حيار لـ"تيليكيل عربي": وجدت كفاءات مغيبة ومشاكل كثيرة بالوزارة وهذه كواليس دخولي حزب الاستقلال

بشرى الردادي

تصوير: ياسين التومي

ما المشاكل الكبيرة التي اكتشفتها في وزارة كانت تحت عهدة بسيمة الحقاوي؟ ما قصة الأغلفة المالية التي وجدتها غير مصروفة؟ هل ستُحدث قطيعة مع تدابير الحكومة السابقة؟ ما استراتيجيتها لمحاربة ظاهرة زواج القاصرات وحماية النساء من العنف؟ كيف ستسخر خبرتها في مجالات نظم المعلومات والتقنيات الجديدة من أجل النهوض بالقطاع الاجتماعي؟ ما كواليس دخولها حزب الاستقلال؟ ما ردها على من يرى أن الحضور الحكومي ضعيف إعلاميا؟ كيف دافعت عن القرارات الفجائية لوزير الصحة رشيد أيت الطالب؟ أسئلة وأخرى تجيب عنها وزيرة التضمان والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، في أول حوار لها مع موقع "تيلكيل عربي".

*كيف تلقيت خبر تنصيبك كوزيرة؟

كان هناك إحساس بالمسؤولية الكبيرة التي حملتها في قطاع اجتماعي في إطار مشروع "الدولة الاجتماعية"، وهو ما جعلني أقطع على نفسي عهدا بتسخير خبرتي كجامعية اشتغلت على عدد من مفاهيم المدن الذكية الاجتماعية والدامجة، لأكون عند حسن الظن.

*ما هي أبرز التحديات التي تواجهك حاليا في الوزارة؟

يوجد على رأس القائمة، التشتت في الموارد البشرية والمالية المخصصة، بالإضافة إلى التدبير الذي تلزمه مقاربة جديدة، وغياب الالتقائية في السياسات العمومية. فرغم أن هذا القطاع يُعنى بالمرأة، والطفل، والمسن، والمعاق، إلا أن كل محور لديه ترسانة قانونية خاصة، ليست بالضرورة مرتبطة بالمحور الآخر، مع العلم أن هؤلاء الناس كلهم يعيشون في أسرة واحدة؛ بمعنى أنه لا توجد سياسة عمومية مندمجة للأسرة.

وفي ما يخص موضوع المساواة بين الرجل والمرأة التي يضمنها الدستور، فهناك غياب رؤية شاملة تعطي أهمية كبيرة لتفعيل هذه المساواة في جميع الفضاءات.

أيضا، هناك غياب للالتقائية المجالية، حيث لا نجد تنسيقا بين عدد من المتدخلين، وأتكلم هنا عن الوزارة، ومؤسسة التعاون الوطني، ووكالة التنمية الاجتماعية، بحيث أن للوزارة شراكات خاصة بها، بالإضافة إلى شراكات عن طريق الأولى أو عن طريق الثانية، إلا أنه لا يوجد تنسيق بين هذه البرامج، لدرجة أنني في بعض الحالات، أجدهم يشتغلون على نفس الشيء، بالموازاة.

لذلك، وجدت أن أول شيء يجب العمل عليه، هو وضع رؤية شاملة مندمجة، فيما يخص السياسات العمومية، والالتقائية المجالية، وكذلك فيما يخص تشبيك وتعاضد الإمكانيات البشرية والمادية ما بين مكونات القطب الاجتماعي، ناهيك عن الشركاء الذين نتعامل معهم، تفاديا لأي تشتت فيها، ولأي تأخر في إنجاز المشاريع، لأنني وللأسف، وجدت أن هناك أغلفة مالية كبيرة لم تصرف، نظرا لغياب التنسيق والالتقائية والتتبع، وضعف "ثقافة النتيجة".

