إدماج أم إقصاء.. هل "تخلت" الحكومة عن أصحاب "الراميد"؟

محمد فرنان

مع مرور الوقت يحتدم النقاش بين الأغلبية والمعارضة حول طريقة تنزيل ​​​​​ورش تعميم التغطية الاجتماعية على أرض الواقع، بل ارتفع منسوب الانتقادات الموجه إلى الحكومة بسبب هذا الأمر، خصوصا مسألة المؤشر والعتبة، مما يدفع للتساؤل، هل "تخلت" الحكومة عن أصحاب نظام المُساعدة الطبية (الراميد)؟.

قرار بدون شرح 

أعلن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، في يوم الخميس 01 دجنبر 2022 عن انطلاق التأمين الإجباري عن المرض بالنسبة للأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، ابتداء من فاتح دجنبر 2022 لأصحاب الرميد الذين يصل عددهم إلى 11 مليون شخص، أي أربعة مليون أسرة.

وأوضح البلاغ حينها، أنه "سيتم تسجيلهم بشكل تلقائي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي دون الحاجة إلى قيامهم بأي إجراء، ثم موافاتهم برقم تسجيلهم عبر رسالة نصية تخول لهم كذلك إمكانية تحميل شهادة التسجيل".

وأبرزت أن "الدولة تتحمل واجبات الاشتراك في نظام التأمين الإجباري عن المرض "AMO" بالنسبة لهذه الفئة من المواطنين، ما دامو غير قادرين على تحملها".

إدراج بطعم "تقليص" العدد

الانتقال من "الراميد" إلى "أمو تضامن" الذي قامت به الحكومة، ليس دائما، بل لفترة مؤقتة، لمن له البطاقة سارية المفعول، وإذا انتهت الصلاحية، على الشخص التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد، والحصول على العتبة التي تخول له الاستفادة من "أمو تضامن".

وقد حدّد قرار مشترك بين وزارتي الداخلية والصحة، آجال تقديم طلبات الاستمرار في الاستفادة من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك.

وتنص المادة الأولى من القرار، على أنه "يقدم طلب الاستمرار في الاستفادة من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك المنصوص عليه في المادة 18 من المرسوم المشار إليه أعلاه رقم 2.22.797 قبل انتهاء مدة صلاحية بطاقة المساعدة الطبية الخاصة بالمؤمن الذي تم نقله للاستفادة من النظام المذكور ، وذلك مع مراعاة الآجال المحددة في الجدول التالي :

وأضاف القرار، أن "المؤمن الذي ورد اسمه ضمن القوائم الخاصة بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، أو تبين أنه لا يتوفر على أربعة وخمسين (54) يوما من التصريح بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة المأجورين وأصحاب المعاشات بالقطاع الخاص، يتعين عليه تقديم الطلب المذكور قبل انتهاء مدة صلاحية بطاقة المساعدة الطبية الخاصة به وفي جميع الحالات قبل فاتح ماي 2023".

"إقصاء" العتبة لأصحاب "الراميد"

ولا يكفي التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد لمن كانت عنده بطاقة "الراميد"، بل يجب عليه الحصول على عتبة أقل أو تساوي  9,3264284 من أجل الإستفادة من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك.

هنا، تجد الأسرة نفسها خارج العتبة، لأن تواجد الأسرة أو الشخص في المجال الحضري في أي جهة كانت يوضع له تنقيط منذ البداية 9,825، (اي فوق العتبة 9,326 )، إضافة إلى نقطة الخاصة بكل جهة الثابتة وهذا الأمر يهدد فئة عريضة حاملي "راميد" بحرمانهم من الاستفادة من "أمو تضامن".

هذا التنقيط الذي حددته المندوبية السامية للتخطيط، اعتبرت الشخص الذي يتوفر على هاتف محمول توضع له نقطة (0,0516)، أو إذا كان المستوى التعليمي مرتفعا فله (0,180)، أو التوفر على لاقط هوائي (0,0873)، وحاسوب (0,138)، وإذا كانت الأسرة يتوفر على حمام أو رشاش يضاف إليها (0,096).

