في بلد ما زال متأثرا بالاعتداء الذي طال الأستاذ سامويل باتي، يتشعب الجدل بين مستنكري ما يصفونه بالانجراف نحو "اليسار الاسلامي" في الجامعات الفرنسية وحملات اتهام بعض الأساتذة برهاب الإسلام.
وتتعلق الحادثة الأخيرة في هذا الشأن بأستاذين في معهد غرونوبل للعلوم السياسية اتهما بتصريحات مرتبطة ب"رهاب الاسلام".
وعلى رأس الاستنكارات، دعا الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا (أونيف) اليساري، إلى معاقبة الأستاذين اللذين كشف عن اسميهما الأسبوع الماضي عبر ملصقات على جدران المؤسسة التعليمية.
ورأت مديرة المعهد أن تصريحات أحد المدرسين كانت إشكالية للغاية "فيما دانت بوضوح شديد" حملة الملصقات التي "تعرض حياة الزميلين للخطر" على حد قولها.
وعبر مدرس اللغة الألمانية عبر محطة "بي إف إم" عن أسفه لعدم تلقيه الدعم من مؤسسته في هذا الجدل وقال "وصفني زملاء لي بالعنصرية ورهاب الإسلام".
وأعلن وزير الداخلية أنه تم وضع المدرسين تحت الحماية.
وقبل بضعة أسابيع، وضع أستاذ من تراب (منطقة باريس) تحت الحماية بعدما صرح بأنه تعرض لهجوم لأنه دافع عن سامويل باتي، وهو مدر س قتل لإظهاره رسوما كاريكاتورية للنبي محمد كانت قد نشرتها صحيفة شارلي إيبدو الساخرة.
وقال مدير معهد العلوم السياسية في ليل بيار ماثيو لوكالة فرانس برس "نحن في مرحلة تراجعية للنقاشات (...) هناك تجاوزات من كلا الجانبين ويتم تفسير أدنى خطاب من قبل المدر س-الباحث في ضوء رؤية شديدة الانقسام".
وأوضح جيريمي بيلتييه، مدير دراسات في مؤسسة جان جوريس، أن "الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا تجسيد مثالي لما نسميه +الصحوة ضد العنصرية+ (ووك). لديهم مشكلة حقيقية مع المناقشات وتقبل الرأي الآخر وحرية التعبير".
وأضاف "هناك هوة بين أجيال داخل المجتمع التعليمي بشأن النسبية الثقافية ودعم العلمانية وحرية التعبير. كلما كنت مدرسا شابا، كانت لديك ميول أقل للدفاع عن القوانين الأخيرة المتعلقة بالعلمانية ولفهم الرسوم الكاريكاتورية لشارلي إيبدو".
تتجاوز الأمثلة حدود فرنسا، كما توضح نادية غيرتس أستاذة الفلسفة التي تقول إنها كانت ضحية للتهديدات في بيئتها المهنية لدعمها سامويل باتي.
وقالت لمحطة "إل إن 24" التلفزيونية البلجيكية "العلمانية في بلجيكا أمر يعتبر مشبوها بشكل متزايد. لدينا الحق في أن نكون علمانيين لكن شرط تقديم تعهدات على أصعدة أخرى، كما لو أن العلمانية عيب يجب أن نتخلص منه".
ولم يعد الجدل محصورا داخل جدران الجامعات، بل أصبح ينتشر على المستوى السياسي، قبل عام واحد من الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
وحول هذه الأسئلة، ما زالت الفجوة التقليدية بين اليسار واليمين ضبابية.
وقال جيريمي بيلتييه "في الواقع، فإن اليسار هو الذي ينقسم بين الذين يعتقدون أن الصراع الطبقي الجديد هو قبل كل شيء صراع عرقي وأنصار مبدأ عالمي لم ينسوا أن اليسار كان في المقام الأول وقبل كل شيء الدفاع عن الشعب".
وأشار فيليب كوركوف وهو محاضر في معهد العلوم السياسية في ليون إلى أن "اليسار مشلول حيال هذه الأسئلة بين الذين يقللون من شأن قضية الإسلاميين المحافظين ومعاداة السامية ويلقون باللوم على التمييز العنصري، فيما ينفي آخرون الإسلاموفوبيا ويؤكدون تنامي معاداة السامية".
والانقسامات موجودة حتى في حكومة الوسط لإيمانويل ماكرون.
وعبارة اليسار الإسلامي أطلقها قبل نحو 20 عاما عالم الاجتماع الفرنسي بيار أندريه تاغييف "للإشارة إلى أشكال انجراف يسار مؤيد للفلسطينيين صوب معاداة السامية"، وهي مثيرة للجدل في فرنسا.
وقد تشعب تعريفه واستخدم للتنديد بتراخي جزء من اليسار مع الإسلام المتطرف.
وبالنسبة إلى المركز الوطني للبحوث العلمية، فإن العبارة لا تماشي "واقعا علميا".