تفاصيل خطة ولد التاه لقيادة البنك الإفريقي للتنمية.. وداعا للهبات ومرحبا بالشراكات

تيل كيل عربي

في منعطف حاسم من تاريخ البنك الإفريقي للتنمية، انتخب وزير الاقتصاد الموريتاني السابق، سيدي ولد التاه، أمس الخميس، رئيسا للمؤسسة، خلفا للنيجيري أكينومي أديسينا، بعد ثلاث جولات فقط من التصويت حصل فيها على 76.18 في المائة من الأصوات، متقدما بفارق كبير على منافسه الزامبي صامويل مونزيلي مايمبو الذي حصل على 20.26 في المائة.

"تيلكيل عربي" سبق أن انفرد بحوار خاص مع ولد التاه من العاصمة نواكشوط، خلال حضور فعاليات تقديم ترشيحه، بدعوة من الرئاسة الموريتانية.

وكشف الرئيس الجديد للبنك الإفريقي للتنمية، قبل انتخابه، عن رؤيته لمستقبل البنك، وأبرز أوراشه الاستراتيجية، إذ أكد أنه سيحرص على "إبقاء العناصر الجيدة من الطاقم الحالي لإدارة البنك، واستقطاب عناصر متميزة أخرى من مختلف الدول الإفريقية"، إلى جانب رهانه على ثقة المساهمين، حيث قال "كلما زادت الشراكات، سواء الدول المستفيدة، أو القطاع الخاص، كان الأمر جيدا".

وانطلاقا من تجربته في رئاسة البنك العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، يشدد ولد التاه على أن "الشراكات ومساهمات الدول والمؤسسات المالية، ساعدت كثيرا في إنجاح المهمة"، مشيرا إلى أنه في البنك العربي تم بلوغ مستوى ربح ما بين أربعة إلى خمسة دولارات عن كل دولار يستثمر.

وفي ما يخص موقفه من القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية الجديدة، خصوصا في ما يتعلق بتقليص التمويل، أو إلغاء بعض المساعدات والمنح المخصصة لإفريقيا، أكد الرئيس الجديد للبنك الإفريقي للتنمية،أن القرار على المستوى القصير يكون "مؤلما بالنسبة إلى الدول، خصوصا في مجالي الأمن الغذائي والأنشطة الإنسانية، وكذلك في مجال الصحة، لكن على المدى المتوسط والطويل، قد يكون إيجابيا بالنسبة إلى إفريقيا".

وشدد على أن إفريقيا ينبغي أن تنظر إلى الآخر بالندية، مبرزا أن "تطوير علاقات مبنية على المصالح المتبادلة يعطيها فرصة لإرساء نوع جديد من العلاقات المبنية على الاحترام والمصالح المتبادلة، بدلا من أن تكون تستفيد من منح وهبات". وأضاف أن إفريقيا ستستفيد من استثمارات مباشرة، مبرزا أن هذه الاستثمارات هي التي دفعت بعجلة التنمية في آسيا.

وانطلاقا من هذه الخلفية، عرض سيدي ولد التاه توجهه العام عبر قوله "أعرض خطة مدروسة لتحويل البنك من ممول تقليدي إلى ذراع استراتيجي لتغيير وجه القارة".

وعن سؤال يتعلق بالمديونية ومستقبل التصنيع في القارة، اعتبر وزير الاقتصاد الموريتاني السابق أن " التصنيع هو بوابة الخروج من المديونية نظرا لما تمتلكه القارة الإفريقية من ثروات هائلة"، معبرا عن أسفه من أن "إفريقيا تصدر غالبا في شكل مواد خام دون قيمة مضافة تذكر؛ مما يضيع عليها فرص خلق الثروة محليا".

وأضاف أن رؤيته تقوم على "تشجيع النشاط الإنتاجي محليا، ما سيؤدي إلى زيادة دخل الحكومات من الضرائب، وتوسيع قاعدة الاقتصاد الرسمي، وتعزيز الناتج الداخلي الخام.، لافتا إلى أن "الهدف هو تخفيف الاعتماد على القروض التقليدية، وتوفير تمويلات ذكية ومستدامة تعزز قدرة الدول الإفريقية على تمويل مشاريعها بنفسها، ما ينعكس مباشرة على خفض المديونية وتحسين التصنيف الائتماني".

كما قدم ولد التاه تصوره للبنك الإفريقي للتنمية، خلال هذا الحوار، عبر "إيلاء أولوية مطلقة لخلق فرص العمل، خاصة لفئة الشباب والنساء، وتمويل مشاريع تنموية محلية تعيد الثقة للمواطنين في الدولة وفي المستقبل"، مشيرا إلى أن "التنمية لا ينبغي أن تدار من المركز فقط، بل يجب أن تصل إلى الهامش، إلى المناطق التي كانت لعقود خارج دائرة الاهتمام".

وأضاف قائلا: "في رؤيتي لقيادة البنك، سأضع السياسات الاجتماعية ضمن المحاور الأساسية لعمل المؤسسة، من خلال تمويل البرامج التي تستهدف الفئات الأكثر هشاشة، وتعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للنساء والشباب، ودعم القطاعات الحيوية؛ كالتعليم والصحة والحماية الاجتماعية. البنك يجب أن يكون أداة لخدمة الإنسان، وليس فقط أداة لإدارة الأرقام".

أما عن موقع البنك ضمن الشراكات العالمية، فقال: "البنك يجب أن يبقى إفريقيا في قراراته، في أولوياته، وفي بوصلته التنموية، حتى لو كان عالميا في تمويله ومساهميه"، موضحا أن "المطلوب ليس الانغلاق، بل الذكاء في التفاوض، والحفاظ على استقلالية القرار، وفي الوقت نفسه، توسيع دائرة الدعم والتمويل من شركاء موثوقين".

وفي معرض جوابه عن ملف كأس العالم 2030، صرح رئيس البنك: "أطمح إلى رفع حجم تدخلاته إلى عشرة أضعاف؛ لأن حاجيات القارة هائلة، والإمكانات التمويلية موجودة إذا ما تمت تعبئتها بالشكل الصحيح"، مسجلا أن "المغرب شريك استراتيجي مهم للبنك، وتنظيم كأس العالم فرصة لتعزيز هذا التعاون في مجالات النقل، والطاقة، والسياحة، والرقمنة، بما يتجاوز حدود سنة 2030".