بوريطة: المغرب لا يعتبر القمة العربية هدفا في حد ذاتها وحينما خرجت الأمور عن مسارها نبهنا إلى ذلك

بشرى الردادي

أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أمس الاثنين، في حوار مع "سبوتنيك عربي"، على هامش الاجتماعات التحضيرية لوزراء الخارجية العرب في الجزائر العاصمة، أن "المغرب يحضر قمة لجامعة الدول العربية، تحتضنها الدول على التوالي بالترتيب الأبجدي، ولا يحضر في قمم تنظمها الدولة بمبادرة وتنظيم وباستدعاء منها ووفق أجندة أو رؤية خاصة".

وتابع بوريطة في رد له على وجود إشكالية داخل غرفة الاجتماع المغلقة بين المغرب والجزائر، وما الذي تم تجاوزه الآن بين الوفدين: "وإذا اتفقنا أن هذه قمة جامعة الدول العربية، ولها قواعدها وشروطها، فهناك مسؤوليات وحقوق بالنسبة للدولة المضيفة والبلدان المدعوة، وكل يجب أن يحترم دوره وغيره، وهذا هو المنطلق الخاص بالمغرب".

وأضاف الوزير أن "المغرب ساهم بشكل إيجابي، في اجتماعات كبار الموظفين والمندوبين الدائمين، لإثراء القرارات والعمل على الخروج بنتائج مفيدة، واستمر بهذا المنطق، لأن تعليمات الملك أن نشارك، بشكل بناء. لكن إذا كان هناك خروج عن إطار المسؤوليات، فواجب المملكة هو أن تنبه إلى ذلك، وأن ترجع الأمور إلى نصابها، وهذا ما حدث، وفي كل مرة، عند الخروج عن المسار، تذكر بأنه يجب الرجوع إلى المسار الصحيح".

وحول توجيهات الملك محمد السادس بخصوص الرؤى الخاصة بالمغرب في هذه القمة، أكد بوريطة أنها "توجيهات واضحة"، موضحا: "تعتبر القضية الفلسطينية ذات أهمية. فمن منطلق رئاسته لمجموعة القدس، يعطي الملك هذا الملف مكانة خاصة. كما ساهم الوفد المغربي، بشكل نشيط وبناء، في إثراء القرارات حول هذه المسألة".

وتابع أن "المغرب ناقش النقطة الثانية المتعلقة بالملفات الاقتصادية، في إطار اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي خرج ببعض الاقتراحات حول التعامل مع القارة الإفريقية والاستراتيجية الغذائية. أيضا المغرب لديه اهتمام خاص بالملف الليبي وكذا اليمني، ويركز على مواجهة التحديات واحترام الوحدة الترابية للدول وسيادتها الوطنية، وتقوية أجهزة البلدان العربية كضرورة لمواجهة التحديات".

وأضاف: "وبطبيعة الحال، ينظر المغرب إلى القمة العربية كحدث مهم، لكنها ليست هدفا في حد ذاتها، وإنما محطة لإعطاء الزخم للعمل العربي، وسنكون خاطئين إذا اختزلنا العمل العربي في القمم فقط".

وأوضح الوزير: "ما يجب القيام به، هو استغلال الزخم الذي توفره القمة للعمل في فترة ما بين القمم، وهذا هو الأساس. لا نتفق مع من يقول إن القمة تنعقد بعد فترة غياب. نعم، كانت فترة غياب في عقد القمم، لكن من الخطأ أن يكون غياب في العمل العربي المشترك. وفعلا، كانت هناك تحديات لم نواجهها. واليوم، إذا تساءلنا عن سبب غياب مواجهة الدول العربية لـ"كوفيد 19"، أو مواجهة قضية الأمن الغذائي، فلن نجد إجابات، وهذا يحتاج تفاهما وتطويرا للرؤية، أو كما يقول الملك: الدبلوماسية هي مسألة وضوح وطموح".

من جهة أخرى، لفت بوريطة إلى "حساسية التوقيت الذي تنعقد فيه القمة العربية التي تأجلت لأكثر من عامين، بسبب الجائحة"؛ حيث أكد أن "السياق الإقليمي والدولي صعب جدا، ويشمل ما هو مزمن وحاد، وعلى رأسه القضية الفلسطينية والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للأراضي المحتلة، وكذلك للأماكن المقدسة في مدينة القدس وغيرها، فضلا عن الظروف الصعبة في دول عربية أخرى؛ مثل ليبيا واليمن والعراق وسوريا والسودان والصومال.. واللائحة طويلة، بالإضافة إلى المستجدات الدولية؛ حيث توجد حالة من الاستقطاب الحاد".

وتابع: "في الحقيقة، الواقع الدولي يشهد أزمات متعددة في جوانب مختلفة؛ بيئية وسياسية وأمنية وغيرها. وأيضا تنتظر وتتساءل الشعوب العربية، والأجيال الجديدة في العالم العربي، حول مخرجات القمة العربية".

وعما إذا كانت هناك آمال قوية للخروج بمشروعات قرارات مهمة، فيما يتعلق بعودة سوريا إلى الجامعة، والوضع في كل ليبيا واليمن، قال الوزير: "أكيد، وكان هناك عمل لتحقيق توافق مهم حول مجموعة من القضايا. صحيح أنه لا يمكن حل كل شيء، لكن ما جرى صياغته من قرارات يشكل "الحد الأدنى من التوافق" حول هذه الملفات. القضايا في منطقتنا العربية "معقدة"؛ مثل القضية الليبية أو السورية وغيرها، ولا تخلو من التدخلات الخارجية والدولية. ورغم أن تصور حدوث إجماع صعب، لكن الإشارة القوية التي خرجت هي أن القرارات عكست "حدا أدنى من التوافق" حول جملة القضايا".

أما بخصوص وجود تواصل بين مصر والمغرب حول القضية الليبية، فأبرز بوريطة أن "التنسيق المغربي-المصري حاضر في كل القضايا، على اعتبار أنهما من الدول الرائدة في العمل العربي المشترك"، مشيرا إلى أنه "من بين 30 قمة عربية حتى الآن، انعقدت 15 منها بين المغرب ومصر، وهذا يدل على ريادة البلدين في العمل العربي المشترك".

وأضاف وزير الخارجية: "يعكس هذا أيضا المقاربة بين البلدين. وبالتالي، فالتنسيق كان ضروريا بينهما. وبتعليمات من الملك، كنت في تواصل دائما مع أخي وزميلي، وزير خارجية مصر، حول كل القضايا المطروحة في القمة وبعض الملفات الخاصة، والملف الليبي هو أحد الموضوعات التي تشهد تواصلا مستمرا".