أعلنت A3 Communication بشراكة مع جمعية يرمى كناوة، عن تواريخ دورات مهرجان كناوة وموسيقى العالم، في السنوات المقبلة، على التوالي: من 27 الى 29 يونيو 2024، ومن 26 الى 28 يونيو 2025، ومن 25 الى 27 يونيو 2026.
وأورد بلاغ صحفي، توصل "تيلكيل عربي" بنُسخة منه، "المهرجان استفاد هذه السنة من تغطية ودعم إعلامي استثنائي من هيئات ومؤسسات حجت من مختلف بقاع العالم، أكثر من 300 صحفي أتوا من المغرب وإيطاليا واسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا والبرتغال وانجلترا وتركيا وقطر والامارات العربية المتحدة.".
وذكرت أنه "أُسدل الستار اليوم عن الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، دورة استثنائية على أكثر من مستوى. استثنائية، أولا بالجمهور الرائع الذي أتى وبأعداد كبيرة من مختلف بقاع العالم. جمهور مبتهج وفرح ومعبر بكل جوارحه عن سعادته بإعادة إحياء الصلة بالمهرجان في صيغته الأولية وكما عايشه منذ دوراته الأولى. جمهور قارب 300.000 مرتاد تجول بين ساحة مولاي الحسن ومنصة الشاطئ وبرج باب مراكش، وبين أماكن وفضاءات متميزة وحميمية كدار الصويري وبيت الذاكرة أو بزاوية عيساوة. جمهور سعد بعيش أحاسيس البهجة وتقاسم لحظات من المتعة الموسيقية المرتجلة، امتدت إلى اللحظات الأولى من الصباح، بين دروب المدينة وأزقتها وتحت أسوارها التاريخية".
ولفتت إلى أنه "دورة استثنائية أيضا ببرنامجها الموسيقي الغني والحافل والمتاح للجميع، والمنظم تحت شعار الفرح والتلاحم والتقاسم. خلال ثلاثة أيام من عمر المهرجان أهدانا أكثر من 35 "معلم" كناوي مكرس لحظات خالدة من المتعة الحقيقية، وسافروا بنا عبر وصلات من المزج الموسيقي المدروس والجريء، والفن الكناوي في أصالته ونبعه الصافي".
وأشارت إلى أن "حوالي 480 فنانا أتوا من مختلف مناطق المغرب ومن 15 دولة أخرى، ليبثوا صدى وسحر إبداعاتهم الموسيقية العالمية لتتجاوز أسوار المدينة الحالمة عبر أكثر من 50 حفلا، فنانون أتوا من الولايات المتحدة الأمريكية ومن بورندي وباكستان وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وكوبا، ملبيين، عن طواعية، دعوة المعلمين الكناويين، ومؤكدين على مدى الثقة التي يضعونها في المهرجان. ثقة بنيت، ومنذ سنوات، على العمل الجاد والمثابرة ولكن، وبصفة خاصة، على فلسفة التظاهرة التي لم تنزح يوما عن روحها المبنية أساسا على التقاسم والاكتشاف والأخوة. دورة، كما عودنا عليه المهرجان، فتحت أبواب الحلم مشرعة على عوالم سحرية أخاذة".
فرحة تجديد اللقاء
انطلق المهرجان، كما عادته، بموكبه الزاهي بألوان البهجة والفرح والأنغام الساحرة، مُوَجِّها ومهيئا الحضور لحفل افتتاحي استثنائي جمع بين عنصرين ثقافيين مرتبين ضمن لائحة التراث الإنساني اللامادي من طرف منظمة اليونيسكو، ممثلين في فرقة طبول البورندي أماكابا وفرقة كناوة المغربية بقيادة الأخوين كويو. الحفل عرف مشاركة عازف السكسفون المتميز جوييل شاو، ومصاحبة الفنانة المغربية المقتدرة سناء مرحاتي.
أمسية يوم 22 يونيو عرفت أيضا مشاركة الفنانة البلجيكية ذات الصوت السحري والقوي سيلا سو، التي عبرت عن غبطتها وفرحها باكتشاف وتقاسم لحظات متميزة مع جمهور متفاعل وحيوي. حفل سيظل راسخا، وإلى الأبد، في ذاكرتها كما في ذاكرة من حضره. نفس اليوم أيضا، عرف إحياء حفل موسيقي جمع بين الفنان الجريء "المعلم" خالد سانسي وبين الفرقة الموسيقية الأكثر تمثيلا للموسيقى الأفرو-كوبية: "إلكوميتي". لقاء موسيقي أثبت مرة أخرى الجذور المشتركة للأصوات والنغمات والتأثيرات الفنية التي تجمع بين الموسيقى الكناوية ذات الأصل والمنشأ الأفريقي وبين باي موسيقات العالم.
