيات الأساسية من الكهرباء والماء والتدفئة".
المتحدث ذاته، والذي كان يمسك بملف كبير بين يديه، أكد أن عدداً كبيراً من المغاربة تقدموا بطلبات الحصول على تعويضات جراء ما لحقهم من تأزم لوضعيتهم الاجتماعية والاقتصادية بسبب افلاس شركات كانوا يشتغلون لديها، خاصة في مجالات العقار والسمسرة وقطاع الخدمات.
وتفتح إجراءات التعويض كذلك، أمام المغاربة إمكانية العودة للاستقرار والعمل في إسبانيا، ويتضمن ملف الطلب عدداً من الوثائق التي يجب أن تثبت تضرر المهاجرين المغاربة الذين عادوا إلى أرض الوطن من مخلفات الأزمة المالية العالمية.
للإشارة، كانت آثار تبعات الأزمة المالية العالمية التي بدأت عام 2008 قوية في إسبانيا، وأثرت بشكل كبير على المجال الاقتصادي والاجتماعي، وطالت بشكل أكبر قطاعات العقار والمصارف والخدمات.
وعرفت إسبانيا خلال الأزمة إفلاس 80 في المائة من شركات البناء، وهي شركات تشغل المهاجرين بكثرة، خاصة المغاربة.
وشهدت إسبانيا خلال هذه الفترة ارتفاعا في نسبة البطالة إذ ارتفت من 6,7 في المائة من إجمالي القوة العاملة سنة 2007 إلى 27,6 في المائة خلال الفصل الأول من العام 2013، وقفز معدل البطالة في صفوف الشباب تحت سن الخامسة والعشرين إلى 57,2 في المائة.
شهدت بلاد خلال نفس الفترة، تسريح الآلاف من العمال خاصة من المهاجرين، وتسبب ذلك في ظهور حركات اجتماعية واحتجاجية قوية، غيرت إلى حد كبير من الخارطة السياسية لإسبانيا.
واستعاد اقتصاد البلد الإيبيري عافيته، بعد سنوات من التقشف، حيث تعتبر إسبانيا رابع قوة اقتصادية في منطقة الأورو، مع نمو يتجاوز 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما دفع السلطات إلى إطلاق برنامج لعودة مواطنين غادروا البلد إبان الأزمة.
وأثر تحسن أداء الاقتصاد الإسباني على تحويلات المهاجرين، حيث تشير بيانات بنك إسبانيا إلى أن تحويلات المغاربة المقيمين بإسبانيا، وصلت في العام الماضي إلى 662 مليون يورو، بعدما بلغت 576 مليون يورو في العام الذي قبله، و495 مليون يورو في 2016 و440 مليون يورو في 2014.