اعتبر هشام بلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أن عملية تتبع وتجميد وحجز الأصول الإجرامية ومصادرتها واستردادها "لم تعد مجرد إجراء قانوني، بل أصبحت مكونا استراتيجيا في مجال مكافحة جرائم الفساد المالي، وجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومؤشرا دالا على نجاعة إجراءات مكافحة هذه الجرائم".
وأوضح المسؤول القضائي، في كلمة خلال افتتاح الورشة الإقليمية حول "تتبع وحجز ومصادرة الأصول الإجرامية"، اليوم بالرباط، أن هذه العملية "ترتبط ارتباطا وثيقا بمدى فعالية ونجاعة الأبحاث المالية وقدرتها على ربط المتحصلات المشتبه فيها بالجريمة الأصلية وجردها وحصرها"، مشددا على أن ذلك يقتضي تعزيز التنسيق بين مختلف أجهزة إنفاذ القانون ووحدات التحريات المالية، إلى جانب تعزيز التعاون القضائي الدولي، سواء من خلال المساعدة القانونية المتبادلة أو التعاون غير الرسمي، لما يوفره من سرعة ومرونة في تنسيق إجراءات استرداد الأصول، ولا سيما في ظل التحديات التي تطرحها الترتيبات المالية المعقدة والتكنولوجيا الرقمية والعملات المشفرة.
ووعيا بأهمية هذه الإجراءات في "حرمان المجرمين من الاستفادة من متحصلات الجرائم وفي إرجاع الأموال المنهوبة لفائدة خزينة الدولة وتعويض الضحايا"، أكد بلاوي أن رئاسة النيابة العامة انخرطت في العديد من المبادرات الوطنية والدولية، مما يعكس رؤيتها الاستراتيجية في هذا المجال.
واستعرض بلاوي من بين هذه المبادرات مشروع إنشاء الشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، والمساهمة في مبادرة إحداث منتدى للممارسين في مجال استرداد الموجودات بإفريقيا التي أطلقها الاتحاد الإفريقي بدعم من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، والمساهمة في إطلاق مشروع تجريبي لنشرة شرطية "فضية" لتعقب واسترداد الأموال ذات الطبيعة الإجرامية من طرف المنظمة الدولية للشرطة الجنائية.
كما أشار إلى انخراط المملكة في عملية تقييم منظومتها الوطنية من قبل مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية مجلس أوروبا رقم 198 المتعلقة بغسل الأموال وتجميد وحجز ومصادرة الأموال المتحصلة من الجريمة وتمويل الإرهاب، والتي صادقت عليها المملكة سنة 2022.
وعلى المستوى الوطني، أكد رئيس النيابة العامة أن النيابات العامة المختصة بقضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب تواصل انخراطها الحازم في تنفيذ السياسة الجنائية، عبر تفعيل المقتضيات القانونية المرتبطة بمكافحة غسل الأموال، خاصة في الجرائم ذات المخاطر المرتفعة، مثل جرائم المخدرات، والجرائم المالية، والجرائم المعلوماتية.
وأوضح أن هذه الجهود تشمل فتح أبحاث مالية موازية للبحث الجنائي التقليدي، وتعقب المتحصلات المالية وحجزها تمهيدا لمصادرتها، مع الحرص على إنهاء الأبحاث في آجال معقولة، وتجهيز الملفات لتقليص أمد البت فيها، فضلا عن تفعيل آليات التعاون الدولي والمساعدة التقنية الثنائية ومتعددة الأطراف، لاسيما في مجال حجز وتجميد ومصادرة الأصول الإجرامية.