علي اليوربوعي يقرأ لكم رواية.. عندما بكى نيتشه

تيل كيل عربي

رواية فلسفية رائعة للكاتب الأمريكي "اورفين د.يالوم"، وهو كاتب روائي، و طبيب نفسي وأستاذ فخري في الطب النفسي، له مجموعة من المؤلفات أذكر منها؛ رواية "مشكلة اسبينوزا"، "علاج شوبنهاور"، "مستلقيا على الكنبة"، هذا بالإضافة للعديد من الكتب الدراسية حول التحليل النفسي، أما عن روايتنا هذه -عندما بكى نيتشه- فقد صدرت بترجمة جميلة إلى العربية للمترجم المتمكن "خالد الجبيلي".

  استهل الكاتب روايته هذه برسالة من "لو سالومي"  إلى "الدكتور جوزيف برويور"، وجاء فيها:"دكتور بريوير، يجب أن أراك لمناقشة مسألة بالغة الأهمية وعاجلة، إن مستقبل الفلسفة الألمانية على المحك. أرجو أن ألتقي بك في الساعة التاسعة من صباح الغد في مقهى سورينتو."

هكذا فقط بدون مقدمـات أو استهلالات بدأت أحداث الرواية بطلب الآنسة "سالومي" من الذكتور "بويور" أن يعالج "فريديك نيتشه" من مرضه وتخليصه من يأسه وأفكاره الإنتحارية، إلا أن الذكتور لايعالج الأمراض النفسية أو أمراض الروح كما سماها، لكن إلحاح "لو سالومي" وجمالها وجرأتها وكذا قوة شخصيتها أرغمه وجعله يوافق على محاولة علاجه، إلا أن "سالومي" زادت من تعقيدها لمهمته هذه عندما أخبرته بأن يعالجه دون علمه وأن لا يخضعه للتنويم المـغناطيسي. ورغم كل هذه العراقيل فإن الطبيب سوف يبدأ رحلته الشاقة وغير السهلة في محاولة علاج الفيلسوف نيتشه من يأسه هذا.

فكيف ستكون هذه المغامرة العلاجية الغريبة؟ وهل سيتمكن هذا الذكتور من علاج نيتشه وتخليصه من يأسه وآلامه؟

إن ما يجعل هذه الرواية عملا أدبيا رائعا -بالنسبة لي" هو أن الروائي "إرفين د. يالوم" قد استطاع الجمع بين الكثير من الأحداث الحقيقية والواقعية حول كل من نيتشه وفرويد والذكتور جوزيف بريوير وكذا لو سالومي سواء كانت هذه الأحداث مرتبطة أم غير مرتبطة ومزجها بأخرى خيالية، في قالب روائي رائع يتقاطع فيه ما هو واقعي مع ما متخيل وأضفى عليها لمسته الفنية حتى تكاد تشك وتصدق واقعية هذه الأحداث.

وكما أعمال وكتب (بضم الكاف والتاء والباء) نيتشه فإن هذه الرواية كذالك -رغم ما فيها من أحداث غير واقعية- تترك في نفسك وعقلك أثرا قويا نتيجة للأفكار والحكم القوية التي تطرحها، وكذا كل تلك النقاشـات والحوارات الفلسفية التي تتخللها.

فقد حاول الكاتب أن يشرح ويبسط أفكار نيتشه القوية والمتعالية ويلم شملها في قالب روائي رائع، سهل، بسيط، وعميق ومتناسق عبر مقاربتها للواقع، وهذا ما يجعل الرواية تنطق وتصدح بأفكار نيتشه الصلبة والقوية والعميقة.

كما أن الكاتب قد تطرق للعديد من المواضيع الفلسفية التي طالما شغلت الفلسفة والفكر البشري،إذ تطرق في أواخر روايته هذه إلى موضوع وإشكالية خطيرة وهي "الحرية"، فهل نحن حقا أحرار في كل ما يدور حولنا «أسرنا، مجتمعنا، طوائفنا، .. الخ» وهل يمكن أن ننال حريتنا بتلك البساطة ؟ أم أننا خاضعون لكل تلك الحتميات وأن الخضوع مصيرنا الأبدي؟.

أما عن ما جعلني أعجب بهذه الرواية وألتهم صفحاتها فهو أني شعرت كثيرا أنني قد وجدت نفسي داخل صفحاتها، كما لو أنها كتبت لي أو أنها تتحدث عني وعن عزلتي وعن محيطي وتلخص العديد من أفكاري ومشاكلي.

واذا طلبت مني أن أدلي لك بتلخيص سريع وموجز للرواية فسأقـول " أحد أعظم الأطباء في أوروبا يحاول أن يجاري احد أعظم الفلاسفة في أوروبا والعالم -فريديريك نيتشه-في لعب الشطرانج" فهل سيتمكن من مجاراته؟