*ما هي أولى الخطوات التي قمت بها لتقويم هذا الاعوجاج؟

حاولت تشكيل فريق قادر على مساعدتي في تنزيل ومواكبة الاستراتيجيات، في أقرب وقت. كما حاولت أن أرتكز على مكونات وأطر القطب الاجتماعي، حيث اكتشفت وجود كفاءات عالية، سواء بمؤسسة التعاون الوطني، أو بوكالة التنمية الاجتماعية.

وهنا أود الإشارة إلى أنه، بالنسبة للتعاون الوطني، لدينا ثلاثة آلاف مركز عبر أقاليم المملكة، لكن للأسف، ليس لديهم تصور ورؤية مستقبليين، وحتى تكوينهم لم يواكب طموحات وانتظارات المواطنين، وهو الشيء الذي حز في قلبي، إذ كيف لهذه الكفاءات أن تكون ضائعة؟ لذلك قمت بتنظيم عدد من المناظرات حضوريا وعن بعد، كما زرت بعض المراكز، ووجدت المشتغلين فيها متجاوبين بشكل كبير، من أجل الاشتغال معا، نظرا لوجود تكامل فيما بينهم.

*هل يمكن القول إنه تم تغييب هذه الكفاءات، مقابل إبراز أسماء أخرى أقل كفاءة؟

ما أستطيع قوله هو إن الكفاءات هي إما طاقات متحركة أو كامنة، وصحيح أن الطاقات الكامنة التي كانت مغيبة كثيرة. فمثلا، وكالة التنمية الاجتماعية تتوفر على 400 إطار من ذوي المستوى العلمي والخبرة العاليين، لكن تواجدهم وأثرهم في المجال الاجتماعي كان تقريبا غير موجود، حتى أكون واضحة.

*ما هو السبب؟

لدي دائما مقاربة إيجابية، ولا أشير بالإصبع إلى أي أحد، كما لا أنظر للماضي. ربما هذا راجع لتكويني كمهندسة ذات تفكير براغماتي. فأنا أفكر في كيفية تحويل الوضعية الموجودة إلى وضعية أحسن، بعد الارتكاز عليها، وتحليلها، ووضع تصور مستقبلي. لكن ما أستطيع قوله هو إن هذه برامج حكومية، وكل حكومة لديها تصور، ومرجعية، وآفاق تطمح لها.

والحكومة التي أنتمي لها، هي حكومة جاءت ببرنامج "دولة اجتماعية"، وهذا تصور الملك محمد السادس، لكننا لم ننجح في تنزيلها منذ دستور 2011، ويكفي أن نلقي نظرة على عدد المشاكل الاجتماعية المتواجدة إلى حدود الساعة.

ما حاولنا القيام به هو الارتكاز على الطاقات المتواجدة، سواء في مؤسسة التعاون الوطني، أو في وكالة التنمية الاجتماعية، والقيام بتقوية قدراتها، لنتماشى مع متطلبات وحاجيات المواطنين. فالمواطن لا ينتظر منا أن نقول له: نعطيك اليوم ونعطيك غدا. انتماؤه للفئات الهشة، لا يعني أن يبقى لصيقا بوصمة العار تلك. فأنا أرى فيه طاقة كامنة يجب القيام بمواكبتها وتكوينها، ولا أقصد هنا التكوين الإشهادي، بل الوحدات التكوينية الموجهة لسوق الشغل وللإدماج الاجتماعي والاقتصادي. وهذا ما سنقوم به في إطار واسع بالاعتماد على الرقمنة، حيث سنقوم بتقوية قدرات القطب الاجتماعي، والتي بدورها ستقوي قدرات الجمعيات، التي عن طريقها، سيتم تأطير ومواكبة المواطنين في عدد من مراكز التعاون الوطني في طور التحديث والتطوير.

