بشكل مفاجيء، أعلنت وكالة المغرب العربي للأنباء، أمس الاثنين 23 مارس، في بلاغ ضمن نشراتها، عن إطلاق " بطاقتها الصحفية المهنية الخاصة بها"، بعد رفضها ما أسمته "رفض الشروط التي وضعها المجلس الوطني للصحافة". ولم يتأخر المجلس ليرد عليها، اليوم الثلاثاء 24 مارس، ليعتبر أن " ما تضمنه بلاغ الوكالة يشكل خرقا سافرا للقوانين الجاري بها العمل في المملكة المغربية، كما يعتبر سابقة في عمل المؤسسات الوطنية، خاصة وأن وكالة المغرب العربي للأنباء مؤسسة عمومية استراتيجية"، وأن بلاغ الوكالة استغل " ظرفا وطنيا استثنائيا ، ليصفي حسابات شخصية مع المجلس" يقول مسؤول مأذون من المجلس.
دفت "لاماب".. تعبئة "كورونا" وبطاقة خاصة
عمّمت وكالة المغرب العربي للأنباء، التي يديرها خليل الهاشمي الإدريسي، أمس الاثنين 23 مارس، قصاصة جاء فيها أنه في "إطار التعبئة الوطنية الحيوية ضد فيروس كورونا المستجد، والانخراط الإعلامي الحازم لوكالة المغرب العربي للأنباء ضد تفشي كوفيد - 19، تطلق وكالة الأنباء المغربية، طبقا لقانونها رقم 02 - 15، في فصليه 3 و14، بطاقتها الصحفية المهنية الخاصة بها".
وزادت القصاصة أنه "لا يمكن فرض الشروط، التي وضعها المجلس الوطني للصحافة، الهيئة غير الدستورية، والذي لا تتمتع فيه وكالة المغرب العربي للأنباء لا بصفة ناخب ولا بصفة منتخب لمنح بطاقة الصحافة، على صحفيي المرفق العام الذين يخضعون لقانون الوظيفة العمومية والنظام الأساسي لوكالة المغرب العربي للأنباء طبقا للفصل 3 من قانون 13 - 89 للصحفي المهني. وأمام هذه الأزمة الصحية غير المسبوقة التي تعيشها البلاد، سيكون من اللامسؤول عدم تزويد صحافيي وكالة المغرب العربي للأنباء ببطاقة صحافة مهنية تمكنهم من أداء مهنتهم".
وأكدت أنه "في انتظار تعديل القوانين التي تؤسس لهذا المجلس الوطني للصحافة، وخصوصا المرسوم الذي يحدد شروط منح البطاقة، ستكون بطاقة الصحافة المهنية لوكالة المغرب العربي للأنباء هي المعتمدة بالنسبة لصحافيي الوكالة المغربية للأنباء بدل أي بطاقة أخرى".
المجلس الوطني الصحافة: قرار خطير
رد المجلس الوطني للصحافة جاء قويا، حيث أصدر بلاغا يتأسف فيه "أن يضطر في هذا الوقت الذي تتجند فيه كل القوى الحية في البلاد لمواجهة جائحة كورونا، للرد على قرار خطير تدعو فيه مؤسسة عمومية إلى ارتكاب أفعال تقع تحت طائلة القانون الجنائي"، معتبرا أن الوكالة "عللت هذا الخرق القانوني، بمغالطات، يرى المجلس أنه من الضروري توضيحها للرأي العام".
في هذا الصدد، يورد البلاغ أن إدارة الوكالة "تدعي" أن المجلس "هو الذي يفرض 'شروطا لمنح بطاقة الصحافة المهنية'، وهذا غير صحيح، إذ أن المجلس يمنح البطاقة طبقا للمرسوم رقم 121-19 -2، الصادر في الجريدة الرسمية عدد6764 بتاريخ 28 مارس 2019، ويطبق هذا المرسوم ما ينص عليه القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، والقانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة"، مستغربا ما وصفه بـ"جهل أو تجاهل إدارة وكالة المغرب العربي للأنباء، لهذه المقتضيات القانونية، وتعميمها في بلاغ رسمي صادر باسم المؤسسة، بالإضافة إلى تجاوز الاختصاصات الممنوحة لها بمقتضى القانون، التي ليس من حقها تحريف الصفة القانونية للمجلس الوطني للصحافة حيث أن طبيعته القانونية محددة بالظهير الشريف رقم 1.16.24 صادر في 30 من جمادى الأولى 1437 (10 مارس 2016) بتنفيذ القانون رقم 90.13 القاضي بإحداثه".
وزاد بلاغ المجلس أنه "ليس من صلاحيات إدارة الوكالة المطالبة بتغيير قوانين المملكة، بل إن صلاحياتها تظل محصورة في إدارة وتدبير هذه المؤسسة العمومية المنتجة للأخبار".
صفة ناخبي مجلس الصحافة
وحول اعتبار الوكالة أنها لا تتمتع في المجلس الوطني للصحافة، "لا بصفة ناخب ولا منتخب، لمنح بطاقة الصحافة، على صحفيي المرفق العام"، قال بلاغ المجلس إن ذلك "يتضمن مغالطة من طرف إدارة الوكالة، لأن الناخبين والمرشحين لانتخابات المجلس الوطني للصحافة، يمارسون ذلك كأشخاص، وليس كمؤسسات، وهذا واضح في المادة 5 من القانون المحدث للمجلس، بالإضافة إلى أن هذا الموضوع لا علاقة له بمنح البطاقة المهنية، التي ينص القانون أنها تمنح لمن تتوفر فيهم الشروط القانونية، حيث لا تمنح البطاقة للمؤسسات، بل للصحافيين، ولا دخل لأي إدارة في الموضوع، إذ تنص المادة 6 من النظام الأساسي للصحافيين المهنيين، أنه 'تسلم بطاقة الصحافة المهنية من لدن المجلس الوطني للصحافة بناء على طلب من المعني بالأمر'. كما أن هذا القانون لا يميز بين صحافيي القطاع الخاص وصحافيي القطاع العام".
