حي المحيط بالرباط.. PJD: لا وجود لسند قانوني لمباشرة الهدم والترحيل

خديجة قدوري

بعد صمت طويل، وعقب أخذ القضية لأبعاد وطنية ودولية، خرج حزب العدالة والتنمية بموقفه تجاه عملية هدم منازل بحي المحيط في العاصمة الرباط، وترحيل مجموعة من الأسر.

وأعلن الحزب دعمه للسكان المتضررين، وتحدث في بيان له توصل "تيلكيل عربي" بنسخة منه، اليوم السبت، عن غياب "السند القانوني والوثائق الرسمية والمسطرة المتبعة لمباشرة الهدم والترحيل".

وطالب حزب "المصباح" بتقديم "اقتراحات معقولة في إطار تصميم التهيئة بما يحفظ ملكية الساكنة ويضمن حقوقها المشروعة، واعتماد المقاربة الاجتماعية في التعامل مع المعنيين، ملاكا كانوا أو مكترين أو حرفيين".

وجاء في البيان ذاته، أن "الحزب لم يسبق له أن صوت مطلقا على أي قرارات للهدم كما تم الترويج لذلك، مع العلم أن القرار ليس من اختصاصات المجالس المنتخبة".

وأوضح أن "عمليات الهدم تجري دون تسليم السكان أي قرار إداري مكتوب أو وثيقة قانونية تشرح أسباب الهدم أو تفاصيل المشروع. بدلاً من ذلك، تعتمد السلطات المحلية على (أوامر شفوية) دون إبراز أي مرجعية قانونية، كما لم يتم القيام بإعلان علني لأي مشروع عن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أو استشارة السكان قبل بدء هذه الإجراءات، وهو ما يُناقض الفصل 35 من الدستور الذي ينص على حماية الملكية الخاصة، كما لا يحترم القانون الذي ينظم نزع الملكية، ويُخالف ظهير الالتزامات والعقود في ما يخص ضرورة وجود عقد أو سند ملكية واضح لإثبات حقوق الأطراف".

ونبه العدالة والتنمية إلى "الخرق الواضح لهذه العمليات للقانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة الذي تؤكد مقتضياته على سلك مسطرة قانونية محددة لنزع الملكية للمنفعة العامة، والتي تتضمن (إعلان المنفعة العامة)، و(تحديد تعويض عادل) عبر اللجنة الإدارية للتقويم، فضلا عن (إمكانية الطعن) أمام المحكمة الإدارية، ورغم وضوح هذه المقتضيات، لم يتم الالتزام بهذه المسطرة في الحالات الحالية، إذ لم يتم إعلان تلك الممتلكات المعنية بالهدم أو الترحيل بقرار يعلن (المنفعة العامة) رسميًا، على منوال ما تم التداول فيه في المجلس الجماعي من مشروع قرار يقضي بتخطيط حدود الطرق العامة المعينة فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها".

وذكر الحزب في بيانه أنه "لوحظ مع الأسف الشديد تعمد تغييب أي دور لجماعة الرباط عموما ولإشراك المنتخبين خصوصا في متابعة هذه العمليات بالمناطق المذكورة، مما يذكرنا بالمخاوف التي كانت تحوم حول شفافية بعض مضامين تصميم التهيئة لمدينة الرباط المصادق عليه مؤخرا، خاصة في ما يتعلق بمناطق إعادة التأهيل الحضري أو مناطق المشاريع، وهو ما سبق أن تحفظنا عليه، وهذا مما نعتبره حلقة أخرى في إطار تراجعات المدبرين الحاليين للمجلس الجماعي عن ممارسة اختصاصاتهم المنوطة بهم قانونا".

وألمح المصدر ذاته إلى أن "ميزانية جماعة الرباط لسنة 2025 لا تتضمن بنودا مخصصة لتغطية تعويضات هدم ممتلكات السكان أو تكاليف مشاريع الترحيل، ولا علم للرأي العام بأي اعتمادات مالية عمومية أخرى مخصصة لهذا الغرض ومضمنة في وثائق عمومية رسمي، مما يجعل الرأي العام المحلي بالعاصمة يتساءل حول مصدر التمويل المخصص  للتعويض عن هذه الممتلكات المعنية بهذه العملية، والتي يجب أن تؤول بشكل طبيعي  للملك الجماعي العام ، مادام أنها  تدخل في إطار (نزع الملكية من أجل المنفعة العامة)، وهو ما فتح الباب لتناسل شكوك يتم الترويج لها بقوة حول وجود (صفقات خفية)  مع مستثمرين عقاريين خواص غير معلنين، في ظل تغيب المنتخبين ومجلس الجماعة وأمام الصمت المطبق من قبل الجهات المعنية".