*ما التدابير السابقة التي ستقطيعن معها؟ وهل هناك طرق للاشتغال ستبقين عليها؟

المقاربة التي أتيت بها هي مقاربة جديدة، وفيها قطيعة حتمية مع ما سبقها. فهي مبنية على الحكامة الرقمية، لأنها ستمكننا من إزالة الضبابية في التدبير، وتتبع الموارد المالية، وكذلك النتائج المتحققة، وبأي نسبة حُقّقت، إلى غيرها من الأمور. وهذا ما لا يمكن تحقيقه بدون "لوحة البيانات"، التي تجعلك تتتبع كل شيء لحظة بلحظة.

لكن إذا أردت تطوير القطاع، يلزمنا العمل بـ"ذكاء الأعمال"، حتى نرى كيف يمكننا تحقيق الأهداف المبتغاة بالمعطيات المتوفرة. فحسب البيانات، نستطيع تتبع النتائج، وتوجيه البرامج، وتحقيقها، من أجل الوصول إلى الأهداف في الزمن المحدد، وبالحجم الذي نريده.

*ما ردك على من يقول إن تسخير خبرتك في مجالات نظم المعلومات والتقنيات الجديدة بدل القطاع الاجتماعي، كان سيخدم عمل الحكومة أكثر؟

صحيح أنني خبيرة في مجال تقنيات التواصل والرقمنة والأنظمة الرقمية، إلا أنني ومنذ عام 2007 تقريبا، بدأت في الاشتغال على كيف يمكن للرقمنة أن تخدم المجتمع، بدل تطوير منظومات الاتصال والرقمنة، لأنني في مرحلة معينة في حياتي تساءلت: ما فائدة هذه الأبحاث التي نقوم بها إن لم تساعد المجتمع، وخاصة الفئات الهشة؟

صحيح أنني كنت من أول من أدخل مفهوم "المدن الذكية" للمغرب، لكن الإبداع الذي أتيت به فعلا، هو "المدن الذكية الاجتماعية"، لأنني أرى في الفئات الهشة رأسمالا بشريا مهما غير مستغل، والهاجس الذي كان لدي هو كيفية تمكنيه من الولوج إلى الفضاء الرقمي، بحيث يستيطع الفرد أن يتواصل، ويدرس، ويتعلم، ويجد عملا، ويبيع منتجا أو خدمة.. إلخ.

لقد كنت سعيدة جدا لأن هناك من رأى أنه من الأحسن أن توظف عواطف حيار خبرتها الرقمية في خدمة الحقل الاجتماعي.

*ما هي استراتيجيتك لمساعدة وزارة التربية الوطنية، في رفع النسبة المتدنية لتمدرس الفتيات في العالم القروي؟

المشكل الحقيقي الذي نواجهه هو عندما تتجاوز الفتاة سن 15، حيث تنهار نسبة تمدرس الفتيات في العالم القروي، ولهذا لدينا برنامج دور الطالبات، عن طريق مؤسسة التعاون الوطني، وأيضا، بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية، والذي نشتغل على أن يكون متضمنا لبرامج مواكبة الفتيات، من الناحية الريادية والتكوينية، بالموازاة مع التكوين المدرسي. هذا في حال ما إذا سمح لهم آباؤهم بالالتحاق.

أما في حالة ما إذا منعوهم من ذلك، فإننا سنحاول العمل مع الأكاديميات، من أجل إعلامنا بحالات الانقطاع عن الدراسة، لندخل على الخط، ونحاول إقناع أسرهن بعودتهن للدراسة. وإذا لم يكن بالإمكان، سنحاول إقناعهم بترك بناتهن يتعلمن عن بعد على الأقل، لأن ذلك سيساعدهن ويمكنهن من مساعدة حتى عائلاتهم التي تعيش حالة هشاشة. وهنا، أريد أن أشير إلى أننا نتفهم جيدا خوف الأسر على بناتهن في هذا السن، خصوصا في ظل تفكير محافظ.

وفي هذا الصدد، تدارسنا مع وزارة التربية الوطنية إمكانية خلق أقسام افتراضية لها نفس البرنامج الذي تشتغل به المدارس والثانويات، حيث يمكنهن متابعة دراستهن، ولن يكون لزاما عليهن الحضور سوى للامتحانات، حتى يتم منحهن الشواهد الدراسية.

