لشكر: وجب أن نكون واضحين في الدفاع عن الحريات الفردية.. وبنكيران لعب أدوارا لضرب التناوب التوافقي

محمد فرنان

قال إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، أنه "بعد 17 سنة من إقرار المدونة، ومن واقع الممارسة، ومن استقراء لما يروج في المحاكم من قضايا كثيرة متعلقة بزواج القاصرات، والطلاق، والنفقة، والإرث، والاغتصاب الزوجي، فقد أصبح ضروريا إعادة فتح ورش مدونة الأسرة من أجل تحيينها بنفس الروح السابقة، أي روح المواءمة بين الشريعة والحكمة، بين الروحي والاجتماعي، بين روح الإسلام باعتباره دافعا نحو الحداثة، وبين روح الحداثة باعتبارها استمرارا نوعيا للرسالات السماوية التي تحض على التضامن والعدل والمساواة".

وأضاف لشكر في كلمته  أمام المجلس الوطني للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، أمس الأحد، أنه "يجب تغيير الكثير من بنود القانون الجنائي التي أصبحت متجاوزة، ويساء توظيفها، أو أنها مكلفة حقوقيا، وخصوصا ما تعلق منها بحماية الحياة الخاصة والحريات الفردية، وإن المتأمل الموضوعي لبعض القضايا المرتبطة بالحريات الفردية، سيقر لا محالة أن النساء هن من يدفعن الثمن الأكبر للقصور الذي يشوب حماية الحقوق الفردية، سواء في الإطار القانوني، أو في الممارسات الاجتماعية".

وتابع: "وانطلاقا من إيماننا بحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها، والتي لا نرى فيها أي تعارض مع روح الدين الإسلامي الحنيف، انطلاقا من أفق رشدي (نسبة لفيلسوف الحداثة في زمنه أبي الوليد ابن رشد) لا يرى تعارضا بين الحكمة والشريعة، وانطلاقا من أفق مقاصدي كان واحدا من أهم ممارسات الفقهاء المغاربة قبل غزو الأفكار الوهابية المتنطعة، والذين كانوا يغلبون المصلحة، فحيثما كانت المصلحة فثمة شرع الله، والمصلحة هنا هي مصلحة المجتمع وتطوره على قواعد الإنصاف والمساواة".

الحريات الفردية

وشدّد على أنه "انطلاقا من كل هذا وجب أن نكون واضحين في الدفاع عن الحريات الفردية، التي للأسف تدفع النساء ثمن عدم احترامها وعدم التنصيص على حمايتها قانونيا، ونساء الهامش هن أكثر من يدفع الثمن وصما وتشهيرا".

ودعا إلى  "تنزيل خلاصة المشاورات التي أمر بها الملك فيما يخص ملف الإيقاف الإرادي للحمل ( ولا نقول الإجهاض الذي له دلالة قدحية)، ولو أن لنا بعض الملاحظات، فإننا نعتبر تغيير الترسانة القانونية من أجل إباحة توقيف الحمل في الحالات التي تم التوافق حولها ، سيكون مكتسبا من شأنه أن يوقف كثيرا من المآسي، خصوصا المرتبطة بالحمل الناتج عن جرائم الاغتصاب، أو الحمل الذي يهدد حياة الحامل".

ولفت إلى أنه "لا يسع المجال لحصر كل الحالات التي تتطلب تغييرا من مثل راهنية تجريم زواج القاصرين والقاصرات، وتجريم الاغتصاب الزوجي، وتجريم منع الفتيات من إكمال دراستهن، وتوسيع مجال منح المغربية المتزوجة من أجنبي للجنسية المغربية، وأحقية المرأة المطلقة الكفيلة في استخراج جواز السفر لأبنائها القاصرين وباقي الوثائق الإدارية التي ما زالت تتطلب إذن الأب أو موافقته، وتوقيف منع النساء من ولوج الفنادق لوحدهن، فهناك سيدات يتعرضن للطرد من بيوتهن في وقت متأخر من الليل وترفض الفنادق استقبالهن بدعوى أن بطاقتهن الوطنية تتضمن عنوانا في نفس مدينة الفندق، كما أن بعض النساء يكن قد غادرن المدينة التي توجد ببطاقة تعريفهن دون تغيير البطاقة، غيرها كثير من القضايا".

أصبح لسانه لينا مع الحكومة

وفي رده على عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة سابقا، دون ذكر اسمه، أفاد أنه "حتى من يتاجرون بالإيمان، الذين يسمحون لأنفسهم بتقديم الدروس حول ما يسميه زعيمهم المؤامرات التي تتعرض لها الحكومات من طرف المعارضة، حتى أصبح لسانه لينا مع الحكومة، وفظا مع المعارضة رغم أنه للأسف محسوب عليها".

وأورد أنه "ناسيا الأدوار التي قام بها لضرب تجربة التناوب التوافقي وهي الحكومة التي كانت لها شرعيات لم تكتسبتها أي حكومة سابقة أو لاحقة، رغم أنها منبثقة من دستور كانت به قيود كثيرة: شرعية انتخابية، وشرعية سياسية باعتبارها نتاج مسار حوالي عشر سنوات من المفاوضات حول الانتقال الديموقراطي، وشرعية شعبية كان ينطق بها لسان الشارع الذي عقد عليها آمالا كثيرة".

وأوضح أنه "لقد تركنا كل هذا الماضي وراءنا، وهو ماض مشرف، فلله الحمد أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لم يولد في مختبرات الداخلية يوم كانت هي أم الوزارات، وتركنا هذا الماضي وراءنا، وانخرطنا في سياق مغرب آخر، هو مغرب العدالة الانتقالية، وقدمنا كل التسهيلات لهذا المشروع الوطني الكبير، وللتذكير فإن أكبر رقم من ضحايا الانتهاكات الحسيمة لحقوق الإنسان التي عالجتها هيئة الإنصاف والمصالحة، كان رقم الضحايا الاتحاديات والاتحاديين".