"صاحب المنزل الذي اكتريه هددني بالطرد إن لم أدفع له واجبات الكراء، لكنني لا أقدر على دفعها، بعدما فقدت عملي بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، دون أن أحصل على أي تعويض أو مساعدة. أنا الآن لا أتوفر على مصاريف الأكل والشرب، فكيف أدفع ثمن الكراء؟ لقد أصبحت عرضة للشارع"، كانت هذه شهادة "حكيمة"، أم لطفلة تبلغ من العمر سبع سنوات، هاجرت إلى تركيا بحثا عن مستقبل أفضل، لكن الحظ لم يبتسم لها، إذ ظلت تشتغل بدون وثائق مما جعلها على رأس من فقدوا عملهم بسبب تفشي فيروس كورونا في تركيا.
لا مساعدة غير الغذاء
عدم توفر "حكيمة" على وثائق وتغطية اجتماعية في تركيا حرمها من الحصول على المساعدات التي خصصتها الحكومة التركية للمتوقفين مؤقتا عن العمل وجعلها عرضة للشارع رفقة ابنتها.
تقول "حكيمة"، في حديث مع "تيلكيل عربي"، إنها لم تتلق أية مساعدة لحد الآن، باستثناء حصولها على بعض مواد التغذية من طرف إحدى الجمعيات التي ينشط فيها مغاربة.
لا تملك "حكيمة" جوابا عن مستقبلها الغامض في تركيا، لكنها ترجو كما تقول أن "تلتفت إليها الحكومة المغربية"، وتضيف "نحن مغاربة ولا يمكن أن يتم رمينا في الشارع هكذا، أرجو أن يصل صوتنا وأن يجدوا لنا حلا".
حكاية "حكيمة"، التي تقطعت بها السبل في تركيا ليست الوحيدة، بل إن عددا غير معروف من المغاربة يعيشون نفس المعاناة، إذ تقول "فاتحة" إن المعيل الوحيد لأسرتها هو زوجها، الذي كان يشتغل حمالا في أسواق الخضر، وقد توقف عن العمل بسبب الجائحة، مما جعل مستقبلهم غامضا في تركيا.
وتضيف "زوجي عمره 68 سنة، ويعاني من مرض السكري، ولا يمكنه مغادرة البيت، بعدما قررت السلطات التركية منع المسنين من الخروج خوفا على حياتهم، لكننا الآن غير قادرين على دفع واجبات الكراء وتأمين حاجياتنا".
من جهته، يقول "محفوظ"، واحد من المغاربة الذين يشتغلون في قطاع الارشاد السياحي بتركيا، إنه توقف منذ مدة عن العمل بعد كساد قطاع السياحة في تركيا بسبب تفشي فيروس كورونا، مبرزا أنه لم يستفد من أي مساعدة لحد الآن.
وعلى خلاف ذلك، يؤكد "سفيان"، مواطن مغربي يشتغل في شركة تصدير تركية، "إنه لازال يحصل على راتبه، رغم الضرر الكبير الذي أصاب الشركة".
ويضيف "لحد الآن، نحصل على رواتبنا، بعدما قررت الحكومة التركية أداء نصف الأجور للعاملين في الشركات المتضررة، على أن تتحمل الشركات النصف الآخر، لكن هذا الوضع قد لا يدوم طويلا، إذ أن الحكومة قررت دعم هذه الشركات لمدة 3 أشهر فقط".
الجالية تدفع التمن
من جهته، يؤكد أيوب سالم، صحافي مغربي وأمين عام المجلس الأعلى للجاليات العربية بتركيا، أن جائحة كورونا أدت لشلل عدد من القطاعات في تركيا، مما كان له تأثير سلبي جدا على مختلف الجاليات المتواجدة في تركيا عموما.
ويشير أيوب سالم إلى أن المغاربة المتضررين جدا من الوضع الحالي هم الذين كانوا يشتغلون بدون تصريح، خاصة عمال المطاعم والعاملين في قطاع السياحة.
وأضاف "الوضع سيء جدا، فهؤلاء المغاربة الذين كانوا يشتغلون في القطاع غير المهيكل وجدوا أنفسهم بدون تأمين وبدون حقوق. لقد أصبحوا عرضة للشارع".
ويؤكد سالم أن عددا من العائلات المغربية يتم طردها بسبب عدم أدائها لواجبات الكراء، كما أن بعضها لم يعد يجد ما يأكل، مما دفع عددا من الجمعيات إلى التدخل من أجل توزيع المساعدات الغذائية في مختلف المحافظات التركية التي يتمركز فيها المغاربة.
ويرى المتحدث أن السلطات المغربية قامت بواجبها فيما يخص المغاربة العالقين، لكنه يأمل أن تلتفت للمغاربة الذين فقدوا عملهم.
من جهته، اعتبر مصدر مسؤول بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن المغرب يتابع أوضاع الجالية ويحاول مساعدتهم على قدر الامكان، لكنه غير قادر على تلبية كل الطلبات، مضيفا أن هذه الجائحة قلبت كل الموازين.