كواليس إعداد قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء

أحمد مدياني

كواليس عدة رافقت مسار مصادقة مجلس الأمن  على القرار الدولي رقم 2440 حول الصحراء المغربية، والذي جاء بتمديد مهمة المينورسو لمدة ستة أشهر أخرى، فضلاً عن عدد من المخرجات والتوصيات والقرارات التي تهم المنطقة، وذلك قبل أقل من شهرين على عقد المائدة المستديرة حول الملف بجنيف، والتي دعا إليها المبعوث الشخصي للأمم المتحد هورست كوهلر، كلاً من المغرب والبوليساريو ومورتانيا ولأول مرة الجزائر كطرف في الملف.

كواليس مرور القرار

وحسب المعطيات التي حصل عليها "تيل كيل عربي"، مر قرار مجلس الأمن بعدد من مراحل النقاش، قبل وضعه على طاولة المصادقة. أولى مراحل إخراج القرار، كانت لقاء مباشر بين المسؤولين المغاربة والأمريكيين أسبوعاً قبل المصادقة على القرار، هذا الأخير تمت مناقشته داخل مجموعة أصدقاء المغرب، ثم طرح داخل مجموعة الـ16 عشر بمجلس الأمن، قبل عرضه على المصادقة.

وتفيد المعطيات التي حصل عليها "تيل كيل عربي"، أن قرار مجلس الأمن لم يعرف هذا العام أي اعتراض من طرف جمهورية الصين، وحسب مصادر من الخارجية "هذا التطور مرتبط بالدينامية الأخيرة التي أصبحت تعرفها العلاقات بين المملكة والجمهورية"، كما أن القرار عرف محاولة إدخال 12 تعديلاً من طرف روسيا، لم يؤخذ بأي منها، وفسر مصدر من الخارجية عدم دعم موسكو للموقف المغربي بشكل مباشر وصريح، رغم تطور العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة على أكثر من صعيد بأن "لروسيا حسابات سياسية يتفهمها المغرب، ويحترم عدداً من خياراتها".

في السياق ذاته، وصف المصدر من الخارجية روسيا بـ"بويصلة التأمين في قضية الصحراء"، وذكر بـ"موقفها من محاولة اقتراح وفرض توسيع صلاحيات المينورسو عام 2014، من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، وكيف أن موسكو نددت بالقرار".

وعن تفاصيل ما جاء في قرار مجلس الأمن، يرتكز نصه على محورين أساسيين، الأول: يتعلق بالمسار السياسي، والثاني يهم الوضع في منطقة شرق وجنوب "منظومة الدفاع" المغربية (الجدار العازل)، كذا شروط مراقبة وقف إطلاق النار.

المسار السياسي

فيما يتعلق بالمسار السياسي، وحسب خلاصات قرار مجلس الأمن 2440، تمت إضافة فقرات جديدة في القرار، تتعلق بتنظيم "المائدة المستديرة" بجنيف في 5 و6 دجنبر من العام الجاري، وتحديد مسؤوليات كل أطراف الخلاف الإقليمي حول الصحراء المغربية بكل وضوح.

في السياق، "يشير قرار مجلس الأمن إلى الدعوات الموجهة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى المغرب والجزائر وموريتانيا و(البوليساريو)، قصد المشاركة في هذه المائدة المستديرة". وحسب قرار مجلس الأمن، "يشجع هذا الأخير كافة المدعوين إلى المائدة المستديرة، وبالأخص الجزائر، على المشاركة بدون شروط مسبقة وبحسن نية، والعمل بكيفية بناءة مع المبعوث الشخصي، في جو من التوافق طيلة هذا المسلسل، من أجل التوصل إلى نتائج إيجابية".

وترى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، بشأن ما ورد في القرار حسب ما يخص مشاركة الجزائر، أن "مجلس الأمن يكرس تطوراً نوعياً بالمقارنة مع المسار الذي تم العمل به حتى الآن في ظل مسلسل مانهاست"، وتشدد الوزارة على أن "الجزائر، من منطلق مسؤوليتها السياسية والتاريخية والقانونية في هذا الخلاف، مدعوة إلى الانخراط بجدية خلال جميع مراحل المسلسل السياسي.

