قصة القنيطرية "حياة" التي أنقذت ابنتيها من النار.. بمساعدة مواطن من جنوب الصحراء

تيل كيل عربي

بفضل شجاعة والدتهما، تم إنقاذ طفلتين عمرهما بين 10 و9 سنوات، من الحريق الذي التهم الشقة، التي يقطن فيها مع رب الأسرة الإسباني، في إحدى عمارات بمدينة القنيطرة، ومن الطابق الثالث، بمساعدة مهاجر من جنوب الصحراء لم يتعرف عليه أحد.

تحكي "حياة الزويني"، 37 عاما، وهي متزوجة من الإسباني "ألفونسو رينترو"، لوكالة الأنباء الإسبانية "إيفي"، قصة إنقاذها لطفلتيها، وهي تقف على أرضية الشقة التي غمرتها المياه، بعد إطفاء الحريق الذي التهم الشقة.

الخروج من النافذة

"كانت الساعة حوالي الساعة الثانية من صباح الأحد، عندما استيقظت وأنا أسمع صرخات: أمي، الدخان! أمي، الدخان! قمت من غرفتي وعندما فتحت الباب، رأيت سحابة من الدخان الأسود، فلم أر شيئا. تلمست طريقي، حتى وصلت إلى غرفة ابنتيّ، وبدون أن أتمكن من رؤيتهما، أخرجتهما إلى غرفتي"، تحكي بهدوء بعد أن انتهت الليلة بسلام، ولم يصب أحد من أسرتها بأذى.

تحكي كيف انتقلت بابنتيها إلى الجهة الثانية من الشقة التي لم تصلها النيران، لتبحث عن الحل. مزقت ستائر النافذة، لتنظر إلى الخارج، فلم تر غير الجزء الخارجي من جهاز التكييف للجيران، فقفزت إليه، دون أن تدري ماذا هي فاعلة بعد ذلك!

حبل من السماء

وكأن الله بعثه من السماء، ظهر مهاجر من جنوب الصحراء من العدم، وصعد الجدار إلى سطح العمارة، وهو يحمل حبلا. أين وجده؟ هناك بناء قيد الإنشاء أمام منزل "حياة"،  وهو ورش "مفتوح"، وربما عثر عليه هناك.

قام المهاجر، الذي ساعده شخص آخر بعفوية، بإلقاء الحبل لـ"حياة" من السطح، الذي يوجد في الطابق الثامن، وطلب منها استخدامه للفرار من الشقة الملتهبة.

ظلت "حياة" تحافظ على توازنها على الجهاز، وأخذت بالحبل، لتنادي ابنتها "سلمى"، وطلبت منها القفز قال لها: "تمسكي بالحبل وانزلي"، دون أن تخبرها أن نهاية الحبل لا تصل إلى الأرض!

كان يفترض أن تظل الفتاة عالقة في الهواء، عند نهاية الحبل، ولكن من حسن حظها، أن الناس بدأوا في التجمهر أسفل العمارة، وكانوا مستعدين لتلقفها.

تبعت "إيفا" أختها "سلمى"، ثم قفزت "حياة" بنفسها.

تُظهر مقاطع الفيديو التي سجلها أحد الجيران العملية بأكملها، كيف انطلق المتجمهرون في التصفيق والهتافات، عندما وصلت "حياة" إلى الأرض، مع ابنتيها.

هل بكت "حياة" مع ابنتيها؟ "لا على الإطلاق. حتى لو لم تصدق ذلك، فلا أنا ولا ابنتي ذرفنا الدموع"، ترد بحسم.

آخر القافزين

وماذا حل بالزوج والأب "ألفونسو"؟ كان آخر من قفز وقبل ظهور رجال الإطفاء، وقبل ذلك كان يشجع ابنتيه على القفز.

لا أحد من أسرة "حياة" عانى من حروق أو اختناق، باستثناء خدوشات في أيديهم بسبب الاحتكاك بالحبل.

لم تعد الفتاتان إلى الشقة، لأن والديهما لم يرغبا في رؤيتهما للجدران السوداء والأثاث الذي تحول إلى رماد، وهما تعيشان مع أبويهما، في بيت جدهما بالقنيطرة، في انتظار إصلاح ما فسد في بيتهم.

حينما استمع شقيق "ألفونسو"، وهو إطفائي في إسبانيا، إلى القصة بأكملها عبر الهاتف، لم يجد غير أن يقول لأخيه: "لقد كانت معجزة".

في هذه القصة كلها بقيت شخصية مجهولة، وهو المهاجر الإفريقي الذي ألقى الحبل من السطح، فلا أحد يعرف اسمه أو جنسيته. وتقول "حياة": إنه اليوم قد اختفى...