وبالنسبة إلى استناد إدارة الوكالة على المادتين 3 و14 من القانون رقم 02.15 المتعلق بإعادة تنظيم وكالة المغرب العربي للأنباء لإصدار بطاقة بديلة عن تلك الواردة في المادتين 1 و2 من القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، اعتبر المجلس أن في ذلك "مغالطة، إذ تنص المادة 3 من القانون المنظم لعمل الوكالة، فقط، على المهام التي تقوم بها لصالح الدولة، والمادة 14 تنص على لجنة الإستراتيجية واليقظة التكنولوجية، والتي تتكلف بقضايا تقنية، فقط، ولا يرد في هاتين المادتين أي إشارة واضحة أو ضمنية لبطاقة صحافة خاصة بوكالة المغرب العربي للأنباء".
"خرق لاختصاص حصري"
وأكد المجلس الوطني للصحافة أن "القرار الذي اتخذته إدارة وكالة المغرب العربي للأنباء، يعتبر خرقا صريحا للقانون رقم 90.13 المحدث للمجلس الوطني للصحافة، ولاسيما المادة 2 منه، التي تنص على أن منح بطاقة الصحافة المهنية هو اختصاص حصري للمجلس، كما تنص المادة 12 من نفس القانون، على حضور 'ممثل عن وكالة للأنباء عمومية'، اجتماعات لجنة بطاقة الصحافة المهنية وهو ما يحصل فعلا حيث يحضر هذه الاجتماعات ممثل عن وكالة المغرب العربي للأنباء".
وأضاف البلاغ أن صحافيي الوكالة تسلموا ما مجموعه 61 بطاقة، بطاقة صحافية ممنوحة من طرف المجلس، برسم سنة 2020، "حيث تقدموا بملفاتهم، طبقا لما تنص عليه النصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل، لذلك، فادعاء إدارة الوكالة بأن الصحافيين العاملين بها، حرموا من هذه البطاقة، غير صحيح، وهدف هذه المغالطة هو تبرير استصدار بطاقة صحافة بديلة من طرف الوكالة، في انتهاك واضح للقانون"، على حد تعبير المصدر ذاته.
وأوضح المجلس أن "المادة 1 من القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، في تعريف الصحفي المهني المحترف، تؤكد أنه كل 'صحفي مهني يزاول مهنة الصحافة في.... أو وكالات الأنباء، عمومية كانت أو خاصة'، أما المادة 3، فتنص على أنه 'تطبق أحكام هذا القانون على الصحافيين المهنيين ومن في حكمهم العاملين بمرافق الدولة والمؤسسات العامة الإعلامية'.
وينص نفس القانون، في مادته 4، على أنه 'يتم إثبات صفة الصحافي المهني بواسطة بطاقة الصحافة المسلمة إلى المعني بالأمر وفقا لأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه وكذا القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة'".
عقوبات في القانون الجنائي
وزاد البلاغ أن إدارة الوكالة "تخرق" بقرارها منح بطاقة صحافة بديلة، "مقتضيات المادة 12 من القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، الذي ينص على أنه 'يتعرض للعقوبات المقررة في مجموعة القانون الجنائي'، كل من .... 'انتحل صفة صحافي مهني أو من في حكمه لغرض ما دون أن يكون حاصلا على بطاقة الصحافة المهنية' أو قام عمدا 'بتسليم بطاقات مشابهة لبطاقة الصحافة المهنية المنصوص عليها في هذا القانون'. كما أنها تخرق مقتضيات المادة 3 من القانون، 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر الذي ينص على أنه 'تمارس هذه الحقوق والحريات طبقا للدستور وفق الشروط والشكليات الواردة في هذا القانون ووفقا للقانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين والقانون 90.13 المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة'"، ليعتبر أن "ما تضمنه بلاغ الوكالة يشكل خرقا سافرا للقوانين الجاري بها العمل في المملكة المغربية، كما يعتبر سابقة في عمل المؤسسات الوطنية، خاصة وأن وكالة المغرب العربي للأنباء مؤسسة عمومية إستراتيجية"، مشددا على أن "اتخاذ قرار منح بطاقة صحافة بديلة من طرف الوكالة، تحت مبرر التعبئة العامة لمواجهة فيروس كورونا، لا يستقيم، لأنه كان بإمكان صحافيي الوكالة الذين مازالوا لم يستلموا بطاقة الصحافة المهنية التي يسلمها المجلس الوطني للصحافة وفق القانون، الحصول عليها منذ أن أعلن المجلس عن تلقي الطلبات، بتاريخ 10 نونبر 2019، ومازال الأجل مفتوحا".
وخلص البلاغ إلى أنه "لا يمكن استعمال وباء كورونا لخرق قوانين المملكة المغربية، خاصة من طرف مؤسسة عمومية، من المفترض في إدارتها أنها تشتغل طبقا للقانون، وأن تكون الأكثر حرصا على احترام قوانين ومؤسسات الوطن. وبدل ذلك تخرق القانون، وتقدم للرأي العام معطيات مغلوطة، في الوقت الذي كان عليها ألا تسقط في ذلك، حتى تعطي لما تنشر المصداقية، في ظروف تحتاج لتكاثف الجهود لتعميم الأخبار الصحيحة ومحاربة الإشاعات والأخبار الكاذبة".