*ما هي استراتيجية الوزارة لمحاربة ظاهرة زواج القاصرات؟

هذا سؤال مرتبط جدا بالسؤال السابق؛ فتزويج الفتاة القاصر يكون هو الحل بعد منعها من إكمال دراستها، نظرا لتشكيلها عبئا على أسرته.، لكن للأسف، العائلة تندم بعد ذلك ندما كبيرا. لقد رأيت بنفسي أسرا تبكي بعد رجوع الفتاة إلى بيتها مطلقة وهي تحمل بين ذراعيها طفلها أو طفلتها.

لهذا، سنشتغل على المواكبة الأسرية عندما تنقطع الفتاة عن الدراسة، بحيث سنتواصل مع العائلات عن طريق مؤسسة التعاون الوطني، في إطار التربية الأسرية أو التربية الوالدية، ونحاول توعية الأسرة بمخاطر الزواج المبكر، عن طريق العاملات الاجتماعيات، (رغم تحفظي على هذا الاسم)، لمعرفة أسباب هذا القرار، ونشرح لها ولأهلها أنها مازالت طفلة، وأن دراستها أولى لها من زواج لن ينتج عنه سوى عنف، وطلاق، وأشياء أخرى من هذا القبيل.

*ما هي خطة الوزارة لجعل مؤسسة التعاون الوطني القلب النابض للرعاية الاجتماعية؟

لدينا استراتيجية طموحة للنهوض بهذه المؤسسة العريقة والمهمة جدا، والمتواجدة في جميع أقاليم المملكة؛ فبالإضافة إلى الالتقائية وتقوية قدرات الكفاءات في مؤسسة التعاون الوطني ووكالة التنمية الاجتماعية، سنشتغل على جيل جديد من مراكز التعاون الوطني التي لن تبنى، بل سيتم تأهيلها، والتي يبلغ عددها 3000 مركز في المغرب.

ولأن المشكل الأول الذي نواجهه رغم هذا العدد المهم هو التشتت، فقد بدأت دورة وطنية، منذ يوم 18 دجنبر الجاري، والتي سأزور فيها جميع جهات المملكة، لمدة أسبوع.

والجديد بهذا الخصوص، هو ربط هذه المراكز رقميا، وخلق شيء جديد بها، هو مسارات الإبداع الاجتماعي والإدماج الاجتماعي، بحيث ستكون هناك حاضنات لتكوين المواطنين في مجالات عدة، ومواكبة مشاريعهم، وهو ما سيختتم بحصولهم على شهادات. كما سنتواصل مع شركاء آخرين، لإنجاح هذه الخطة. بخلاصة: لي دخل عندنا ما خصناش نطلقوه، ما جا عندنا إلا وعندو مشكل. هذه هي الاستراتيجية التي نعمل حاليا على تنزيلها.

أمر آخر أريد الإشارة إليه، هو أنني وجدت أغلفة مالية لم تصرف بعد، لكننا حولناها لمؤسسة التعاون الوطني، بالإضافة إلى أغلفة مالية أخرى لم تصرفها هذه الأخيرة، ما جعل بين أيدينا تقريبا في المجموع، 150 مليون درهم، وهو المبلغ الذي سنوجهه لتأهيل مراكز التعاون الوطني لتصبح مراكز من الجيل الجديد، بها استقبال محترم، وظروف جيدة، ومنظومة للمعلومات والمواكبة وتصميم الوحدات التدريبية، والالتقائية ما بين الوزارة، ومؤسسة التعاون الوطني ووكالة التنمية الوطنية، وجميع الشركاء.

يمكنني قولها بكل ثقة: إن تعاونا، سنستطيع الوصول إلى أكثر من 10 آلاف مركز ستكون قادرة على فتح آفاق مهمة جدا للمواطنين.

