وجّه عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، اليوم الإثنين، رسائل عديدة إلى عزيز أخنوش، رئيس الحكومة أثناء حلوله ضيفا على المساءلة الشهرية حول المنظومة التعليمية.
وقال شهيد في كلمته: "إننا نعقد جلسة المساءلة الشهرية اليوم في ظل وضعية مؤسساتية مختلة تفتقد للتوازن الذي تنص عليه المقتضيات الدستورية في تأطير العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتفضلتم بتقديم الشكر للنواب على اختيار الموضوع ونحن نعيد لكم الشكر. فأنتم رئيس الحكومة من اختار الموضوع واختار التوقيت المناسب لكم للمجيء للبرلمان لمناقشته".
وأضاف أنه "للأسف الشديد، تغيبتم رئيس الحكومة لمرات عديدة عن المثول أما مجلسنا الموقر في خرق واضح لمضمون الفصل 100 من الدستور، وفوتم على نواب الأمة فرصة مساءلتكم، مما يشكل تضييقا على المساحات المتاحة للرقابة البرلمانية".
وتابع: خلال المرات التي حضرتم فيها، حولتم جلسات المساءلة الشهرية من جلسات للرقابة البرلمانية الجادة إلى جلسات استعراضية لما تقوم به الحكومة أو ما تنوي القيام به، مما لا يتيح المجال لممارسة المراقبة على السياسات الحكومية بقصد الإسهام في نجاعة بلورتها وتفعيلها".
وأوضح أنه "في هذه الجلسات، يتم التطرق إلى المواضيع التي ليست لها أية راهنية، مما يجعلها بعيدة عن القضايا الآنية التي يشهدها المجتمع ويحمل همها المواطن. تطرقتم للمنظومة الصحية في الوقت الذي كان هناك احتقان شديد نتيجة خروج هيئة التدريس من الأقسام إلى الشوارع للاحتجاج. تناولتم مشروع قانون المالية في الوقت الذي كان المحامون يحتجون في الشوارع وكانت منظومة العدالة على المحك، انتظركم الناس للحضور في ذروة ارتفاع الأسعار وانتظركم نساء ورجال الإعلام حين اشتداد الأزمة حوله، ولكنكم تخلفون الموعد الدستوري دائما لأن هدفكم هو قتل السياسة داخل البرلمان".
ولفت إلى أن "هذا الوضع يطرح علينا كحكومة وبرلمان إعادة النظر في منهجية الاتفاق على المواضيع التي ينبغي طرحها بشكل يضمن التوازن بين المؤسستين، وليس بجعل الاتفاق مجرد تحصيل حاصل لما ترغب فيه الحكومة، لقد أجهزتم على المساءلة الشهرية كآلية للرقابة البرلمانية المسؤولة. ولذلك، لم نعد مستعدين لأن نكون جزء من المشهد الاستعراضي الذي تكرسونه، ونلح على ضرورة الرجوع إلى طرح مواضيع متعددة".
ونبه إلى أنه "مع كامل الأسف، لم ينحصر ضعف الحضور فقط في جلسة المساءلة الشهرية، بل شمل أيضا الجلسات الأسبوعية لمساءلة الوزارء. ضيقتم كل تأويل ديمقراطي حين تشبتتم بقاعدة التمثيل النسبي وجعلتم كل المعارضة لا تتكلم إلا في حدود ربع ساعة في حين تستفرد الحكومة وأغلبيتها بساعتين و45 دقيقة. ألم يكن عليكم بالأحرى التقاط إشارة القضاء الدستوري حين عدل عن القاعدة المذكورة ومنح المعارضة نفس الحصة الزمنية الممنوحة للأغلبية تكريسا للمكانة التي حرص الدستور على تخويلها للمعارضة".
وشدد على أنه "عن أي دور رقابي سنتحدث بالنسبة للمؤسسة البرلمانية، ووزير في حكومتكم لم يحضر نهائيا أي جلسة من جلسات الأسئلة الشفوية خلال سنتين ونصف؟ كيف سنطور ممارستنا الديمقراطية، ووزراء في فريقكم الحكومي لم يحضروا إلا ثلاث أو أربع مرات، علما أن الوزارات التي يتولونها تصحب في اختصاصاتها الإنسان من المهد إلى اللحد؟".
وأبرز أنه "هل يعقل، بعد أن يسرنا كمعارضة اعتماد القانون الإطار المتعلق بالاستثمار لتمكين بلادنا من الشروع في تفعيل مقتضياته، ألا يحضر الوزير المكلف بالاستثمار الجلسات الأسبوعية إلا 3 مرات خلال نصف الولاية، والمفروض عليه دستوريا أن يحضر على الأقل عشرين مرة. غير معقول ألا يستكمل إلى اليوم النصوص التشريعية أو التنظيمية المنصوص عليها في القانون الإطار، وألا يطرح أي خطة للالتقائية وتقييم السياسات العمومية، وألا تتوفر بلادنا على منصة للاستثمار أو موقع إلكتروني خاص بالقطاع الذي يدبره؟".
وأشار إلى أنه "ليس مقبولا دستوريا وسياسيا وأخلاقيا كل هذا الغياب للوزراء عن الجلسات الأسبوعية المفروض عليهم حضورها على الأقل عشرين مرة في نصف ولايتكم الحكومية".
واسترسل قائلا: "لقد نبهنا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مباشرة بعد الانتخابات الأخيرة، إلى خطر التغول الذي يطبع ممارسة الأغلبية الحكومية ويطغى على علاقتها مع مجلسي البرلمان وعلى الديموقراطية، فإننا نسجل بقلق كبير امتداد ظاهرة التغول السياسي لتشمل التغول على مؤسسات الدولة من جهة، والتحايل على المؤسسات الدستورية من جهة أخرى".
وسجل أيضا أن "الهيمنة الحكومية امتدت لتشمل التعيينات في المؤسسات العمومية والإدارات، وما يعتريها من ثغرات سببها المنافسة بين أطراف الأغلبية، بل إن هذه التعيينات أحيانا تمت ضد القانون ودون الشروط والمسطرة المحددة قانونا".
ولفت إلى أن "التغول التشريعي لا يقف عند هذه الحدود، بل تسعى الحكومة وأغلبيتها إلى إضعاف العمل البرلماني، واستهداف المسار الديمقراطي، بمناسبة كل نص تشريعي، ليس بمنطق الهيمنة والتحكم فقط، بل حتى بتهريب مشاريع القوانين، من خلال تقديمها ودراستها والتصويت عليها في نفس الاجتماع، خلافا لمقتضيات المادة 182 من النظام الداخلي، بل الأكثر من ذلك، يتم القفز أحيانا على المناقشة التفصيلية لمشاريع القوانين. كما يتم التهديد باللجوء إلى التصويت ضدا على مقتضيات النظام الداخلي والأعراف".