ساحة مولاي الحسن
عرفت أمسية يوم 23 يونيو مشاركة ثانية ومتميزة للفرقة الكوبية "إلكوميتي" إضافة الى العرض المبهر والناجح للفنان فهد بنشمسي و& لالاس الذي أقيما ببرج باب مراكش التاريخي. في حين عرفت منصة ساحة مولاي الحسن، في نفس اليوم، مرور أحد أساطير الموسيقى الأفورو-كوبية وعضو مشروع "بوينا فيستا سوسيال كلوب" الفنان ايليديس أوشوا الذي سافر بمحبيه وبالحضور الى عوالم رومانسية حالمة، وألهب الشباب بإيقاعاته الجذابة...
اللقاء الفني بين فرقة عيساوة فاس "ناس الحال" وبين أستاذ الكوالي، الباكيستاني فايز علي فايز أبهر الجمهور الحاضر وحلق بهم الى عالم روحاني قبل أن تنقلهم فرقة الروك المغربية "هوبا هوبا سبيريت" مرفوقة بعضويها التاريخيين أنور زرهوني ورضوان حميمر الذين حلا بالصويرة قادمين اليها من خارج المغرب خصيصا ليحيوا حفلا تاريخيا بعد مرور عشرين عاما عن أول ظهور لهم بمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة. حفل حضرته مختلف الفئات العمرية من داخل المغرب كما من خارجه، ورددت مع الفرقة اشهر أغانيها ك"bienvenue à casa " التي عوضت ب" bienvenue à Essaouira ".
في الجهة الأخرى من المدينة، وفوق منصة الشاطئ قدم "المعلم" عمر الحياة المعروف بطريقة عزفه الخاصة واستعراضاته الراقصة والمثيرة فوق الخشبة، عرضا موسيقيا قويا، في حين استمتع محبو الفن الكناوي الأصيل ب «ليلات" روحانية من التقاليد التراثية الخالصة "للطبوع" الصويرية والمسفيوية والرودانية والشمالية...
الثقافة الكناوية والإيقاعات الإفريقية
منحت أمسيات يوم السبت لرواد المهرجان شحنة عاطفية وحسية قوية من خلال فقرات مزجٍ موسيقيٍ، وطاقةٍ إبداعية فياضةٍ وإيقاعات عالمية. فعلى منصة باب مراكش قدم الثلاثي جبران، القادم من فلسطين، تكريما مؤثرا للشاعر محمود درويش، حيث انصهرت وتوحدت أصواتهم بأصوات الجمهور الحاضر مرددين معا أغاني حفرت في أذهان الجميع.
تبقى أحد أهم لحظات هذه الدورة اللقاء الفني المثير الذي جمع بين "المعلم" مجيد بقاس والعازف المتميز على آلة الفيبرافون دافيد باتروا، ومينينو غاراي مبدع أسلوب "سبوكن وورد"، وعازف الإيقاع مختار صامبا، وعازف الساكسفون أكسيل كميل. لقاء قدموا من خلاله نتاج عمل الإقامة الفنية التي جمعتهم والتي أبهروا من خلال فقراتها الحضور.
حفل آخر تميز بقوة الأداء وسحره، قدمته سيدات وديفات إفريقيا وجمع بين فرقتي أمازونيات إفريقيا وبنات تومبوكتو برئاسة "المعلمة" الكناوية أسماء حمزاوي، لقاء أكد مرة أخرى تجذر المهرجان في محيطه الافريقي.
تجربة استثنائية أيضا، أقيمت تحت عنوان المزج والتمازج الفني وقيم التقاسم، جمعت بين أحد رواد ونجوم الخشبات بالمغرب، "المعلم" حميد القصري مصحوبا بالفنانين جليل شاو وتورستن دو وينكل ومصطفى عنتري. تجربة أبهرت بخليطها المدروس وبكميائها البديع الجمهور الغفير الذي حج لساحة مولاي الحسن لحضور والاستمتاع بهذه اللحظات الاستثنائية. لحظات لا يملك اسرار ومقومات نجاحها إلا مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة.
حفل اختتامي استثنائي عرفته أيضا منصة الشاطئ أحيته الفرقة المشهورة "كناوة ديفيزيون" بقيادة نجمها ذي الشخصية الكاريزمائية والجذابة أمازيغ كاتب الذي عاود اللقاء مع جمهوره الكبير ومع مدينة الصويرة بعد غياب دام لسنوات.
منتدى المهرجان لحقوق الإنسان
الدورة 24 من المهرجان تميزت أيضا بلحظات من التلاقي والحوار والنقاش الفكري الجاد والرزين، تمحورت جلها حول سبل الممكن، سبل تقود الإنسانية الى عالم أكثر انسجام وسخاء، وأكثر حرية في التفكير والعطاء. ففي الوقت الذي تخترق فيه الأفكار والنقاشات الهوياتية المجتمعات بل وتمزقها أحيانا، عمل منتدى المهرجان على لَمِّ صفوة من الأكاديميين والمثقفين والمتدخلين الجمعويين والحقوقيين والفنانين للتداول حول تيمة راهنية مؤرقة تتعلق ب: "الهويات المتعددة وسؤال الانتماء".
