مثقفون مصريون يتدارسون إرث المفكر عابد الجابري

و.م.ع / تيلكيل

أجمع مثقفون وباحثون مصريون، مساء أمس الجمعة، بالقاهرة، أن المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري، صرح نظري مشرق في الحركة الفكرية العربية المعاصرة.

وشددوا في مداخلات خلال ندوة أقيمت ضمن فعاليات الدورة ال50 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، تحت عنوان "نقد العقل العربي عند المفكر محمد عابد الجابري"، على أن النتاج الفلسفي الغزير للجابري وفكره الرصين في صوغ أسئلة ومآلات الصراع السياسي، بوأته "مكانة فريدة، في الحقل الفكري والثقافي العربي، طيلة العقود الثلاثة المنصرمة من القرن الماضي".

وأضافوا خلال هذا اللقاء الذي أداره الإعلامي محمود الورواري، أن " تجربة الجابري في الحياة وحضوره في المشهد السياسي المغربي والعربي، مكنته من بناء صرح فكري ونظري فاعل في قلب الحركة الفكرية العربية المعاصرة.".

وفي هذا الصدد، اعتبر أحمد سالم، أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة طنطا، أن محمد عابد الجابري، ساهم في بلورة جملة من المواقف والقناعات الفكرية والتاريخية، في مقاربته للتراث العربي الإسلامي، من زوايا مختلفة، وفي التفكير في مشروع نهضوي عقلاني عربي، مبرزا أن كافة طروحاته الفكرية اللافتة والتي تميزت كلها بطرح أسئلة محورية وعميقة، استطاعت أن تذكي انخراطه الوازن والفاعل، في فضاء الفكر العربي المعاصر.

ورأى سالم أن الجابري بانخراطه النوعي هذا في مجابهة إشكالات العصر الراهن بكافة تجلياته، استطاع أن يرسخ اختياراته وقناعاته الإيديولوجية والفلسفية بشكل معلن وواضح، وهو ما أسهم في بروز اسمه كقامة فكرية ومعرفية قل نظيرها في المشهد الثقافي العربي.

وأشار إلى أن التزام الجابري بالعمل السياسي المباشر، وكذا اهتمامه الفكري بقضايا الصراع الإيديولوجي والسياسي في المغرب وفي الوطن العربي، كل ذلك منحنا "جملة من الاقتناعات الفلسفية الهادفة إلى تطوير المجتمع العربي".

من جانبه، أكد أشرف منصور أستاذ الفلسفة بجامعة الإسكندرية، في مداخلة مماثلة، أن الطروحات الفكرية للجابري، تعد في كثير من أوجهها بمثابة الروح المعبرة عن أنماط من التوتر والتحول التي يشهدها الواقع العربي، مضيفا أن الجابري طرح أسئلة الفكر العربي المعاصر بمنهج تنظيري تنويري لمقاربة كل تمثلات وأشكال الصراع السياسي في الوطن العربي.

ورأى الباحث أن المشروع النهضوي والفكري الذي آمن به محمد عابد الجابري يتسم بإيمانه الراسخ بالوظيفة التاريخية للفكر والمفكر، مما سمح له برسم حدود معينة لمساره الثقافي والسياسي، مشيرا إلى أن الجابري ظل دوما مؤمنا بأن إضاءة أسئلة المجتمع والتاريخ، لا تكون إلا بهدف المساهمة في تغييره وإغنائه.

أما الكاتب السياسي صالح سالم، فأكد أن المسار الفكري لمحمد عابد الجابري، غني وثري بالاقتناعات والتمثلات الفلسفية، التي صنعت خلفيات نتاجه النظري والفكري، إن تعلق الأمر بالطرح الفلسفي أوارتبط بقراءته للتراث، أو صوغه لمواقف وطنية وقومية تتواءم مع مشروع النهضة العربية الذي آمن به.

وسجل أن قراءة التراث عند الجابري عملية بحث عن مقومات الحداثة في تاريخ آخر وسياق آخر مخالف، معتبرا أن هذه الخاصية ، تعد محصلة لتكوينه الفلسفي المتشبع بتصور معين لنزعة فلسفية تمنح المثقف والسياسي امتياز صناعة وتوجيه الأحداث في التاريخ.

ويشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب (23 يناير -5 فبراير المقبل) 748 ناشرا من 35 دولة، من ضمنها المغرب.

وتستضيف هذه التظاهرة في نسختها الحالية جامعة الدول العربية كضيف شرف