*بالحديث عن عدم صرف أغلفة مالية، كيف يعقل أن يحدث هذا في وزارة حساسة كوزارتكم؟

بدون الإشارة بإصبع الاتهام إلى أي أحد، لم تكن هناك حكامة أو "ثقافة النتيجة"؛ بمعنى أن تتبع المشاريع كان غائبا.

لا يعقل أن تنتظر آخر السنة لترى النتائج، فتجد غلافا ماليا به 70 مليون درهم لم يتم صرفه بعد. ما يجب فعله، هو أن تكون "لوحة البيانات" أمامك، وتتابع كل شيء لحظة بلحظة. لهذا قلت إنني قطعت مع كل ما سبق.

وأشير هنا إلى أن مؤسسة التعاون الوطني بدأت الاشتغال بالغلاف المالي الذي تم تحويله لها، بناء على التزام بيننا، حيث ستعمل في الأشهر الأولى، على تأهيل 50 مركزا لتصبح نموذجية، لتتبعها بعد ذلك، مراكز أخرى. كل هذا في جو من التنافسية حول من الأفضل والأسرع في تحقيق الأهداف الموضوعة.

وللعلم، ليست وزارة التضمان والإدماج الاجتماعي والأسرة هي الوحيدة التي تعاني من هذا المشكل؛ فعندما ترأست جامعة الحسن الثاني، وجدت أن هناك 300 مليون درهم لم تصرف به، والأنكى أنها كانت متأخرة 10 سنوات.

*كيف ترين وضعية المرأة المغربية؟

الحمد لله أن بلادنا قطعت أشواطا كبيرة فيما يخص وضعية المرأة؛ فدستور المملكة يمنحها المساواة التامة مع الرجل، لكن المشكل المتبقي هو تنزيل هذه المساواة على أرض الواقع، إذ مازال هناك طغيان للعقلية الذكورية، وهذا ما رأيناه. المجتمع دائما ما يرى المرأة أقل من الرجل، حتى وإن ناضلت، ودرست، واجتهدت، وأبدعت لتصل إلى مستوى معين، واشتغلت بجد، وخلقت مشروعها الخاص، إلا أنه وبمجرد تواجده إلى جانبها، ينسب له كل ما تقوله وتفعله وتفكر فيه. وهذا حيف كبير في حقها، بل واعتبره عنفا ضدها.

ولمحاربة هذه العقلية الذكورية، يجب أن نبدأ بالأطفال، لذلك اقترحت هذه السنة، أن نشتغل على التحسيس في الوسط المدرسي، لنزرع في عقول الأطفال قيم المساواة، ونجعل الطفل يرى أن زميلته أو أخته، أو..، أو..، ليس ناقصة، بل متساوية معه. كما نقوي شخصية الطفلة ونزرع في داخلها إحساس الثقة بالنفس، وأنها كما قلنا، مثلها مثل الطفل، وكل هذا لن يكتمل بدون التربية الوالدية التي سنكثف من البرامج التي ستقويها.

أما النقطة الثانية في المشكل، فهي التمكين الاقتصادي للنساء، ولا أتكلم هنا بالضرورة عن ولوج سوق الشغل، إذ المطلوب هو أن تكون المرأة فاعلة في الاقتصاد الوطني بأي شكل من الأشكال، وهذا هو هدف البرنامج الحكومي. وبصراحة، أنا متفائلة بخصوصه.

*ما هي استراتيجية الوزارة لمحاربة العنف الممارس ضد النساء؟ وما خطتكم لمواجهة تحدي النسب الضعيفة جدا للتبليغ عنه؟

قمنا بحملة مكثفة هذه السنة تحت شعار "أنخرط"، والتي شهدت بالفعل، انخراطا واسعا، وكان لها صدى كبير في المجتمع، لكن مثل هذه الحملات يجب أن يكون على طول العام، وليس موسميا.