فعلى مدى يومين من عمر المهرجان، تمكن الحضور من الاستمتاع والاستفادة بل والانخراط في نقاشات جدية وعميقة مع مفكرين وأساتذة مختصين من مختلف الآفاق الثقافية والإيديولوجية والجغرافية، كما هو الشأن للمؤرخ باتريك بوشرون عضو كوليج فرنسا، وعالم الأنتربولوجيا والمؤرخ والأستاذ بجامعة كاليفورنيا، لوس أنجلس د. عمر بوم، وأستاذ مادة الفلسفة ياكوبا كوناطي، والرئيسة المديرة العامة للشركة العالمية صولفاي: إلهام قدري، وبمشاركة متميزة أيضا من طرف فنانين موسيقيين كمينينو غاراي أو ممثلات عن المجتمع المدني ونساء من عالم السياسة كفضيلة ميحال مؤسسة "ماريان للتنوع" ومنتخبة ممثلة مدينة باريس.
الملتقى نظم على شكل ست جلسات عرفت نقاشات وحوارات غنية جمعت بين المتدخلين الرئيسيين وبين عموم الحضور، وتمحورت حول أسئلة وإشكالات متعلقة ب "التوتر الهوياتي، هل هو شر كوني؟" و"الهويات المطمئنة، نحو عالم أخوي" أو" أفراد وجماعات وأمم: هل هناك حاجة للهوية؟"...
في معرض افتتاحها لدورة هذه السنة من المنتدى، ذكرت نائلة التازي، منتجة مهرجان كناوة وموسيقى العالم" أن جوهر وفلسفة المهرجان ومنتداه يرتكزان أساسا على خلق فضاء يمكن من خلاله وفي إطاره الحوار والتبادل الفكري بكل حرية ومساواة، حول قضايا جوهرية تهم الإنسانية جمعاء"، كما أضافت أن " تيمة المنتدى تندرج في المبادرات البناءة التي حاولت ومنذ قرون الى تحرير الانسان، وهذا بالضبط ما نسعى اليه هنا، تحرير العقول".
من جانبه، أشار ادريس اليزمي رئيس المجلس الاستشاري للجالية المغربية بالخارج، أن المجتمع المغربي يكتشف حاليا، وفي بعض الأحيان بدهشة وتوتر، حقيقة كونه مجتمع متنوع منفتح على التأثيرات العالمية و"لهذا فإن جل المتدخلين المغاربة معنيون بإشكالية تدبير هذا التنوع وقبول الآخر".
دعم جيل جديد من الشباب الكناوي
في فضاء آخر، وفي جو من الحميمية والاسترخاء، يلتقي كل من الصحفيين ومرتادي المهرجان والمتدخلين الثقافيين في جلسة مغربية أصيلة حول كأس شاي، خلال فقرة "شجرة الكلام" التي تنظم زوال كل يوم بأحد سطوح رياضات المدينة العتيقة، للتداول والحوار مع الفنانين المشاركين في دورة هذه السنة.
في إطار سعيه الى الحفاظ والعمل على ضمان استمرارية الفن الكناوي الأصيل والممارسات المرتبطة به، بادرت جمعية يرمى كناوة هذه السنة إلى إحداث مشروع "ولاد بامبرا"، وهو مناسبة يتم من خلالها منح الشباب الكناوي فرصة اللقاء والاحتكاك والاستفادة من المعلمين المكرسين، من خلال مشاركة 8 من الشباب الكناوي ممثلين ل 8 جهات: الصويرة، وآسفي، والرباط، والدارالبيضاء، ومراكش، وطنجة، وأصيلة، وأكادير. هؤلاء المشاركين قدموا عروضهم الفنية أمام لجنة مكونة من معلمين كبار ومهتمين بالشأن الثقافي والموسيقي التراثي، واستفادوا من توجيهاتهم ونصائحهم وخبرتهم.
هذه السنة وكما سابقاتها، تمكن المهرجان من عزف أنشودته الفريدة باقتدار وحنكة، أنشودة حيكت ومزجت تفاصيلها الدقيقة بمكونات كيميائية مضبوطة واستثنائية، مكونات جمعت بين قيم اللقاء والتقاسم الهادئ، والصداقات الجديدة والمتجددة، مما جعل من الدورة 24 تنخرط، أكثر من أي وقت مضى، في إطار الإرادة والرؤية الهادفة الى جعل مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، فضاء للتجارب الموسيقية الفريدة وغير المسبوقة، وموعد دائم للقاء بين المعلمين الكناويين ونظرائهم من كبار فناني الجاز وموسيقيي العالم، ولكن أيضا فضاء للحوار والنقاش والانخراط في المبادرات البناءة الهادفة الى إعادة تشكيل العالم.