خطة تدبير الدراسة في ظل استمرار الجائحة.. مذكرة جديدة لوزارة التعليم

تيل كيل عربي

راسلت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يومه الاثنين، كلا من مديرات ومديري الإدارة المركزية، والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، ومؤسسات التعليم العمومي والخصوصي، والمديرات والمديرين الإقليميين، والأستاذات والأساتذة، وذلك بخصوص خطة تدبير الدراسة خلال الفترة المتبقية من الموسم الدراسي 2021-2022، في ظل استمرار جائحة فيروس "كوفيد-19".

وأكدت الوزارة في مذكرتها أن "المقاربة التي تعتمدها في تأمين الدراسة في ظل استمرار جائحة فيروس "كوفيد-19" تعتمد على ضمان الاستمرارية البيداغوجية، وفق أنماط تربوية تتناسب وتطورات الوضعية الوبائية ببلادنا، مع إعطاء الأولوية للتعليم الحضوري، اعتبارا لشجاعته وفعاليته في تحقيق أهداف الفعل التربوي".

وتابعت: "وإذا كان استقرار الحالة الوبائية ببلادنا إبان انطلاق الموسم الدراسي الحالي، وما واكبه من تلقيح للتلميذات والتلاميذ، ومن تطبيق للبروتوكول الصحي للمؤسسات التعليمية، قد سمح بانطلاق الدراسة وفق نمط التعليم الحضوري بجميع المؤسسات التعليمية، وبتطويق حالات الإصابة بالوسط المدرسي، فإن التطورات الأخيرة لمؤشرات الحالة الوبائية الوطنية، وخاصة بعد ظهور المتحور الجديد "أوميكرون"، وما تلاه من ارتفاع ملحوظ في عدد الحالات الإيجابية المسجلة، تستدعي اعتماد مقاربة استباقية لتدبير الدراسة خلال الفترة المقبلة من الموسم الدراسي الجاري، تقوم على الرفع من مستوى اليقظة إزاء تطور الحالة الوبائية بمختلف مناطق المملكة، والالتزام الصارم والتدقيق بالتدابير الوقائية والاحترازية من طرف جميع المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية، والاستعداد لتوزيع الخيارات والأنماط التربوية، بما يحقق التوازن الأمثل بين التحصيل الجيد والحفاظ على الأمن الصحي لرواد المؤسسة التعليمية".

و"على هذا الأساس"، تقول الوزارة، "ينبغي السير على تدبير المحطات المقبلة من هذا الموسم الدراسي بمراعاة توجيهات عدة؛ أولها الالتزام الصارم بالتدابير الوقائية والحاجزية، حيث يعد الاستثمار في هذه الإجراءات الاحترازية استثمارا في الأمن الصحي للمجتمع المدرسي، وفي ضمان استمرارية الدراسة بشكل طبيعي"، مشيرة إلى أن "الوضع الراهن يقتضي الرفع من مستوى اليقظة والصرامة في تفعيل التدابير الصحية الوقائية، على مستوى جميع المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية، وخاصة من خلال الالتزام الصارم والدقيق بالتدابير الوقائية الحاجزية المتضمنة بالبروتوكول الصحي للمؤسسات التعليمية، وخاصة غسل وتطهير اليدين، وارتداء الكمامة الواقية واستعمالها بطريقة سليمة وصحية، وتجنب التجمعات، والتهوية، ومراعاة شروط الوقاية الصحية بفضاءات الإطعام والإيواء والنقل المدرسي وبمناسبة ممارسة الأنشطة الرياضية، وإجراء فحوصات، بين الفينة والأخرى، للكشف عن الفيروس على مستوى عينة من التلميذات والتلاميذ

ودعت إلى تهوية الحجرات الدراسية بصفة منتظمة، على الأقل خمس دقائق كل ساعة، وكذلك قبل دخول التلاميذ، وأثناء فترة الاستراحة، وبعد خروج التلاميذ، ومن باب التحسيس والتوعية، والتربية على إعمال التدابير الوقائية، يتم تكليف التلميذات والتلاميذ بالإشراف على عملية التهوي، واعتماد أجهزة قياس نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الهواء بالحجرات الدراسية، وذلك بتجهيز المؤسسات التعليمية، بشكل تدريجي، بهذه الأجهزة، مع إعطاء الأولوية للمؤسسات المتواجدة بالمناطق التي تعرف ارتفاعا في مؤشرات العدوى، بالإضافة مواصلة عملية التلقيح في صفوف التلميذات والتلاميذ الذين يتراوح سنهم ما بين 12 و17 سنة، مع تكثيف عمليات التحسيس بأهمية وجدوى عملية التلقيح.

