لا يبدو أن الجزائر توقفت عن تصابيها؛ فرغم أنها لم تعلق على خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السنوية للمسيرة الخضراء، إلا أن بيان الجبهة الوهمية البعيد كل البعد عن الرزانة السياسية، عبّر، وبوضوح، عن موقفها.
ورغم كل هذا اللف والدوران المعروفة بهما الجارة الشرقية، إلا أنه يبقى وضوحا لم نر له شبيها، إلى حدود الساعة، في مواقف الدول الأوروبية، التي مازالت تنهج الغموض واللعب على الحبلين بخصوص قضية الصحراء المغربية.
صحيح أن الدول الأوروبية في موقف لا تحسد عليه، إذ أن فكرة حفاظها على العلاقات والمصالح التي تجمعها بالمغرب واستمرار تزودها بالغاز والبترول الجزائريين معا، غير ممكنة، مهما حاولت؛ إذ لم يعد أمامها الآن، سوى حل وحيد هو: الاختيار، وهو ما أشار إليه عاهل البلاد في خطاب هادئ ومليء بالدلالات كان موجها لهم بالأساس، وخاليا من أي ذكر لاسم الجزائر، أو رد عليها، أو تبرير لها، رغم كل الأحداث التي عرفتها الفترة الأخيرة، وآخرها اتهام الجزائر المغرب بالوقوف وراء اغتيال ثلاثة رعايا جزائريين في قصف لشاحناتهم أثناء تنقلهم بين نواكسوط وورقلة، في إطار مبادلات تجارية.
فخطاب الذكرى السنوية للمسيرة الخضراء هذه المرة كان متعلقا قبل كل شيء، بسعي المغرب لكسب معركته مع من يطلون علينا من الضفة المقابلة للمتوسط، حيث أكد أن المغرب لن يقوم مع أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية لا تشمل الصحراء المغربية، خاصة إسبانيا، مفتاح البقية، وأكثر من لا يرغب في التفريط في هذه الورقة الرابحة اقتصاديا وسياسيا، فنراها تسعى لاستمرار الخصومة المغربية الجزائرية على أرض هي من احتلتها وافتعلت أزمتها.
الموازنة ليست بالسهلة على المغرب، ولا البسيطة، ولا السريعة التحقيق، لكن كما نقول نحن المغاربة: "بالمهل كيتكال بودنجال"، فإلى أي مدى اقترب المغرب من إنزال طبقه الساخن عن موقد النار؟