"الحريك" إلى البرتغال.. بداية ظهور طريق جديدة عبر الأطلسي

تيل كيل

بدأت معالم طريق "حريك" جديدة ترسمها قوارب مهاجرين سريين على مياه الأطلسي تفرض نفسها كمسلك جديد للهجرة من شمال إفريقيا إلى جنوب أوروبا، فمنذ دجنبر 2019، بلغ عدد القوارب التي انطلقت من سواحل مدينة الجديدة ووصلت إلى البر البرتغالي خمسة، تحمل عشرات الشباب المغاربة.

يقسم خبراء الهجرة مسالك العبور السري من شكال إفريقيا نحو جنوب أوروبا إلى ثلاث: الأولى هي التي تربط شمال تونس وليبيا عن طريق البحر الأبيض المتوسط بالجنوب الإيطالي، "لامبيدوزا"، ثم الطريق الثانية عبر مضيق جبل طارق أو عبر الثغرين المحتلين سبتة ومليلية، ثم الطريق الثالثة التي يسلكها المهاجرون المنحدرون من دول جنوب الصحراء القاصدين جزر الكناري، غير أنه منذ دجنبر الماضي بدأت طريق جديدة تأخذ في الظهور، وتربط سواحل المغرب بالجنوب البرتغالي، كيف ذلك؟

في غضون ثمانية أشهر، اعترضت قوات خفر السواحل البرتغالية خمسة قوارب هجرة سرية تحمل 69 شخصًا قبالة مدينة "ألكارف" في جنوب البلاد، وقالت السلطات البرتغالية  إن القوارب الخمسة غادرت المغرب من مدينة الجديدة، أو كما يسميها البرتغاليون "مازاغاو".

تشكل طريق جديدة للهجرة السرية عبر الأطلسي، لم يمر مرور الكرام على الصحافة البرتغالية، التي رصدت الظاهرة الجديدة، فحسب صحيفة Expresso رسا القارب الأول قبالة برايا دي مونتي غوردو، على بعد بضعة كيلومترات فقط من الحدود مع إسبانيا ، وذلك يوم في 10 دجنبر، في رحلة في أعالي البحار استغرقت يومين.

وحسب المصدر فإن أول قارب كان يضم ثمانية مهاجرين عبروا مع "عشرة كيلوغرامات من التفاح وخمسة كيلوغرامات من بلح البحر"، إذ تمكن أربعة منهم من الفرار قبل وصول السلطات البرتغالية ، بينما تقدم الآخرون بطلبات لجوء. واعتبرت جميع طلباتهم "غير مؤهلة" باستثناء شخص واحد يبلغ من العمر 16 عاما ، بحسب المصدر نفسه.

بعدها بشهر واحد، وتحديدا في 29 يناير، سيجري اعتراض قارب جديدة وعلى متنه مجموعة من 11 شخصًا، هم شباب تتراوح أعمارهم بين 21 و 30 عاما، ومرة ثانية، هرب ثمانية، بينما رفضت سلطات الهجرة البرتغالية طلب اللجوء للآخرين.

وبعد هدنة دامت خمسة أشهر، استؤنف النشاط في 6 يونيو مع وصول سبعة شباب. قالت السلطات البرتغالية إنهم  سيجري الاستماع إليهم في المحكمة بشأن طلب لجوئهم، وأنه تم تحديد مواعيد الجلسات بالفعل".

في 15 يونيو، اعترضت السلطات البرتغالية قاربا على متنه 22 شابا، ولأول مرة لن يتقدم أي منهم بطلب اللجوء، إذ سيمثلون أمام المحكمة من أجل الدخول غير الشرعي إلى البرتغال ثم ترحيلهم صوب المغرب، لكن بعد أسبوع، سيأتي الدور على مجموعة جديدة من المهاجرين السريين المغاربة، مكونة من 21 شخصا تمكنوا من الوصول إلى الساحل البرتغالي.

يؤكد محمد نايت أرجدال، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة الجديدة، أن هناك تشديدا للمراقبة على طول السواحل الممتدة من سيدي رحال إلى الواليدية، خاصة وأن كل القوارب التي وصلت إلى البرتغال انطلقت من هذه المنطقة الجغرافية.

أما في البرتغال فبدأ السياسيون يرون ظهور طريق جديدة للهجرة السرية بأنه أمر يشغل بالهم.

بالنسبة لرئيسة المجلس البرتغالي للاجئين مونيكا فيرينها، التي تحدثت إلى "تيل كيل" فترى أنه "في الوقت الحالي، لا يمكننا أن نستنتج أن هناك طريق هجرة ثابت بين شمال المغرب وجنوب البرتغال، ولا يمكننا توقع التأثير على المستوى الوطني والأوروبي" لكنها تقر في الوقت ذاته "بوجود وتيرة جديدة لهذه الطريق، والتي  تبقى منخفضة مقارنة مع إسبانيا".

وردا على سؤال من الإذاعة البرتغالية ، اعتبر السفير المغربي في لشبونة عثمان باحنيني أنه "من السابق لأوانه الحديث عن طريق جديد للهجرة غير الشرعية" ، مضيفا أن "الحدود المغربية تحت السيطرة".

ويسعى البلدان إلى تعزيز اتفاقياتهما بشأن الهجرة، إذ كشفت وكالة المغرب العربي للأنباء في وقت سابق، بعد "زيارة مجاملة" قام بها السفير البرتغالي في الرباط برناردو فوتشر بيريرا، أن "البرتغال تطمح لإبرام اتفاقية بشأن الهجرة مع المغرب ".

وفقًا لمصدر مطلع على الأمر ، فإن هذه الاتفاقية، التي سيجري توقيعها قبل نهاية العام، يجب أن تكون "مماثلة للاتفاقية التي أبرمها المغرب مع إسبانيا ، والتي تتيح إمكانية العمل لفترات قصيرة (العمال الموسميون) ، وكذلك توقيع عقود العمل وفقا لاحتياجات الشركات البرتغالية ولمدة أطول".