بحث ميداني.. هكذا تنظر الأسر المغربية إلى تعليم أبنائها

موسى متروف

قدم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي نتائج البحث الميداني الذي أنجزته الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس حول "الأسر والتربية: تصورات، انتظارات، تطلعات وتكلفة"، اليوم الأربعاء، وهو البحث الأول من نوعه، يستطلع رأي الأسر في عدد من القضايا تتعلق بالتربية المدرسية.

رحمة بورقية، رئيسة الهيئة الوطنية للتقييم، تقدم نتائج البحث

كان الهدف من البحث معرفة تصورات الأسر المغربية، وتطلعاتها وانتظاراتها في ما يتعلق بتعليم أبنائها، ومدى رضاها عن المدرسة المغربية، وكذا تحديد اختيارات الأسر المرتبطة بنظامي التعليم العمومي والخاص، وقياس تكلفة التعليم بالنسبة للأسر.

التأخر المدرسي

شملت العينة 3000 أسرة مُنتقاة عن طريق السحب العشوائي، موزعة على مختلف جهات المملكة بالتناسب، منها 2000 أسرة بالوسط الحضري و1000 بالوسط القروي، من خلال أسلوب المقابلات الشخصية، والتي قام بها 45 باحثا مدرَّبا، حسب المجلس.

ومن نتائج البحث، ما يتعلق بالتأخر الدراسي بين الأسلاك، حيث كشف أن التأخر، بالمقارنة مع السن المبدئي بالسلك، يرتفع كلما تم التقدم في الأسلاك التعليمية؛ فنسبة  45%من تلاميذ السلك الثانوي التأهيلي متأخرون بالمقارنة مع السن المبدئي للسلك، كما يسجل 38% من التلاميذ تأخرا عمريا بالسلك الثانوي الإعدادي، و17,2% متأخرون في السلك الابتدائي.

بين القطاع العام والخاص

بالنسبة لتوزيع التلاميذ بين القطاعين العام والخاص، يتابع 84,1% من الأطفال بين 3و 22سنة، دراستهم في مؤسسات القطاع العمومي، و15,9% بالقطاع الخاص.

ويفيد البحث أن القطاع الخاص يتميز بكون النسبة الأكبر المتمدرسة به هي من تلامذة السلكين الأولي والابتدائي، وذلك بنسبة 83,4%، فيما يدرس 11% منهم بالسلك الثانوي الإعدادي و6% فقط هم متمدرسون بالسلك الثانوي التأهيلي أو العالي.

عدم التمدس

بالنسبة لعدم التمدرس، يكشف البحث أن نسبة الأطفال غير المتمدرسين والذين لم يلجوا أبدا المدرسة ترتفع أكثر عند الشباب من 18 إلى 22 سنة وذلك بـ8,2%.

كما ترتفع النسبة عند الأطفال من 6 إلى 11 سنة بـ4,5% وعند الأطفال من12 إلى 14سنة بـ0,8% وهي الفئة التي يفترض أن تكون في المدرسة، لأنهم في سن إلزامية التعليم.

الانقطاع

الذين ولجو من الأطفال والشباب بين 6 و22 سنة: المدرسة وانقطعوا عن دراستهم دون الحصول على الشهادة بلغوا %19,8 في المجموع، فيما بلغت نسبة الانقطاع 23,9% في الوسط القروي و13,1% في الوسط الحضري.

وبالنسبة إلى أسباب الانقطاع الأكثر ذكرا من طرف الأسر، فهي الفشل الدراسي في الامتحانات والتكرار، بنسبة 33,8%، وضعف دخل الأسر والفقر اللذان يشكلان السبب الثاني للانقطاع، وذلك بنسبة %11,7.

الشواهد المحصل عليها

بالنسبة إلى البالغين من العمر 15سنة فما فوق، لم يحصل 50,1% منهم على شواهد، فيما حصل 18,6% منهم على شهادة التعليم الابتدائي، و14,5% حصلوا على شهادة الدراسة بالإعدادي و7,2% حصلوا على شهادة الباكالوريا، و7,5%حصلوا على دبلوم عال و2,1% على دبلوم للتكوين المهني.

ويبقى أفراد الأسر المقيمة بالوسط القروي الأقل حصولا على شهادة من أولئك المقيمين بالوسط الحضري، فنسبة 69,2% من الأفراد بالوسط القروي أكثر من 15 سنة دون شهادة، مقابل39,4% بالوسط الحضري.