وطالبت بالتقييم المستمر لديناميكية الوباء ولحظر العدوى على مستوى كل مؤسسة تعليمية، من خلال المراقبة والتقييم المنتظمين لمدى تقيد رواد المدرسة بالإجراءات الوقائية، وتتبع الحالات التي تظهر عليها أعراض الإصابة بالفيروس، والتحسيس المستمر بأهمية التدابير الوقائية، فضلا عن التتبع اليقظ والمستمر للنشرات والمعلومات والتوجهات الصادرة عن السلطات المختصة، والتتبع اليومي لعدد الحالات المسجلة، والتحيين المستمر لبيانات الملقحين، واستثمار هذه المعطيات في اتخاذ القرار التربوي والصحي المناسب بتنسيق مع السلطات المختصة،ـ واحترام التباعد الجسدي في حالة توفر الشروط المادية التي تسمح بذلك، مع تطبيق هذا المبدأ على جميع الفصول الدراسية في الحالات التي توصي فيها السلطات الصحية والمختصة بذلك، وتطبيق مسطرة تدبير الحالات الإيجابية التي قد يتم اكتشافها بالوسط المدرسي، بتنسيق مع السلطات الترابية والصحية، طبقا لما هو منصوص عليه في البروتوكول الصحي للمؤسسات التعليمية، ويمكن تخويل الولاة والعمال صلاحية تحديد عدد الحالات التي تستوجب إغلاق الفصل الدراسي أو المؤسسة التعليمية، حسب خصوصية كل منطقة، وتكثيف الزيارات التفقدية للجن المختصة من أجل مراقبة مدى التزام المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية بالتدابير الوقائية المعتمدة، واتخاذ كل التدابير الكفيلة بضمان الالتزام الصارم بهذه التدابير من طرف جميع المؤسسات التعليمية".

أما ثاني التوجيهات، فيتعلق بتنويع الأنماط التربوي؛ إذ وحرصا على اعتماد النمط التربوي الأنسب للتحصيل الدراسي في ظروف آمنة، وصونا لمبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص، يتم تدبير الدراسة وفقا للاحتمالات والأنماط التربوية التالية، وذلك بتفعيل مبدأ القرب في اتخاذ القرار، وفي إطار التنسيق الوثيق مع السلطات الصحية والترابية: أولا؛ اعتماد نمط "التعليم الحضوري" بالمؤسسات التعليمية التي يمكن فيها تطبيق التباعد الجسدي، كما يتم اللجوء إلى هذا النمط كلما استقرت مؤشرات الحالة الوبائية.

ثانيا؛ اعتماد النمط التربوي بالتناوب، الذي يزاوج بين "التعلم الحضوري" و"التعلم الذاتي المؤطر من طرف الأساتذة"، وذلك في الحالات التي تستوجب تطبيق التباعد الجسدي بالفصول الدراسية والمقرون بتفويج التلاميذ. ثالثا؛ اعتماد التعليم عن بعد في حالة إغلاق الفصل الدراسي أو المؤسسة التعليمية، طبقا لما هو منصوص عليه في البروتوكول الصحي للمؤسسات التعليمية، أو في الحالات الحرجة التي توصي فيها السلطات المختصة بتعليق الدراسة الحضورية.

وأشارت المذكرة إلى أنه يتم تخويل صلاحية اعتماد المنط التربوي المناسب إلى السلطات التربوية الجهوية والإقليمية والمحلية، بتنسيق وثيق مع السلطات الترابية والصحية، وأخذا بعين الاعتبار، مؤشرات الوضعية الوبائية المحلية، على غرار ما تم العمل به سابقا. وهكذا، يتم اعتماد النمط التربوي الذي يتناسب ووضعية كل مؤسسة تعليمية، مع إمكانية تطبيق نفس النمط التربوي أو أنماط تربوية مختلفة داخل نفس المنطقة أو الجماعة أو الإقليم، بما يتلاءم مع تطور الوضعية الوبائية المحلية.

كما أكدت على إعطاء الأولوية للتعليم الحضوري لما توفرت الظروف الملائمة لذلك، باعتباره الأسلوب التعليمي الأكثر فعالية في تحقيق الأهداف التربوية وتنمية الكفايات، بالنظر لطبيعته التفاعلية المباشرة بين المتعلمات والمتعلمين ومدرساتهم ومدرسيهم، وباعتباره النمط التربوي الضامن لتكافؤ الفرص بين مختلف التلميذات والتلاميذ.

وتمثل ثالت التوجيهات في تجويد الأنماط التربوية؛ إذ وترصيدا لمكتسبات الدراسيين السابقين، وباستخلاص الدروس من التجربة، وسعيا وراء تطوير التعليم الرقمي، ليصبح مكملا للتعليم الحضوري، وشكلا من أشكال التدريس، طبقا لأحكام المادة 33 من القانون الغطار رقك 51.17 المتعلقة بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ومقتضيات المرسوم رقم 2.20.474 الصادر في 24 غشت 2021، المتعلق بالتعلم عن بعد، ينبغي الحرص على تجويد المحتوى البيداغوجي والممارسات التربوية المفعلة لنمطي التعلم بالتناوب والتعليم عن بعد، بما يكفل تحقيق الأهداف التربوية المتوخاة.

