قدم محمد الاشعري، وزير الثقافة والاتصال السابق، صورة "قاتمة" عن وضعية الصحافة اليوم بالمغرب، أثناء استضافته ضمن لقاء الثلاثاء الذي تنظمه وكالة المغرب العربي للأنباء، حول موضوع "هل الصحافة الآن عامل عامل تقدم في المغرب؟".
الأشعري اعتبر السؤال ملتبسا، لأنه ينبغي أن نحدد ما الذي نقصده ب"الآن"، هل نقصد الزمن السياسي الموسوم بالتكرار والجمود والعقم، أم التكنولوجي، الذي اختلطت فيه الحقيقة بالأكذوبة، والذي أصبح فيه المقرر معلقا، والسلطة الرابعة تنتقل بسهولة بين باقي السلط، أم الزمن الثقافي، الذي يمتاز بتراجع العقل، وسيادة السطحية والاستهلاك السريع، أم الزمن التقني، حيث انعدام الثقة والإحساس باللاجدوى.
"الآن"، يقول الأشعري، تنم عن شك وحيرة، كما لو أننا نجزم أن الصحافة كانت عاملا حاسما في التقدم، بخلاف اليوم، أو كما لو كنا نشير إلى الوضع المنهار للصحافة اليوم. ثم، يستطرد الأشعري، ماهو التقدم؟ أو ما هو مشروع التقدم؟
وعلى سبيل الجواب، يقول الأشعري إنه ساد لوقت طويل الاعتقاد بأن الصحافة يمكن أن تتطور بتوسيع الحرية وبتشريعات متقدمة وليبرالية، وبترسيخ الأخلاقيات المهنية، وبتنظيمات قوية.
وإذا كان الأشعري يعتقد أن المكتسبات في مجال الحرية ليست وهمية، وإن كانت متقلصة أو تتقلص، فإن الصحافة لم تشهد تطورا في وظائفها وأدوارها، لسببين رئيسيين:
1- عدم الانعتاق من الانتقال الدائم إلى الانتقال الفعلي على الصعيد الديمقراطي، وأيا كانت المسؤوليات، لا أحد ينكر وجود خيبات. فعلى بعد سنتين من الانتخابات، تبقى مركزية السطة نفسها، ووضعية الأحزاب نفسها، وتغيب مشاريع تتصارع وتقترح اختيارات متمايزة، ولا توجد سوى تكهنات، تبشر بنهاية حكومة الإسلاميين، ومجيء حكومة رجال الأعمال.
ومعنى هذا، حسب الأشعري، أننا يجب أن نكف عن التوهم أن الصحافة لوحدها يمكن أن تكون جنة الحريات، فالصحافة الحرة لا يمكن أن تبنى إلا في نظام ديمقراطي حقيقي.
2-فشل الإصلاح في مجال الصحافة، وهي فناعة مشتركة لدى عدد من الصحافيين، وهم الفشل ثلاث مستويات:
1- تشريع متقدم يضمن حرية النقد والوصول إلى المعلومة ويجنب العقوبات السالبة للحرية، لنجد أنفسنا في قلب القانون الجنائي.
2- التنظيم الذاتي للمهنة.
3- إصلاح الإعلام العمومي، بحيث لايبقى بوقا للسلطة.
واعتبر الأشعري، في ختام مداخلته، أن هناك من يدعي أن ما يعرقل التغيير هو رجعية المجتمع مقابل تقدمية الدولة التي لا تريد الفتنة متسائلا كيف يمكن للمجتمع أن يصبح أقل رجعية إذا لم نعمل على تغييره بالتشريع، فالرجعيون الذين نتهمهم باحتجاز مشروع الحداثيين ليسوا هم من اعتقل هاجر الريسوني.