هكذا تستعد المناطق الجبلية لموجة البرد القارس.. شهادات من "أزيلال"

غسان الكشوري

مع نهاية كل سنة، وعند هطول أولى الزخات المطرية، يتخوف سكان المناطق النائية بالمغرب، أن تصيبهم موجة برد أو فياضات تعصف بأبنائهم ونسائهم وقراهم. ولهذا الغرض، تنقل "تيلكيل عربي" استعدادات بعض هذه المناطق ومعاناتهم التي يعيشونها كلما حل الغمام.

ترقب الحسين يوعابد، المسؤول بمديرية الأرصاد الجوية، في حديثه لـ"تيلكيل عربي"،  أن تشهد بعض المناطق ابتداء من يوم غد تساقطات ثلجية، وانخفاضا لدرجات الحرارة في مناطق الاطلس المتوسط والكبير والريف، حيث ستصل خلال الليل لناقص 5 درجات تحت الصفر، وبين 3 و9 درجات وسط النهار، في هذه المناطق.

وحسب يوعابد، ستجتاح منطقة أزيلال موجات برد قارسة مصحوبة بزخات ثلجية. بهذه الأخيرة، وبالقرى الأشد برودة، استقت "تيلكيل عربي" آراء الساكنة حول استعداداتها لمواجهة موجة البرد والثلج، ووقفت على  تأثير "فاجعة الصويرة" على المساعدات التي دأب السكان الاستفادة منها في مثل هذه الأوقات من السنة.

بإقليم "أزيلال" تبعد زاوية أحنصال بـ120 كلم عن المدينة، وتشتهر بوعورة مسالك الوصول إليها. وعلى بعد 30 كلم من الزاوية، تقع قرية "تاغيا"، المنطقة الأشهر سياحيا، والتي يتوافد إليها محبو تسلق الجبال كل سنة. لكن وعند هطول الأمطار تبدو القرية نائية وغير مرغوب فيها، لدرجة تصل إلى حد العزلة، بحسب شهادات سكانها.

"تتعلق أسر وساكنة منطقة تاغيا بحالة الطقس بشكل كبير، فهي تترقب تقلباته وتقوم بتخزين احتياجاتها الغذائية، قبل تساقط الثلوج"، كهذا ينقل محمد بنسعيد، المستشار الجماعي والفاعل الجمعوي بالمنطقة، صورة الاستعدادات والمعاناة التي تشهدها ساكنة "تاغيا".

بنسعيد الناشط بجمعية "تاغيا للتنمية والبيئة والتعاون"، يضيف في حديثه لـ"تيلكيل عربي"، أن "الأسر حينما تحتاج لجلب مخزونها من المواد الغذائية، قبل هطول أولى الزخات الثلجية، يظطرون لقطع طريق رابطة بين المنطقة وأقرب جماعة ومركز، تمتد لـ10 كيلمترات". لكن وبحسب هذا الناشط، "الطريق غير معبدة وغير آمنة للمسير بها عند هطول الأمطار والثلوج، لذا ينتظر السكان ذوبانها، لعدة أيام، للوصول مرة أخرى لأقرب جماعة".

المستشار الجماعي بدائرة "تاغيا"، يؤكد على صعوبة تحدي الظروف المناخية، ويضيف أن "الميزانية التي رصدت لتعبيد الطريق ولفك عزلة 500 نسمة بالدوار، تكفي لكيلومترين فقط من تلك الطريق". وبالتالي، بحسب بنسعيد، "كل سنة تعاني النساء الحوامل والمرضى، حيث يتم حملهم على نعوش على الأكتاف، إلى أقرب نقطة صالحة للمسير، لمسيرة تمتد 3 ساعات، كي يتم نقلهم بعد ذلك إلى المراكز الطبية بأزيلال".

من جهة أخرى، وبخصوص المساعدات التي تعرفها المنطقة، من أغطية ومساعدات غذائية، فقد "أثرت فاجعة الصويرة التي راح ضحيتها 15 امرأة عند تقديم مساعدات خيرية لهم، على وضعية السكان بقرية "تاغيا"، بحسب المستشار الجماعي. الأخير الذي دأب التنسيق مع جمعيات وطنية "لتوفير مخزون غذائي وأفرشة قبل حلول الشتاء"، يفسر هذا التأثير بكون "الجميع ينتظر التعديلات القانونية التي ستشمل عمل الجمعيات الإحسانية، لا سيما بعد توصلنا ببرقية تلزمنا بعدم التعاون مع أية جمعيات خيرية". وبالتالي، يضيف المتحدث، "سيؤثر هذا الانتظار وتعليق المساعدات على حياة ساكنة 'تاغيا'، وسيجعلها هذه السنة أكثر معاناة".

(م.ي) معلم يشتغل في نفس المنطقة، رفض الكشف عن اسمه، قال إنه بصدد جمع الحطب والأغصان من أجل التدفئة. "فهذه المنطقة التي تصل فيها درجات الحرارة تحت الصفر، تجعلني أستعد بكل الوسائل المتاحة، رغم وجود الإنارة لهذا الدوار" يصف المعلم وضعه. "هذا الطقس يضطرني كل سنة لأن ألغي بعض الفصول الدراسية، خوفا على التلاميذ الذين رأيت بعيني دما يخرج من أيديهم لشدة البرد"، يضيف هذا المعلم الذي انتقل منذ 3 سنوات إلى "تاغيا".

 في نفس الإقليم (أزيلال) وغير بعيد عن مدينة دمنات، يقول لحسن الناصري رئيس جماعة "أيت أومديس"، إن قساوة الطقس تفوق جميع الإمكانيات المتوفرة. "لكن في هذه السنوات الأخيرة تحسنت الأمور شيئا فشيئا، فالطريق التي كانت تقطع لأيام طويلة، أضحت الآن تقطع ليومين أو ثلاثة أيام كأقصى حد، قبل أن يتم تحريها لساكنة الدواوير"، وفق المتحدث.

الناصري وفي حديثه لـ"تيلكيل عربي"، أضاف أن تقديم المساعدات بالمناطق المعزولة استعدادا لموجة البرد، لا تزال قائمة، "إذ تم بالأمس توزيع كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساسية على 800 أسرة، من طرف جمعية تشتغل بالأعمال الخيرية وبتعاون مع الهلال الأحمر". المسؤول الجماعي قال إن ساكنة المناطق الجبلية التي لا تصلها مساعدات مؤسسة السادس، تتكفل بها مثل هذه الجمعيات.

وتزامنا مع اقتراب موجة البرد التي ستشهدها مناطق المملكة، عممت وزارة الداخلية بلاغا لها بداية هذا الشهر، تحث فيه "السلطات المحلية على إيلاء الاهتمام اللازم للفئات الهشة، خصوصا الأشخاص بدون مأوى، واتخاذ جميع التدابير الضرورية". وذلك من أجل "متابعة الأوضاع باستمرار واتخاذ التدابير الضرورية لدعم وتقديم المساعدة للساكنة" بكل المناطق النائية.