خبير لـ"تيلكيل عربي": إصلاح مدونة الأسرة خطوة هامة نحو تمكين المرأة وتعزيز حقوقها

خديجة قدوري

ترأس الملك محمد السادس، اليوم الاثنين بالقصر الملكي بالدار البيضاء، جلسة عمل مخصصة لمناقشة مراجعة مدونة الأسرة.

وجاءت هذه الجلسة بعد أن قدمت الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة تقريرًا إلى الملك محمد السادس، يتضمن أكثر من مائة مقترح تعديل، وذلك بعد إتمام مهامها ضمن الأجل المحدد.

إصلاح مدونة الأسرة.. ضرورة ملكية وتعزيز مكانة المرأة

في هذا السياق، أفاد حسن بلوان، الخبير في العلاقات الدولية، أن المطالبة بإعادة النظر في مدونة الأسرة تعد من المطالب المجتمعية التي عبرت عنها عدة منظمات وأحزاب سياسية واجتماعية ومدنية وحقوقية. وفي ظل تمثيل الملك محمد السادس للملكية المواطنة التي تتفاعل مع الشعب المغربي وتستمع لتطلعاته ورهاناته، تفضل الملك بتعيين لجنة عليا لتوسيع دائرة الاستشارة حول إعادة النظر في القوانين المتعلقة بالأسرة، وذلك من خلال استقبال مجموعة من الأحزاب والمنظمات والهيئات ذات التوجهات والتشكيلات المتنوعة.

وأضاف بلوان، أنه "بالعودة إلى قانون الأسرة، أعتقد أنه قد مر عليه أكثر من عشرين سنة، ولم يتمكن من تلبية جميع تطلعات الملك في تمكين المرأة من المكانة التي تليق بها، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار القوانين المتقدمة التي جاءت بتوجيهات ملكية. ومن أبرز هذه القوانين دستور المملكة الذي يعزز مبدأ المناصفة ويمنح المرأة المغربية مكانة متميزة داخل الأسرة والمجتمع".

وتابع قائلاً: "فيما يتعلق بالرهانات السياسية لمدونة الأسرة، أعتقد أنها تسير وفق خارطة الطريق التي وضع أسسها الملك من خلال اعتماد المقاربة التشاركية، حيث تم توسيع دائرة الاستشارة لتشمل جميع الهيئات المدنية والدينية والسياسية، بالإضافة إلى الخبراء".

وأوضح بلوان أن هناك مقاربة حصرية يتبناها الملك باعتباره الحكم، حيث يلتزم بمبدأ أساسي مفاده أنه "لن يحرم ما أحله الله ولن يحلل ما حرمه الله". وهذا المبدأ هو الذي سارت عليه مدونة الأسرة لعام 2004، ومن المتوقع أن تسير عليه مدونة الأسرة لعام 2024، رغم التغييرات التي طرأت على المنظومة السياسية والاجتماعية والحقوقية في المغرب. مشيرا إلى أن رؤية الملك ستعزز مكانة المرأة المغربية، بما يتوافق مع القوانين المعمول بها، وكذلك وفقاً للقانون الجديد الذي يتم النظر فيه لتحديث مدونة الأسرة.

إصلاح مدونة الأسرة رهان مشترك في سياق إيجابي

وفيما يتعلق بالسياق السياسي للتغييرات التي أطلقها الملك محمد السادس، قال بلوان: "أعتقد أن هذه التغييرات تأتي في سياق مليء بالأوراش والتطلعات، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن مغرب بداية الألفية ليس هو مغرب اليوم. كما أن المملكة المغربية قد أصبحت تتبوأ مكانة بارزة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتتطلع إلى استضافة العديد من الملتقيات الدولية العالمية. ومن هنا، فإن تحسين وتطوير الترسانة القانونية الاجتماعية، لا سيما فيما يتعلق بقضايا المرأة والقانون الجنائي، يعد أمراً ضرورياً".

ولفت بلوان، إلى أن السياق الذي يأتي فيه هذا التعديل يعتبر إيجابيًا، بالنظر إلى الأغلبية المريحة التي تتمتع بها الحكومة، فضلاً عن أن التجاذبات التي شابت مدونة 2004 لم تعد قائمة، مما جعل إصلاح مدونة الأسرة يصبح رهانًا مشتركًا بين جميع الأحزاب، سواء في الأغلبية أو المعارضة، إلى جانب حركات المجتمع المدني في المغرب.

وأورد بلوان، قائلاً: "لا أعتقد أن هناك تحديات تواجه الحكومة الحالية في تمرير مشروع قانون مدونة الأسرة الجديد، وذلك لعدة اعتبارات. أولها أن هذا المشروع هو مشروع ملكي ويحظى بإجماع جميع الأطراف، سواء من الفرقاء في المعارضة البرلمانية أو خارجها، بالإضافة إلى دعم الأغلبية الحكومية له".

واستطرد قائلاً: "المسألة الثانية هي أن هذا الموضوع ذو الطبيعة الحساسة، الذي يتداخل فيه الجانب الحقوقي والقانوني والفقهي والاجتهاد الإسلامي، قد اختصت به مؤسسة إمارة المؤمنين باعتبارها الحكم الأسمى بين جميع الأطراف في مثل هذه القضايا. لذلك، فإن جميع الظروف مهيأة لتمرير هذا المشروع القانوني الذي يحمل طابعاً وطنياً ويعكس مجموعة من التطلعات الشعبية والمجتمعية والحكومية".

وأفاد قائلاً: "المسألة الثالثة هي أن الحكومة تتمتع بأغلبية برلمانية مريحة تمكنها من تمرير هذا القانون، رغم أنه من المتوقع أن تظهر بعض التحفظات من بعض الأحزاب المعارضة داخل البرلمان المغربي".