ومن بين التدابير الممكن اعتمادها في هذا الصدد، حسب المذكرة نفسها، تطوير وتجويد المحتويات الرقمية، وتركيز محتوياتها على التعلمات الأساسية وعلى المكونات الرئيسية للمقررات الدراسية، للرفع من جاذبية هذه الدروس، ومن نجاعتها التربوية، والتخطيط الأمثل للتعلمات، وتخصيص الحصص الحضورية للأنشطة التعليمية البنائية للتعلمات، وانتقاء الأنشطة التي ستوكل للتلاميذ على شكل تعلم ذاتي، بالنسبة لكل مادة دراسية ولكل مستوى تعليمي، بتأطير من أطر هيئة التأطير والمراقبة التربوية، بالإضافة إلى إحكام تأطير عملية التعلم الذاتي من طرف هيئة التدريس، وخاصة فيما يتعلق بتقديم التوجهات والإرشادات الضرورية للمتعلمات والمتعلمين بخصوص كيفية تدبير الحصص المنزلية، وتوظيف مختلف مصادر التعلم، واستثمار المحتويات البيداغوجية، والمشاركة الفعالة في الأقسام الافتراضية، وإجراء البحوث على شبكة الإنترنت، وتبادل المعلومات بيم التلميذات والتلاميذ، وبينهم وبين المدرسين، إلى جانت تقويم مخرجات عملية التعلم الذاتي في علاقتها بتحقيق أهداف المنهاج والمقررات الدراسية.

فيما يتجلى رابع تويجهات المذكرة الوزارية في تكافؤ الفرص بين التلميذات والتلامي، الذي يطرح كتحد رئيسي لتدابير الدراسة خلال فترة الجائحة، حيث شكل عدم الربط بشبكة الإنترنت وعدم التوفر على التجهيزات المعلوماتية أحد العراقيل والعقبات الأساسية التي واجهت شريحة من الأطفال في الاستفادة من التعليم الذاتي ومتابعة الدروس عن بعد. وانطلاقا من ذلك، ينبغي اتخاذ كافة التدابير الكفيلة تحقيق الاستفادة المتكافئة من الأنماط التربوية التي سيتم اعتمادها، والتقليص من الفجوة الرقمية بين المتعلمات والمتعلمين.

وخامسا؛ تدبير الدراسة عند إغلاق الفصل الدراسي أو المؤسسة الدراسية، من خلال اعتماد التعليم عن بعد. ومن أجل ذلك، يتم وضع برنامج للدروس عن بعد والتمارين والأنشطة التي ستوكل للتلميذات والتلاميذ كعمل ينجز في المنزل، ومواكبتهم وتتبعهم في هذه الأنشطة المنزلية. أما سادسا؛ فتقوية القدرات التدبيرية في مجال التعليم عن بعد.

وحتى لا تتخذ هذه التكوينات طابعا ظرفيا يرتبط بالجائحة، وفق مذكرة الوزارة، فينبغي إدراجها ضمن منظور شمولي، عن طريق تقديم تكوينات مستمرة في مجال التعلم عن بعد، لفائدة المؤطرين وأطر هيئة التدريس والتكوين والأطر الإدارية والتقنية، ولاسيما في مجال إعداد وتطوير الموارد الرقمية وكيفية استعمالها في الممارسات البيداغوجية الخاصة بالتعلم حضوريا أو عن بعد.

أما سابع التوجيهات، فهو وضع خطة تواصلية جهوية وإقليمية تروم التحسيس بشأن مختلف السيناريوهات المطروحة والأنماط التربوية المترتبة عنها، وتقديم الأجوبة الضرورية حول مختلف الانشغالات والتساؤلات التي تطرح على مستوى النقاش التربوي العمومي، وتهييئ الأسر والتلاميذ لمختلف الأنماط التربوية التي قد يتم اعتمادها، وتعبئة مختلف الفاعلين التربويين والشركاء في هذا المجال. بينما ثامنها يتمثل في اعتماد مجموعة من الإجراءات المواكبة والداعمة، وخاصة استنفار لجن القيادة الجهوية والإقليمية، من أجل إحكام وتأطير ومواكبة وتتبع سير الدراسة بمختلف المؤسسات التعليمية، واتخاذ كافة الترتيبات التربوية والإدارية واللوجيستية الضرورية، والتنسيق المستمر مع السلطات الترابية والصحية، بالإضافة إلى استخلاص دروس التجربة السابقة، واستثمار نتائج مختلف العمليات التقييمية للتعليم عن بعد، لاستشراف ورصد مداخل تطوير التعليم الرقمي، وتحيين عملية البحث العلمي والتربوي في مجال تجديد وتطوير الأنماط التربوية، والرفع من نجاعتها ومردودها التربوي.. إلخ.