انهيار العملة التركية.. الأسواق العالمية تستعيد أنفاسها بعد صدمة عالمية

أ.ف.ب / تيلكيل

تغتنم الأسواق عطلة نهاية الأسبوع لتستعيد أنفاسها غير أن وقع الصدمة التي أثارها الهبوط الحاد لليرة التركية، أمس الجمعة، على خلفية الأزمة بين أنقرة وواشنطن لا يزال شديدا، مثيرا مخاوف في العالم ولا سيما في القطاع المصرفي.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن بلاده ستنتصر في هذه "الحرب الاقتصادية"، ردا على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم التركيين إلى 50% و20% على التوالي.

وبعدما فقدت حوالى نصف قيمتها مقابل الدولار الأمريكي منذ مطلع العام، سجلت الليرة التركية هبوطا حاد ا الجمعة إلى مستويات قياسية، وتم التداول بها عند إغلاق جلسة وول ستريت بسعر 6,43 ليرة للدولار، متراجعة بذلك 13,7%، بعدما وصلت خسائرها خلال النهار إلى 24%.

وأثارت أزمة العملة التركية صدمة عمت العالم، وانعكست على البورصات الأوروبية الرئيسية التي أغلقت جميعها على تراجع، وطالت بصورة خاصة القطاع المصرفي.

ورأى المحلل لدى "إكس تي بي" ديفيد تشيثام في مذكرة أن تراجع الليرة التركية الجمعة "يظهر أن المستثمرين متخوفون بشكل متزايد من أزمة نقدية شاملة وشيكة".

من جهته، قال باتريك أوهار من مركز "بريفينغ" إن "قلق الأسواق حيال الليرة على ارتباط بالمخاوف من احتمال انتشار العدوى، أو بصيغة أخرى أزمة في العملات الناشئة".

وأوضح المحلل لدى "إف إكس تي إم" جميل أحمد أن "هناك مخاوف من أن تكون الأسواق الأوروبية أكثر انكشافا مما كان يعتقد على الصدمة التركية".

لكن مسؤول البحث الاقتصادي في مصرف "ساكسو" كريستوفر دمبيك اعتبر أنه "ليس هناك مخاطر تطال النظام برمته"، مضيفا لوكالة فرانس برس "رأيت بعض التعليقات التي تشير إلى أننا بدأنا نرى اليوم ضغوطا على العملات الناشئة، لكن لنكن صريحين، هذا كلام فارغ".

وقال رئيس قسم الاقتصاد في مصرف "بي إن بي باريبا" ويليام دي ويلدر ردا على أسئلة فرانس برس "إنها آلية خاصة بتركيا" مضيفا "المسألة هنا خاصة بدولة منفردة، ما يعني أيضا أن الأمور قد تهدأ إن اتخذ البلد في نهاية المطاف التدابير اللازمة".

ازاء هبوط الليرة، دعا اردوغان الذي يواجه أحد أصعب التحديات الاقتصادية منذ وصوله إلى السلطة في 2003، الأتراك إلى "الكفاح الوطني"، قائلا "إن كان لديكم أموال بالدولار أو اليورو أو ذهب تدخرونه، اذهبوا إلى المصارف لتحويلها إلى الليرة التركية".

وتتخوف الأسواق من توجهات سياسة اردوغان الاقتصادية، في وقت يتحفظ البنك المركزي التركي على رفع معدلات فائدته لدعم الليرة والحد من تضخم بلغ معدله السنوي حوالى 16% في يوليوز.

ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أنه لا بد من زيادة معدلات الفائدة بشكل كثيف، غير أن اردوغان يعارض ذلك بشدة وقد وصف معدلات الفائدة في الماضي بأنها "أساس كل المشكلات".

وحرصا منه على توجيه إشارات إيجابية إلى الأسواق، شدد وزير المال الجديد براءة البيرق، وهو صهر اردوغان، على "أهمية استقلالية البنك المركزي" التركي.

ويسجل هذا الانهيار الذي يدفع تركيا في اتجاه أزمة نقدية، على خلفية توتر دبلوماسي شديد بين أنقرة وواشنطن.

وحذرت أنقرة بأن "النتيجة الوحيدة" للعقوبات الأمريكية هي "التأثير على علاقاتنا كدولتين حليفتين"، وفق ما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية.

وتابعت الوزارة أنه "على غرار كل التدابير المتخذة ضد تركيا، سوف تلقى ردا"، مشيرة إلى أن القرار الأمريكي "يتجاهل" قواعد منظمة التجارة العالمية.

وتشهد الليرة التركية تراجعا متواصلا منذ عدة سنوات، غير أن تدهورها تفاقم في الأيام الأخيرة بسبب الأزمة الدبلوماسية الخطيرة مع الولايات المتحدة المرتبطة خصوصا باعتقال قس أمريكي في تركيا بتهمة "التجسس".

وبعد وقت قصير من إعلان ترامب عن زيادة الرسوم الجمركية، أعلنت الرئاسة التركية وكأنما توجه رسالة ذات دلالة، أن اردوغان أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرة إلى أنهما بحثا بصورة خاصة الملف السوري والمبادلات التجارية بين البلدين.