أما في إطار القانون، فهناك خلق لفضاءات متعددة الوظائف للنساء. هذا برنامج كان سابقا، لكن لنكن واضحين، تفعيله لم يكن كبيرا، إذ أن عدد المراكز كان قليلا جدا، مقارنة بتفشي الظاهرة. لذلك، التزمنا مع لجنة "إعلان مراكش" التي تترأسها الأميرة للا مريم، لكي يكون لدينا هذه السنة، مركز مفعل في كل إقليم، على الأقل.

وفيما يخص التبليغ، فهناك رقم أخضر لكن التجاوب معه لم يكن كبيرا، إذ لم يعط إلى حدود الساعة، النتيجة المتوخاة. لذلك، نحن نفكر بإنشاء تطبيق، حتى نسهل على النساء المعنفات التبليغ.

أمر آخر مهم أريد أن اختم به، هو لزوم مواكبة الأسرة، بمعنى المعنِّف والمعنَّفة معا، وإلا فإننا سنبقى في هذه الدوامة.

صحيح أنه يجب معاقبة الزوج وزجره، لكن يجب أيضا مواكبته نفسيا واجتماعيا، حتى لا يعيد الكرة، إذ يجب أن يعي أن سلوكه نابع عن نقص وضعف، وأن التعدي على مخلوق أضعف منه جسديا، ليس بطولة.

*ما هي انطباعاتك الأولى بعد دخولك حزب الاستقلال، باعتبار التجربة الحزبية جديدة عليك كتجربة الاستوزار؟

كنت سعيدة جدا لأن الحزب الذي دخلت باسمه للحكومة هو حزب الاستقلال. الكل استقبلني بالأحضان، ووجدت أنه يرحبون بالكفاءات، بالإضافة إلى سعادة الشبيبة الاستقلالية بي، كوني وزيرة بخلفية جامعية، تحمل أفكارا جديدة تتماشى مع الشباب.

شيء آخر وجدت نفسي فيه وارتحت له، هو تقاطع مبادئي وتصوري واهتماماتي منذ سنوات، مع رؤية الحزب فيما يخص عددا من الأمور؛ مثل إخراج مليون أسرة من الهشاشة، واعتبار الأسرة بنية أساسية متماسكة للتنمية الاجتماعية.

*ما ردك على الحضور الحكومي الإعلامي الضعيف، بما فيه خرجات عزيز أخنوش رئيس الحكومة؟ وهل هذه استراتيجية اختارتها الحكومة؟!

نحن حكومة جديدة، وليس من المعقول والصائب أن نتحمل اليوم المسؤولية ونخرج للإعلام غدا، بل يجب علينا بلورة استراتيجياتنا، والحمد لله أن جميع الوزارات في المرحلة الأخيرة من هذه الخطوة.

ما نفعله وجيه ومقاربة علمية سليمة، فنحن نرى ما هي الوضعية الحالية التي وجدنا عليها الوزارات، ونحدد أهدافنا وكيفية الوصول إليها، ببلورة استراتيجيات يتم عرضها على الشركاء والفاعلين في القطاعات، قبل الخروج باستراتيجية نهائية يمكن الاشتغال عليها، بدء من شهر يناير المقبل.

وكما يقول الفرنسيون: "On peut pas être au four et au moulin".

*لكن هناك وزارات تعيش وضعية حساسة، وليست بحاجة لكل هذا الوقت حتى تتواصل مع المواطنين وتطمئنهم وتشرح لهم خلفيات بعض القرارات؟

يجب أن ننحني إجلالا لقطاع الصحة، لأنه مر بظروف صعبة جدا. لكننا والحمد لله، بفضل رؤية الملك ومجهودات السلطات وانخراط الجميع، بات يضرب ببلادنا المثل.

هاجس الوزير هو إنقاذ المغاربة، وهذا أمر يأخذ من وقته الكثير، ثم إنه إنسان في آخر المطاف.. نصبروا لبعضياتنا شوية، لأن الغاية نبيلة.