بعد أيام من تصريحات لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) السويسري جاني إنفانتينو عن وجوب تحمل المسؤوليات لمعالجة مشاكل الاتحاد الإفريقي ("كاف")، أعلن الطرفان الخميس، عن تعيين الأمينة العامة للأول السنغالية فاطمة سامورا "مفوضة عامة لإفريقيا" لستة أشهر، في خطوة يتوقع أن تحد من نفوذ رئيس الكاف أحمد أحمد.
وواجه الاتحاد القاري في الآونة الأخيرة سلسلة تحديات وأحداث مثيرة للجدل، توجت باستجواب رئيسه من قبل السلطات الفرنسية في شبهات فساد، قبل أيام من انطلاق بطولة كأس الأمم الإفريقية المقامة في مصر بين 20 يونيو و19 يوليو.
وخضع الملغاشي للاستجواب من مكتب مكافحة الفساد التابع للشرطة القضائية الفرنسية في 6 يونيو، خرج منه بعد ساعات حرا من دون توجيه أي اتهامات رسمية له.
وأتى الاستجواب على خلفية تحقيقات بشبهات فساد، لاسيما فسخ من طرف واحد لعقد تجاري مع شركة ألمانية، واستبداله بآخر ذات قيمة مالية أكبر، مع شركة مقرها فرنسا.
والخميس، أعلن الفيفا والكاف في بيان مشترك اتفاقهما على توكيل سامورا بمهمة الإشراف على الاتحاد القاري لستة أشهر تبدأ مطلع غشت المقبل، أي بعد أيام فقط من انتهاء البطولة القارية.
وجاء في البيان أن أحمد اقترح على اللجنة التنفيذية للكاف الأربعاء "طلب خبرة الفيفا لتقييم الوضع الراهن في الهيئة الإفريقية الحاكمة والمساعدة بشكل قاطع في تسريع تطبيق عملية الإصلاح الجارية، والتي تهدف الى ضمان أن الكاف يعمل بشفافية وفعالية مع التزام أعلى معايير الحوكمة".
وبعد موافقة "بالاجماع"، "اتفق الكاف والفيفا على تعيين الأمينة العامة للفيفا فاطمة سامورا بصفة مفوضة عامة (من الفيفا) لإفريقيا+ لفترة ستة أشهر، بدءا من الأول من غشت 2019 وحتى 31 يناير 2020، قابلة للتجديد باتفاق الطرفين".
وفي حين أكد الطرفان إجراء عملية "تدقيق شاملة للكاف" في أقرب فرصة ممكنة، شددا على أن سامورا التي سيعاونها فريق من الخبراء، ستعمل "في روحية شراكة مع الرئيس أحمد وفريقه"، لتولي مهام واسعة تشمل "الإشراف على الإدارة العملانية للكاف بما يشمل الحوكمة والإجراءات الإدارية، ضمان فعالية واحترافية كل منافسات الكاف، دعم النمو وتطوير كرة القدم في كل البلاد ومناطق الكاف".
وستحتفظ سامورا خلال هذه الفترة بمنصبها الدولي، وستفوض مهامها بموافقة من مجلس الاتحاد "على هذا الإجراء الاستثنائي والموقت".
وانتخب أحمد رئيسا للاتحاد القاري في 2017، متفوقا في الانتخابات على الكاميروني عيسى حياتو الذي حكم الاتحاد لنحو ثلاثة عقود، وواجه خلال ولايته اتهامات بالفساد أيضا.
وأتى الاعلان عن تعيين سامورا، متزامنا تقريبا مع مؤتمر صحافي للرئيس الملغاشي للاتحاد القاري، عقده في القاهرة عشية انطلاق كأس الأمم.
وقال أحمد "أنا مرتاح جدا، لكن لا أحب أن أستخدم "أنا". الكاف ليس أحمد، هو منظمة، فريق (...) المكونات موجودة ليكون الكاف ناجحا".
وواجه أحمد في الفترة الماضية سلسلة أحداث دفعت إنفانتينو الذي كان داعما له في انتخابات 2017، الى إبداء انتقادات علنية للكاف.
وقال إنفانتينو في مقابلة مع صحيفة "ليكيب" الفرنسية نشرت في 13 حزيران/يونيو "من الواضح أن ثمة مشاكل في كرة القدم الإفريقية (...) الوضع الحالي يثير قلقي وقلق الفيفا. والعديد من الاتحادات (الوطنية) الإفريقية تطالبنا بالقيام بأمر ما (...) سنتحمل ونتولى مسؤولياتنا".
وردا على سؤال عما اذا كان التغيير في حوكمة الكاف مطلوبا، قال إنفانتينو الذي تولى رئاسة الفيفا مطلع 2016 في أعقاب سلسلة فضائح فساد هزت الكرة العالمية، "سنرى. لن نختبئ خلف حجة +هذا الكاف، وهذه إفريقيا، وهذا الأمر لا يعنينا في الفيفا+. كلا، الأمر يعنينا".
على رغم ذلك، كان فريق أحمد قد أبدى ارتياحه قبيل انطلاق الكاف.
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، قال أحد مستشاريه إن "المحنة التي عاشها الرئيس أحمد باتت خلفه الآن. ليس متهما، ولا توجد بحقه أي ملاحقات"، مضيفا أنه "حر واستأنف نشاطه في الاتحاد الافريقي وترأس مجموعة من الاجتماعات في إطار تنظيم كأس الأمم".
وتم استدعاء أحمد في إطار تحقيق قضائي مفتوح في مرسيليا الفرنسية، يتعلق بإلغاء الكاف في ديسمبر 2017، عقدا مع شركة "بوما" للتزود بتجهيزات وملابس لـ580 متطوعا في بطولة الأمم الإفريقية للمحليين ("شان") التي استضافها المغرب مطلع عام 2018.
وأضاف التحقيق الى سلسلة أحداث مثيرة للجدل في الكرة القارية مؤخرا.
فتنظيم أمم إفريقيا 2019، أكبر نسخة من البطولة القارية بمشاركة 24 منتخبا بدلا من 16، كان معقودا للكاميرون، الى أن رأى الاتحاد القاري أن البلاد غير جاهزة على مستوى البنى التحتية والوضع الأمني غير المستقر، ومنح التنظيم الى مصر في كانون الثاني/يناير الماضي.
أما ثالثة الأثافي فكانت مباراة الإياب للدور النهائي لمسابقة دوري الأبطال بين الترجي التونسي حامل اللقب والوداد البيضاوي المغربي في 31 ماي.
فقد أعلن النادي التونسي فائزا باللقب وتسلم الكأس بعد انسحاب اللاعبين المغاربية احتجاجا على تعطل تقنية المساعدة بالفيديو في التحكيم ("في ايه آر") خلال المباراة على الملعب الأولمبي في رادس، والنتيجة تقديم المضيف التونسي 1-صفر (1-1 ذهابا).
لكن الاتحاد القاري قرر بعد اجتماع طارئ، إعادة مباراة الإياب على أرض محايدة بعد نهاية بطولة كأس الأمم، في خطوة أثارت احتجاج طرفي المباراة لاسيما الجانب التونسي.
وطرح محللون شكوكا حول قدرة أحمد أحمد، على الاستمرار في موقعه على رأس الاتحاد الإفريقي.
ويقول جيمس دورسي من جامعة "اس راجارتنام" للدراسات الدولية في سنغافورة، لفرانس برس إن "مصداقيته الشخصية على المحك، ولكن كذلك مصداقية منظمات عصفت بها خلال العقد الأخير فضائح متتالية".