ماء العينين تكشف فصلا مثيرا من قصة التشريع لمحاربة الفساد بطلاها الوفا وبنكيران

تيل كيل عربي

 كشفت أمينة ماء العينين، النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، فصلا مثيرا من قصة التشريع لمحاربة الفساد، على هامش مناقشة البرلمان ، امس، لمشروع القانون الجديد الخاص بهيئة النزاهة والوقاية من الرشوة

ماء العينين قالت في تدوينة لها إنها قصة هذا المشروع الذي صادق على نسخته الأولى في سنة 2015 على عهد محمد الوفا وزير الشؤون العامة والحكامة، وتحت رئاسة بنكيران، قصة تستحق أن تروى.

تقول ماء العينين " كان المشروع المحال علينا مخيبا للآمال مقارنة مع النسخة الاولى التي أسهمت في إعدادها آنذاك الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، برئاسة الرجل المحترم ذ.عبد السلام أبودرار الذي بذل مجهودا لاخراج قانون جيد يستجيب لانتظارات محاربة الرشوة والفساد. اشتغلنا كبرلمانيين مع اللجنة المركزية آنذاك ومع ترانسبارانسي المغرب التي أسندت اشتغالنا بمذكرة محترمة، وبدأ النقاش وقد ترسخت القناعة البرلمانية أن المشروع الحكومي ضعيف وسيخرج هيئة بدون اختصاصات، واعتبرنا في نقاشات ساخنة مع وزير متمرس وعنيد أن نفَس القانون محافظ ولا يساير الافق الديمقراطي للدستور"

وتواصل ماء العينين و " لأن الهامش الديمقراطي سنة 2015 كان أوسع، والبرلمان أقوى مما هو عليه الآن، قدمنا كأغلبية حكومية آنذاك تعديلات متقدمة رفضها السيد الوزير جملة وتفصيلا، موحيا أن قبولها مستحيل لاعتبارات لم نستوعبها ولم نقبلها آنذاك،
كان الخلاف أساسا حول :

- تعريف الفساد في المشروع خاصة منه ما يتعلق بادماج المخالفات والجرائم الواردة في الفصل 36 الذي شكل عقدة للكثيرين.
- الملاءمة مع مقتضيات الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي وقع عليها المغرب
-منح الهيئة امكانية التصدي الذاتي والتلقائي لقضايا الفساد دون اشتراط تلقي الشكاوى والتبليغات.
- منح مأموري الهيئة الاختصاص القانوني لاجراء الأبحاث والتحريات والاستماعات مع توفير الحماية اللازمة لهم.
- تقديم الدعم والمساعدة اللازمة للهيئة بما فيها الاستعانة بالشرطة القضائية والقوة العمومية....
- تجريم عرقلة عمل مأموري الهيئة والامتناع عن منحهم المعطيات اللازمة وتخفيف الاشتراطات المقيدة للهيئة التي ظلت بدون اختصاصات فعلية وحصرية" .

تستنتج ماء العينبن " كان هدفنا كأغلبية هو إخراج هيئة قوية تتكون من 12 عضو الى جانب الرئيس، مع منحهم التفرغ اللازم للقيام بمهامهم" .

"رفض الوزير تعديلاتنا"، تفول ماء العينين، قبل أن استطرد " ورفضنا كمنسقي الأغلبية آنذاك انعقاد اللجنة للتصويت لعدم اقتناعنا بمبررات الرفض، ثم توجهنا لتحكيم رئيس الحكومة، وكان ذلك عرفا في حكومة بنكيران كلما اشتد الخلاف بين الوزراء والأغلبية البرلمانية.
لكن للأسف، لم تحمل جلسة التحكيم جديدا كبيرا وكان رئيس الحكومة أكثر انحيازا لوزيره ومشروع حكومته وهو أمر طبيعي، وتم التوافق على التصويت مع ادخال بعض التعديلات البسيطة.
اعتبرنا حينها أننا خسرنا معركة تشريعية ديمقراطية لأن القرار تجاوزنا بعد تدخل رؤساء الفرق الذين حضروا جلسة" التحكيم". لم تتبلور الإرادة الكافية آنذاك لاخراج قانون قوي لاعتبارات لم يتم عرضها بشكل صريح، رغم أن التلميحات كانت تقول أن الأمر أكبر من الحكومة والبرلمان وهو ما كنا نرفضه ونستهجنه".

النتيجة تقول ماء العينين " منذ 2015 لم يتم تنفيذ القانون، حيث لم يتم تنصيب الهيئة لحدود اللحظة، الى أن جاء بلاغ الديوان الملكي على اثر تعيين رئيس الهيئة الجديد سنة 2018، ودعا الى تقوية اختصاصات الهيئة لتقوم بمهامها. بعدها فتح قوس جديد، وتم الشروع في إعداد مشروع جديد، إلى أن صرح وزير المالية في خطابه التقديمي للمشروع الجديد أن الحكومة مقتنعة بضرورة تعديل القانون القائم لعدم ملاءمته للمعايير المعمول بها لمحاربة الفساد، مؤكدا أن الإرادة الملكية كانت حاسمة في اختيار تقوية اختصاصات الهيئة لمكافحة الفساد.

ثم تضمن المشروع الجديد كل تعديلاتنا المرفوضة سنة 2015: توسيع تعريف الفساد، واعتماد الفصل 36 ومنح الهيئة صلاحية التصدي التلقائي للفساد و تقوية اختصاصات مأموري الهيئة، ومنحها امكانية الانتصاب كطرف مدني بالتنسيق مع الوكيل القضائي للمملكة مع تمكين الهيئة من الاستعانة بالشرطة القضائية وتسخير القوة العمومية وانجاز الاستماعات ودخول المقرات....

بين الأمس واليوم جرت مياه أخرى تحت الجسر..."