وبالعودة إلى قرار مجلس الأمن، "جدد الأخير تأكيده على أن الهدف من المسلسل السياسي هو التوصل إلى حل سياسي، وواقعي وبراغماتي ودائم، على أساس التوافق"، وقالت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، إن هذه المحددات لخروج أي قرار سياسي حول الصحراء، هي: "ذات المفاهيم التي ترتكز عليها المبادرة المغربية للحكم الذاتي".

الوضع في المنطقة وشروط مراقبة وقف إطلاق النار

بخصوص المحور الثاني من قرار مجلس الأمن حول الصحراء، "خصص الأخير فقرتين جديديتن تطالبان (البوليساريو)، باحترام التزامته من الكركارات، وعدم القيام بأعمال استفزازية في بئر الحلو".

وعن مرد هذا القرار حول دعوة "البوليساريو" لاحترام التزاماتها، اعتبرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، أن "رد الفعل الحازم لجميع القوى الحية بالمغرب والتعبئة الدبلوماسية القوية طبقا للتعليمات الملكية، جعلت مجلس الأمن الدولي، ينذر، في القرار الذي أصدره في شهر أبريل الماضي، (البوليساريو) بضورة الانسحاب الفوري من منطقة الكركارات والامتناع عن أي عمل يزعزع استقرار المنطقة الشرقية لمنظومة الدفاع المغربية (الجدار العازل)".

وأوردت الوزارة في تحليلها لقرار مجلس الأمن وسياق صدوره وما تلاه من تطورات، أن "(البوليساريو) وجدت نفسها مضطرة للامتثال لهذا الانذار، وأخبرت الأمين العام للأمم المتحدة، عبر مبعوثه الشخصي، بأنها انسحبت نهائيا من منطقة الكركارات وأنه ليس لديها أية نية لنقل (هياكلها الإدارية) إلى منطقتي بئر الحلو وتيفارتي".

وحسب قراءة وزارة الشؤون الخراجية والتعاون الدولي، "أكد قرار مجلس الأمن الدولي الوضع التاريخي والقانوني للمنطقة الواقعة شرق منظومة الدفاع المغربية، في تيفارتي وبئر الحلو والمنطقة العازلة الكركارات، حيث لا يسمح بأية أنشطة مدنية أو عسكرية للكيان الوهمي".

وشددت الوزارة حسب قرارات مجلس الأمن، أن "المينورسو وحدها مسموح لها بالتواجد في المنطقة، في إطار مهمتها المتعلقة بمراقبة وقف إطلاق النار".

ووصفت الوزارة كل ما سبق من مواقف في سياق تطورات الأوضاع في الصحراء بـ"الضربة القاسية التي وجهتها المجموعة الدولية لما يوصف بالأراضي المحررة".

وعن تقييم وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي للقرار 2440، ترى أنه "حافظ على جميع المكتسبات التي تم تثبيتها في القرارات السابقة، بما في ذلك أولوية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، والطابع الجدي وذو المصداقية للجهود المغربية، والمطالبة بتسجيل ساكنة تندوف".

كما جددت الوزارة، "تنفيذا لتوجيهات الملك محمد السادس، التشبت بانخراط المملكة في دينامية إعادة إطلاق العملية السياسية التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بتعاون مع مبعوثه الشخصي، وذلك في إطار الثوابت المحددة في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 42 للمسيرة الخضراء، كذا التأكيد على أهمية المشاورات مع هورست كوهلر، في إطار التحضير الجيد للمائدة المستديرة بجنيف طبقا للقرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي يوم أمس الأربعاء".

مدة بعثة "المينورسو"

اعتبرت وزارة الشؤون والخارجية، أن قرار مجلس الأمن بتمديد مهمة بعثة "المينورسو" لستة أشهر عوض عام، كما طالبت فرنسا، أحد حلفاء المغرب في الملف، "أمراً لا يجب التركيز عليه كثيرا ".

وشددت الوزارة على أن "المغرب يرفض اصدار موقف بهذا الشأن، كي لا يحول البعثة لوسيلة ضغط في الملف، لأنها ليست أولوية، ويجب أن تبقى من اختصاصات مجلس الأمن في حدود الصلاحيات المخولة لها، ويجب أن يحدد المجلس مدة اشتغالها".