"أيتام" الوالي امهيدية!

أحمد مدياني
أحمد مدياني

انتشرت، مساء أمس الخميس، إشاعة إعفاء والي جهة الدار البيضاء - سطات، محمد امهيدية، كما رُوج أن "غضبة ملكية طالته"، عقب الزيارة الأخيرة للملك محمد السادس للعاصمة الاقتصادية، التي اعتاد قضاء أيام فيها كلما حل شهر رمضان.

وجود غضبة ملكية من عدمها، شأن يخص القصر، ولا يمكن أن ندخله في سياق ممارسة "صحافة التنجيم" لنفيها أو تأكيدها.

لكن ما هو مؤكد، يوم أمس واليوم، أن الوالي مستمر في مكانه، حيث يشرف على تسريع تنزيل مشاريع بقيت جامدة لعقود، وإخراج ملفات نفض عنها غبار التهميش.

نشر إشاعة الإعفاء وصبغها بعبارات "مصادر مطلعة"، يقود إلى طرح أهم سؤال في القصة ككل. وهو:

من الذين أوجعهم الوالي امهيدية؟

دون إغفال أن التحضير لتلقف الإشاعة وإعادة مشاركتها بمواقع التواصل الاجتماعي تم الإعداد له منذ أسابيع. خاصة بعد منتصف شهر فبراير الماضي، حين رفع الوالي من إيقاع الزيارات التفقدية لكل الأوراش المفتوحة بالمدينة، ولاسيما تلك المرتبطة باستقبال "كان 2025" و"مونديال 2030".

يظهر أن صبرهم نفد. من؟

الذين انتفعوا لعقود من جهة الدار البيضاء - سطات، وكنزوا غنائم فرملت التنمية بكل تفرعاتها في العاصمة الاقتصادية. من اعتادوا تسويق مشاريع على الورق فقط، وإنجاز جزء منها اليوم وما تبقى يرفعون حياله شعار: "لي بغا يربح العمر طويل". تجار الهموز والصفقات الوهمية وتفصيل مخططات التهيئة والتعمير والإسكان على مقاسهم وحجم اتساع جيوب بناطيلهم.

إذا سألت أي مواطن في الدار البيضاء عن المدينة قبل امهيدية وبعده، سوف يعد لك الكثير من الأمور التي تغيرت. بل تقفز إلى ذهنه آلاف النقط السوداء التي محيت، وأملاك عمومية حررت، ومشاريع بنى تحتية غادرت سجن التماطل في إنجازها.

نعم، هناك تذبذب وخفوت قليل للحماس، لكن ذلك مرده غياب شركاء حقيقيين، يساعدون ولا يعرقلون. غياب من يرى في الدار البيضاء وأخواتها فرصة لأجل سكانها، وليس غنيمة لصالح أرصدتهم البنكية ومطامعهم العقارية.

امهيدية من المسؤولين الذين تدافع عنهم بدون خجل، لأن الواقع يتحدث عنه دون حاجته لذلك. أحاول أن أتذكر الآن آخر مرة تواصلت مع الرجل عبر الهاتف. فعلا لا أتذكر، لأن المدة طالت. وقاربت نصف سنة؟ نعم!

ما يمكن أن أعيبه على امهيدية أنه لا تغريه الأضواء الكاشفة المرتب لتسليطها عليه، كما يمكن أن يعشق أي مسؤول. أعتقد أن الوقت حان ليقطع مع سياسة اعمل واصمت. سكان الجهة في حاجة للتواصل معهم. إخبارهم بكل ما تغير. كيف باتت مدنهم في حال وتستيقظ يوميا في أحوال أخرى.

اسألوا فقط مشروع الربط الطرقي على طريق أزمور، انطلاقا من "كورنيش عيد الذئاب"، مرورا بدار بوعزة نحو منطقة طماريس. يمكن أن ينطق الحجر قبل البشر، ويخبركم بأن وتيرة انتهاء الأشغال، رغم حجمها، لم يعهدها المغاربة.

في الوقت الذي استهلكت تهيئة مدار فقط، مثل "مدار جورج" الذي يربط ما بين شوارع "الألفة" و"الحي الحسني" و"طريق الرحمة"، أزيد من 8 سنوات!

يجب أن يخرج الذين أشاعوا وجود "غضبة ملكية" على الوالي امهيدية، ليكشفوا لنا: من أخبرهم؟ متى؟ أين؟ كيف؟ ولماذا غضب منه؟

في انتظار الجواب عن الأسئلة الخمسة. نشدد مرة أخرى على أن الوجع قائم، ومن اكتوى به سيفضح نفسه عاجلا أو آجلا، لأن تجار المصالح والغنائم الشخصية لا يصبرون كثيرا.

هؤلاء تحولوا اليوم إلى "أيتام" الوالي امهيدية، بعدما قطع صلتهم أو يكاد، بما كان يجعل منهم الأبناء المدللين لأصول الريع واستغلال النفوذ ونهب المال العام والغرف من طناجر الفساد.