الحكومة: لن نتخل عن أصحاب "الراميد"

الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة،المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أوضح أن "الحكومة لم تتخل  على أصحاب "الراميد".

وأكد بايتاس، في جوابه على سؤال "تيلكيل عربي" في ندوة المجلس الحكومي، الخميس، الماضي، "إلتزام الحكومة مع فئة أصحاب الراميد الغير القادرة على تحمل الاشتراك في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي".

وأبرز أنه "إلى غاية 11 أبريل الجاري، بلغ عدد المسجلين في الصندوق إما ذو الحقوق أو أرباب الأسر، 9 مليون و720 ألف و264. اي بنسبة انخراط 91 في المائة، واستفاد من 47،692 شخص من فئة أصحاب الراميد من العلاج".

وأشار إلى أن "هذا الموضوع تحدثنا عنه غير ما مرة، من انتهت بطاقة أو لم يجددها عليهم الاتصال بالرقم الهاتفي المخصص لهذا الغرض".

 المجهول

وحكى رجل على أعتاب السبعين سنة من عمره لـ"تيلكيل عربي"، "أنا وزوجتي، لما انتهت صلاحية بطاقة الراميد، في أكتوبر من السنة الماضية، أردت تجديدها، فقيل لي، انتهت، هناك نظام جديد".

وأضاف، "لما تم الإعلان عن نقل جميع المستفيدين من الراميد إلى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي استبشرت خيرا، لكن الرقم لم يصلني في الهاتف، وعندما سألت قيل لي يجب أن تسجيل في السجل الاجتماعي الموحد".

وأوضح، "أنا رجل لم أعمل في عمل قار، كل مرة، وأين تقودني الأقدار، إما البناء، أو الحراسة، أو بيع الخضر أو الخردوات، هل سيضعون لي تاجر؟".

وتابع: "حاليا بدأت أحس بالتعب، ولم أعد أستطيع جلب لقمة العيش للمنزل، وأصبحت عصبيا، ومن يساعدني شهريا هو ابني الذي يعمل في القطاع الخاص بمدينة بعيدة".

واستطرد، "لما كنت قادرا على العمل الشاق، استطعت بناء منزل في سنوات، بعدما قدمت لنا الدولة الأرض مجانا، هل لأنني لدي منزل بنيته "طوبة طوبة"؟ ولدي لاقط هوائي، ومحسوب على منطقة حضرية سوف أحرم من العلاج المجاني".

ولفت إلى أنه "لحد الساعة لم أتسجل في السجل الاجتماعي الموحد،  لأنني خائف من الرفض لأي سبب قد يقال، "بحال فقدت الأمل"، واكتفيت بالسجل الوطني للسكان".

بن كيران: دابا لي تدير الميناج غا اديرو ليها مقاول ذاتي

تطرّق عبد الإله بن كيران إلى موضوع أصحاب الراميد والأرامل في لقاء حزبي، قبل أيام، بقوله: "جاءت إمرأة عندي قالت عندي الأيتام، قلت لها، واش ما تتخلصيش عليهوم، قالت هاذي شهر ولا شهرين حبسو عليا، قالو ليا راه الراميد ما بقاتش، وقدمت لي ورقة صغيرة فيها رقم".

وأضاف رئيس الحكومة السابق، "ماذا في عقلية الحكومة لكي يقدّم على هذا الفعل، هذه السيدة سوف تنقلها لنظام آخر، إلا بغيتو تحيدو الأرامل واسم عبد الإله بن كيران، والعدالة والتنمية، ليس هناك مشكل، ولكن علاش تحيدو لهاذ السيدة 700 درهم التي كانت تتوصل بها، لأنه كان عندها طفلين".