وتابع الحزب أن هذا "ما يطرح السؤال عن مآل هذه العقارات وعن مصدر التقييمات والتعويضات المُتداولة ميدانيا وإعلاميا ومدى إلزاميتها وعدالتها، حيث تتراوح تلك التعويضات بمعدل 13 ألف درهم/م²  للملك المحفظ  و  10 آلاف  درهم/م²  للملك غير  المحفظ، مقارنة مع الأسعار  المتداولة في السوق العقاري الحالي بالرباط  والتي تتجاوز ذلك بكثير بالنسبة  للمتر المربع في بعض تلك  الأحياء المعنية بالعاصمة".

وتحدث "PJD" عن "تعداد الخروقات السالفة والتدبير الأحادي الجانب لعمليات هدم وترحيل ساكنة بعض أحياء العاصمة، فإننا نجدد تضامننا الكامل مع الساكنة من الاستهداف المباشر الذي تعاني منه في ممتلكاتها الخاصة وحقوقها الإنسانية البسيطة فضلا عن رفضنا واستنكارنا لعمليات الضغط والإجبار بحقها التي ما فتئت تصرح به لمختلف وسائل الإعلام".

ولفت الانتباه إلى "عدم مد المعنيين بقرارات كتابية تهم مصير ممتلكاتهم وتفتح لهم المجال للجوء إلى المساطر القانونية والقضائية المتاحة والاكتفاء ب "أوامر" شفوية ؛ بالإضافة إلى منح مهل قصيرة جدًا للإخلاء (أسبوع واحد فقط في بعض الحالات)، في حين أن القانون يمنح مهلة 30 يومًا كحد أدنى، وهذا يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق السكان".

وانتقد بيان العدالة والتنمية بالربط، استخدام لغة التهديد من قبل (وسطاء). وذكر في هذا الصدد مثل: "سيتم اللجوء إلى وسائل أخرى إذا رفضتم البيع" (حسب رواية السكان)، وهذا يُعد ترهيبًا غير مقبول، وندعو لفتح تحقيق حوله، والتلويح حسب بعض الروايات بقطع الخدمات الأساسية (الماء والكهرباء) عن بعض المنازل لإجبار السكان على المغادرة، وهو إجراء تعسفي وغير إنساني ومخالف للدستور".

وطالب الحزب بالتسريع بتوضيح الإطار القانوني للعمليات الجارية من أجل ضمان احترام حقوق الساكنة سواء أكانوا ملاكا أو مكترين قبل استئناف هذه العمليات، واعتماد الشفافية اللازمة وتحديد رسمي علني لمصير الأراضي من عملية نزع الملكية أو عملية "الاقتناء" وعن الجهة المستفيدة من عملية الهدم أو الترحيل التي ستؤول إليه بعد سواء أكان ملكا عموميا أو ملكا جماعيا عاما.

وأفاد بأهمية ضمان تعويض عادل ومنصف للملاك المتضررين، بما يتناسب مع أسعار السوق الحالية وعدم تبخيس ممتلكاتهم، وتوفير حلول بديلة لائقة بالنسبة لباقي المتضررين من مكترين وحرفيين وتعويضهم عن الأضرار التي ستلحقهم.

في سياق متصل، دعا إلى استرجاع مؤسسة الجماعة والمنتخبين لأدوارهم القانونية في تدبير وتنزيل تصميم التهيئة لمدينة الرباط الذي صودق عليه، والحرص على أن يؤول مصير الممتلكات الخاصة التي سيتم نزعها بهدف "المنفعة العامة" إلى الملك الجماعي العام، ليتم التقرير والتداول العلني في مصيرها مستقبلا.

وحث على إشراك السكان وعموم المنتخبين في أي مشروع تنموي يُزمع تنفيذه في تلك المناطق، حفاظا على التراث المعماري والهوية الثقافية للأحياء العريقة بالعاصمة وخاصة حي سانية الغربية، وعدم تعميم تصنيف كل البنايات على أنها آيلة للسقوط ونفي أي قيمة معمارية للعديد منها سعيا لتبرير عمليات هدم بعضها.