الإنفاق على الدراسة

وبالنسبة على الإنفاق الدراسة، يكشف البحث أن الإنفاق على طفل متمدرس في الخاص والعمومي، برسم السنة الدراسية 2017-2018، يقدر في المتوسط العام بـ2679 درهم حسب الأسر، في مختلف الأسلاك التعليمية.

وحسب سلك التعليم، يصل الإنفاق العام للأسر برسم سنة 2017-2018 إلى 3100 درهم للطفل بالتعليم الأولي، 2508 درهم للطفل بالتعليم الابتدائي، 2508 درهم للطفل بالتعليم الثانوي الإعدادي، و3454 درهم للطفل بالتعليم الثانوي التأهيلي.

ويبلغ الإنفاق الفردي 11.934 درهم بالقطاع الخاص، مقابل 938 درهم بالقطاع العام.

ويرتفع متوسط الإنفاق للطفل المتمدرس مع مستوى الدخل، حيث يبلغ تمدرس الطفل المنحدر من 10% من الأسر الميسورة 13,3 مرة تمدرس الطفل المنحدر من 10% من الأسر الفقيرة.

وقد صرح مايقارب 19% من الأسر أنهم استدانوا لتغطية تكاليف الدخول المدرسي لأطفالهم.

جدل المجانية

وبالنسبة للموضوع الحساس المتعلق بالمساهمة في مصاريف المدرسة العمومية، أفاد 77,6% من المستجوبين (25 سنة فما فوق) أنهم ضد المساهمة في مصاريف التمدرس بالمدرسة العمومية، وبلغت النسبة في العالم القروي 83,6%، وفي العالم الحضري 74,5%.

في المقابل، كان 18,6% في المجموع مع المساهمة، وبلغت النسبة في العالم الحضري 22% وفي العالم القروي 12%.

والجدير بالذكر أن الفارق بين النسب بين الرأيين يعود إلى الذين صرحوا بأنهم "لايعرفون".

وبالنسبة للأفراد الذين رفضوا المساهمة، فإن السبب الرئيسي للرفض، حسبهم، هو أن المدرسة العمومية يجب أن تبقى مجانية، وذلك بنسبة 64,9% منهم، فيما أرجع  31,3% منهم موقفه إلى عدم توفر الإمكانيات اللازمة.

إشكالية الجودة

اعتبرت 52,2% من الأسر في المتوسط أن المدرسة ضامنة لتعلم جيد، فيما يظن 44% منهم العكس؛ أي أن المدرسة تقدم تعليما سيئا.

وصرح 3,2% من المستجوبين أن ليس لهم رأي مستقر في المسألة.

وترى 60,4% من الأسر من بين أسر الوسط القروي أن المدرسة تقدم تعليما جيدا، وتنخفض هذه النسبة إلى 49,2% من بين الأسر بالوسط الحضري.

الدين في الأخير

ذكر 86,2% من البالغين 25 سنة فأكثر "تعلم القراءة والكتابة"، كأهم دور للمدرسة؛ فيما تم ذكر ثلاثة أدوار أخرى بشكل أقل؛ وهي "ضمان مستقبل الأبناء" بـ65,2%، "تعليم الثقافة للطفل" بـ54% و"تأهيل الطفل للنجاح المهني" بـ43,4%.

والمثير أن "تلقين القيم" و"تعليم مبادئ الدين" لم يتم ذكرهما إلا من طرف 33,4% و25,7%، على التوالي، من البالغين المستجوبين.

واعتبرت أغلبية الأسر (92,4%) أن المدرسة مهمة للذكور والإناث على حد سواء.

آفاق الدراسة

يلاحظ أن المهن الأكثر اختيارا من طرف الأسر للأبناء (26,2%) تنتمي لفئات المهن الحرة غير المتجانسة (طبيب، ومحام، ومهندس) ولمناصب في القطاع العمومي (28,2%)، وهي متبوعة في الدرجة الثانية بمهن محددة بدرجات متفاوتة مثل دركي، وشرطي، وجندي، وعون سلطة (11,3%)، أو مدرس (8,8%) أو موظف سامي في الدولة (8,7%).

وفي مايتعلق بالإناث، هناك تفضيل كبير من طرف الأسر للمهن الحرة ولمهن التدريس.

ويبقى التركيز على القطاع العمومي أكثر تفضيلا لكن بشكل أقل من الذكور. بينما المهن مثل دركية/شرطية/جندية،موظفة سامية بالدولة، منصب عالي في السلطة والية/عاملة/قاضية/ضابطة.. إلخ، وبشكل أقل رئيسة مقاولة تفقد أهميتها بالنسبة للبنات وهو ما يحيل على الصور النمطية التي يعرفها المجتمع، حسب محرري البحث.