وتابع: "واش هاذ 700 درهم تضيق على ميزانية الدولة، من يتخذ مثل هذه القرارات ماعندوش الكبدة على المواطن البسيط والفقير".

وأبرز أن "رئيس الحكومة خرج يقول، هناك من عندهم إمكانيات ومسجلين في "الراميد"، طبعا لا نريد للأغنياء أن يكونوا في الراميد، واش النصف لي كانو مسجلين في الراميد أغنياء".

ونّبه إلى أنه "خلي الأمور تمشي عادية ملي بدلتي النظام، ودير المراقبة تدريجيا إلا جات عندك امرأة، وقالت لك عندي ماكينة تنخيط بيها، للناس، إما سروال وقميجة، وتقدر تصور واحد 30 درهم بزز، واش نحيدو ليها الراميد، ونكتب لها أصبحت خياطة، ونقدمها إلى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي".

وأورد، "بعد تسعة أشهر تتجيها مراسلة باش تخلص 1300 درهم للاشتراك، عمر داك المرأة ما شافت 26 ألف ريال في حياتها، شنو تيديرو هاذ الناس، ماشي هكذا تتمشي الدول الناس عندهوم مكاسب إلا قدرتي تخليها ليهوم خليها، إلا ممكن تراجعها خوذ الوقت".

وذكر المتحدث ذاته، أنه "ميحت قالت ليها فاش خدامة المرأة الأولى، قالت لي تندير الميناج عند الناس، واقيلا دارو ليها مقاول ذاتي، واعلم الله اش تكتب ليها، وتيقولو هاذي خصها تخلص cnss".

وشدد حزب العدالة والتنمية في بلاغ على أن "تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية ينبغي أن يصون الحقوق المكتسبة لهذه الشرائح المستضعفة من الشعب، وأن لا يترتب عنه بأي حال التراجع عن مكتسباتهم برسم برامج سابقة من مثل الخدمات الصحية المجانية التي كان يوفرها نظام المساعدة الطبية، وبرنامج دعم الأرامل وبرنامج تيسير لدعم التمدرس وغيرها".

وعد بنشعبون: الدولة ستتحمل تكاليف 11 مليون منخرط في الراميد

وكان وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، أكد في عرضه حول مشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية أمام الجلسة العامة بمجلس النواب، إن "هذا المشروع موجه بالأساس لحماية الفئات الفقيرة والهشة والأسر ذات الدخل المحدود ضد مخاطر الطفولة، والمرض، والشيخوخة، وفقدان الشغل".

وأضاف أن "حوالي 22 مليون، منهم 11 مليون منخرط في نظام المساعد الطبية "راميد" الحالي، و11 مليون من المهنيين والتجار والفلاحين والصناع التقليديين وأصحاب المهن الحرة، سيستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بنفس الخدمات وسلة العلاجات التي
يستفيد منها الأجراء في القطاع الخاص حاليا".

وشدّد على أن "الدولة ستتحمل تكاليف الاشتراكات بالنسبة لـ 11 مليون منخرط في نظام المساعد الطبية "راميد" الحالي، الذي ينتمون للفئات الهشة والفقيرة بغلاف مالي سنوي يناهز 9 ملايير درهم، أي بزيادة سنوية تقدر بـ 7 ملايير درهم مقارنة مع النفقات الخاصة بشراء الأدوية في إطار نظام راميد الحالي".

وقال نفس الوزير، أمام الملك محمد السادس، يوم الأربعاء 14 أبريل 2021 بالقصر الملكي بفاس، حفل إطلاق تنزيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية وتوقيع الاتفاقيات الأولى المتعلقة به، أن "الأمر يتعلق أولا بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض خلال سنتي 2021 و2022، وذلك بتوسيع الاستفادة من هذا التأمين ليشمل الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية، وفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يمارسون نشاطا خاصا، حيث سيتمكن 22 مليون مستفيد إضافي من هذا التأمين الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء".