عبد الوافي لفتيت.. مسيرة رجل "بارد" على رأس ملفات ساخنة

©MAP
زكريا شكر الله تيل كيل عربي

عبد الوافي لفتيت، ريفي كتوم، ضليع في الرياضيات، ملقب بـ"المحب للعمل". تسلق عدة مراتب في الإدارة، لا سيما المتعلقة بالموانئ، قبل أن يجد نفسه على رأس وزارة الداخلية.

عند البحث في "غوغل" عن لفتيت، تقتصر النتائج على السيرة الذاتية للرجل، وعلى مقالات حول قضية "خدام الدولة" الشهيرة، كمستفيد من أراضي عمومية بسعر بخس عندما كان واليا على الرباط، وعلى خلافه مع "العدالة والتنمية". إلا أن هذا المهندس الوزير، ذو الخمسين سنة، يحفل بمسار مهني غني.

عند الاستفسار عنه، صرّح لنا أحد الوزراء الذين سبق له الاشتغال معه، أنه "لا يتوفر على معلومات كافية عن السيد لفتيت". ويحكي مسؤول آخر من طنجة، أن لفتيت كتوم ويفضل الابتعاد عن المواجهة وعن الأضواء.

تسلق لفتيت، ابن الناظور وتحديدا بقرية تافريست، السلم الإداري والمراتب في وزارة الداخلية، إلى أن وصل إلى رأسها. وسبق له التعامل مع محمد حصاد، الذي كان واليا على جهة طنجة تطوان، فيما كان لفتيت عاملا على إقليم الفحص أنجرة، بنفس الولاية.

معادلة دون مجهول

ينحدر لفتيت من عائلة متواضعة، تابع دراسته في تطوان. كان عبقريا صغيرا، حسب ما يتذكر السياسي نفسه؛ "وقد حصل آنذاك على ميدالية ذهبية في أولامبياد الرياضيات، خلال الفترة التي كان فيها عز الدين العراقي وزيرا للتعليم. لقد جذب لفتيت الاهتمام إليه، فحصل على منحة من الحسن الثاني لإتمام دراسته".

كما لم يخيب الشاب عبد الوافي لفتيت آمال أسرته ولا وطنه، حيث حصل على دبلومين من مؤسستين فرنسيتين مرموقتين: مدرسة بوليتيكنيك (1989)، والمدرسة الوطنية للقناطر والطرق (1991) بباريس. ثم أتبع ذلك بمسار في "المجال المالي"، كما جاء في قصاصة وكالة المغرب العربي للأنباء، وهو المسار الذي لا توجد حوله أية تفاصيل !

انتبه إلى كفاءة لفتيت، المستشار الملكي الراحل مزيان بلفقيه، الذي كان يحب أن يحاط بخريجي مدرسة القناطر والطرق. لذا شكلت عودة لفتيت للمغرب محطة أساسية في مساره، حيث وضع خبرته في خدمة القطاع العمومي لبلده، وتحديدا في مكتب استغلال الموانئ. إذ، وحسب ما ذكرته سيرته الذاتية، فقد شغل لفتيت منصب مدير موانيء أكادير، آسفي وطنجة بين سنوات 1992 و2002. وهي السنة التي شهدت تعيينه كمدير للمركز الجهوي للاستثمار بطنجة-تطوان. فخلفيته الهندسية، كفاءته وطبعه الكتوم الغير محب للتباهي، وكذا اتقانه لعمله، جعلوا منه مسيرا كفؤا، في بداية عهد محمد السادس.

بدون ربطة عنق

في 17 فبراير 2003، أعطى محمد السادس انطلاقة الأشغال على مشروعه الطموح في منطقة البحر المتوسط؛ ميناء طنجة المتوسط. كان مزيان بلفقيه المشرف على هذا المشروع. لهذا، وشهورا قليلة بعد انطلاق الأشغال، يوم 13 شتنبر بالتحديد، قام الملك بتعيين لفتيت عاملا على منطقة الفحص أنجرة، التي يوجد بها هذا المشروع العملاق.

وفي أكتوبر 2006، عُـيّن لفتيت عاملا على إقليم الناظور. هناك أيضا دار الحديث حول مشروع عملاق آخر هو ميناء "ناظور ويست ميد". وفي مارس 2010، عاد لفتيت لطنجة، لكن هذه المرة كرئيس مدير عام لشركة تهيئة وتطوير منطقة ميناء طنجة المدينة. "لقد أضحى لفتيت رجل الموانئ، الذي يُعيّن كل مرة على رأس مشاريع ضخمة"، حسب المصدر نفسه.

ويحكي لنا أحد الصحفيين، الخبير بمدينة المضيق، عن لفتيت قائلا: "التقيته عدة مرات في تلك الفترة. كان هو من أسس الشركة وقام بالتوظيف". ويتذكر الصحافي: "كان تسيير لفتيت يشبه طريقة 'ستارت-أب'. لم يكن يهتم كثيرا بالتسلسل الهرمي، أكثر ما كانت تهمه الكفاءة. لقد كان منفتحا على زملائه، ولا يرتدي ربطة عنق إلا في الاجتماعات المهمة، لكنه صارم صرامة المهندس المكون في أحسن المدارس".

استمر لفتيت في تسلق المراتب في الوزارة، إلى أن أتت المكافأة بعد أربع سنوات، حيث عين على رأس ولاية الرباط. وهي بمثابة وزارة مصغرة، تكوينا له تكوينا لتولي الوزارة الكبرى، خلفا لمحمد حصاد.

ومن اللافت للنظر، أن تعيين لفتيت، ابن منطقة الريف، على رأس وزارة الداخلية، جاء في الوقت الذي توجد فيه الحسيمة على صفيح ساخن. الملف ساخن إذن لهذا المسير ذو الدم البارد !